طائرات سورية تقصف «مثلث الشمال» وتضرب ثلاثة مستشفيات

غارات على ريفي حماة وإدلب بغياب القاذفات الروسية

TT

طائرات سورية تقصف «مثلث الشمال» وتضرب ثلاثة مستشفيات

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الطائرات السورية استأنفت الجمعة قصف مناطق متفرقة من ريفي إدلب وحماة، في وقت أفيد بتعرض ثلاثة مستشفيات لقصف عنيف.
وأضاف المرصد، الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، إن الطائرات الحربية السورية نفذت ما لا يقل عن 31 غارة جوية على كل من ركايا سجنة ومحيط الشيخ مصطفى وبسقلا وحاس وكفرنبل ومعرة حرمة وصهيان وخان شيخون وبسيدا وأرمنايا، وأطراف البوابية بريف حلب الجنوبي الغربي.
وتابع المرصد أن الطيران المروحي ألقى أكثر من 12 برميلا متفجرا على اللطامنة ومحيط كفرزيتا والصياد بريف حماة الشمالي، ما أسفر عن سقوط جرحى في اللطامنة، في حين تواصل الطائرات الروسية غيابها عن أجواء المنطقة منذ منتصف الليل، بينما جددت قوات النظام قصفها على ريف حماة الشمالي مستهدفة قرية الزكاة بالقذائف الصاروخية.
جاء ذلك بعد هدوء نسبي تشهده المنطقة منذ ما بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة.
ومنذ 25 أبريل (نيسان) الماضي، بدأت قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم من القوات الجوية الروسية، حملة واسعة النطاق ضد فصائل المعارضة في حماة وإدلب، آخر معاقل المعارضة الرئيسية في سوريا.
وقد تسبب التصعيد الأخير في سوريا التي مزقتها الحرب في نزوح الآلاف من الناس وأثار مخاوف من انهيار هدنة مدتها ثمانية أشهر تقريباً في إدلب.
وكانت موسكو وأنقرة قد أبرمتا في سبتمبر (أيلول) العام الماضي اتفاقاً لوقف إطلاق النار لمنع هجوم قوات الحكومة السورية على إدلب.
وتعرضت ثلاثة مستشفيات لغارات شنتها قوات النظام، رغم أنها باتت خارج الخدمة جراء ضربات سابقة، بينما تسبب القصف على مناطق عدة بمقتل خمسة مدنيين على الأقل وفق ما أحصى المرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «عاودت طائرات النظام الحربية استهداف ثلاثة مستشفيات في ريف إدلب الجنوبي» تعرضت لقصف خلال الأسابيع الماضية.
وأفاد عن «استهداف مشفى في بلدة حاس بشكل مباشر، بينما طاولت الضربات منازل سكنية في محيط مشفيين آخرين في مدينة كفرنبل» من دون أن تسفر عن سقوط قتلى كون هذه المستشفيات «خارجة من الخدمة جراء قصف جوي سابق».
وقال المسؤول في منظمة إغاثية محلية عبيدة دندوش إن القصف على كفرنبل أدى إلى تدمير جزء من مشفى كفرنبل الجراحي، الذي سبق أن تعرض لغارة روسية أدت إلى تدمير الجزء الأكبر منه.
وقتل أربعة مدنيين الخميس بينهم طفلان جراء غارات لقوات النظام على مدينة خان شيخون وحاس وكفرنبل، بينما قتلت طفلة جراء غارة روسية على أطراف بلدة البارة.
ورجّح المرصد ارتفاع حصيلة القتلى لوجود جرحى «في حالات خطرة».
وتتعرّض منطقة إدلب ومحيطها، التي تديرها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وتؤوي نحو ثلاثة ملايين نسمة، لتصعيد في القصف منذ أكثر من شهرين، يترافق مع معارك عنيفة تتركز في ريف حماة الشمالي.
وألحق القصف والغارات منذ نهاية أبريل، وفق الأمم المتحدة، أضراراً بـ25 مرفقا طبيا على الأقل و45 مدرسة في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي.
وقتل خمسة مسعفين في الأسبوعين الأخيرين من يونيو (حزيران) جراء قصف جوي طاول على دفعتين سيارتي إسعاف كانوا فيها في ريف إدلب الجنوبي.
ودفع التصعيد نحو 330 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم، وفق الأمم المتحدة التي أبدت خشيتها من حدوث الأزمة الإنسانية الأسوأ خلال سنوات النزاع الثماني.
وقتل منذ نهاية أبريل أكثر من 500 مدني جراء الغارات والقصف السوري والروسي، بالإضافة إلى 857 من الفصائل الجهادية والمقاتلة و722 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
وكانت المنطقة شهدت هدوءاً نسبياً بعد توقيع اتفاق روسي - تركي في نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح بين قوات النظام والفصائل، لم يُستكمل تنفيذه. إلا أن قوات النظام صعّدت منذ فبراير (شباط) قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».