نتنياهو يعد بتسهيلات لقطاع غزة والجيش الإسرائيلي يتدرّب على احتلاله

TT

نتنياهو يعد بتسهيلات لقطاع غزة والجيش الإسرائيلي يتدرّب على احتلاله

في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة الإسرائيلية عن تقديم تسهيلات تخفف من الحصار المفروض على قطاع غزة، في إطار تفاهماتها مع حركة «حماس»، كشف الجيش الإسرائيلي عن تدريبات مكثفة يقوم بها للحرب القادمة، مركزاً على خططه الهجومية لإعادة احتلال مناطق واسعة في القطاع.
وقالت مصادر في الحكومة الإسرائيلية إنها خففت، في الأشهر الأخيرة، جزءاً يسيراً من حصارها على قطاع غزة. فبالإضافة إلى إدخال الأموال القطرية بقيمة 30 مليون دولار في الشهر، وإدخال الوقود بغرض زيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي، وتوسيع نطاق الصيد في البحر المتوسط، أقدمت السلطات الإسرائيلية أيضاً على إزالة بعض المواد من «القائمة السوداء» للبضائع، التي يمنع إدخالها للقطاع، وزيادة قائمة المنتجات الغزّيّة التي تصدّر للخارج، بالإضافة إلى زيادة عدد التجّار الذين يدخلون لإسرائيل.
وذكرت المصادر أنّ إسرائيل رفعت 18 مادّة من «القائمة السوداء»، أبرزها الكوابل الفولاذيّة التي تستخدم في قوارب الصّيد الكبيرة، وحظرتها في الماضي بزعم أنه يمكن استخدامها في حفر الأنفاق، وبعض الأسمدة الزراعية، التي لا يعرف سبب منعها حتى الآن. كما سمحت، مؤخراً، بتصدير أبواب حديديّة صنعت في القطاع، وأدوات منزلية من الألمنيوم، ومناديل وألعاب أطفال. وخفّضت أعمار التجار الذين يرغبون في الدخول عبر المعابر الإسرائيليّة، من 35 على الأقل إلى 25 على الأقل، ورفعت عددهم إلى 5000 تاجر سنوياً، يجتازون المعابر الإسرائيليّة، في طريقهم إلى الضفّة الغربية أو الخارج.
وقالت المصادر أيضاً إن السلطات الإسرائيلية تدرس السماح ببناء منطقة صناعية على الحدود مع قطاع غزة، قادرة على تشغيل 5000 عامل، بتمويل من الحكومة القطريّة، بعد التفاهمات التي توصلت إليها مع قطر و«حماس»، بشأن ضمان فرض رقابة إسرائيلية صارمة على المنطقة الصناعيّة والمواد المصنّعة فيها. وتقرر أن تتركّز فرص العمل الجديدة في مجالات الزراعة والنسيج والطعام والأثاث، غير أن ذلك مشروط بـ«الحفاظ على الأمن في المنطقة».
وإزاء الانتقادات الشديدة التي تطلقها قوى اليمين في الائتلاف الحكومي ضد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بسبب هذه التسهيلات، نشر مكتبه تهديدات جديدة، قال فيها إن «إسرائيل تريد أن يعود الهدوء إلى البلدات المحيطة بقطاع غزة، ولكنها بالتوازي تستعد لشن عملية عسكرية واسعة النطاق عليه».
وفي السياق، قال مصدر أمني إسرائيلي، إن جيش الاحتلال «يحاول السماح بإدخال مساعدات دولية لتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، غير أنه لن يتسامح مع استمرار العنف على السياج الأمني الفاصل».
من جهتها، كشفت قيادة الجيش الإسرائيلي عن تدريبات أجراها جنوده وضباطه في اللواء الجنوبي، في الأسبوع الجاري، لاحتلال عدة بلدات وأحياء مأهولة بالسكان. وأوضحت أن سلاح الهندسة أقام المباني على طريقة البناء في قطاع غزة، وتدرب على «احتلال هذه الأحياء بأقل قدر من الخسائر في صفوف الإسرائيليين، وأكبر قدر من الخسائر في صفوف المسلحين الفلسطينيين ومواقعهم واستحكاماتهم». وأضافت: «نعرف أن الاجتياح البري سيكلفنا ثمناً باهظاً، ولكنه سيكلفهم ثمناً باهظاً أكثر بعشرات ومئات الأضعاف. فالجيش سيُدخل إلى المعركة أسلحة وأجهزة ووسائل قتالية حديثة مفاجئة».
في غضون ذلك، ذكرت الدائرة الإعلامية لحركة «حماس» في الضفة الغربية والقدس، أنها رصدت وقوع 2017 انتهاكاً إسرائيلياً بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم؛ خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي وحده. وقالت في بيان عممته، أمس الجمعة، إن «الشهر الماضي شهد إعدام فلسطينيين، وإصابة 173 برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، واعتقال 401 فلسطيني؛ من الرجال والنساء والأطفال، فضلاً عن اعتداءات وانتهاكات المستوطنين». وتابعت بأن مناطق الضفة والقدس شهدت 413 عملية اقتحام، تخللتها مداهمة 180 منزلاً، وإقامة 303 حواجز عسكرية ثابتة ومؤقتة.
وأضافت: «كان لمدينة القدس النصيب الأكبر من الانتهاكات خلال يونيو؛ حيث شنت قوات الاحتلال حملات اعتقال جماعية طالت العشرات من المقدسيين. وشهد المسجد الأقصى المبارك اقتحامات متواصلة، وتعرض 25 منزلاً للهدم والتدمير».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».