«انتفاضة الفلاشا» تتواصل لليوم الثالث في إسرائيل

قارنها الإعلام بهبّات اليهود الشرقيين في حيفا مطلع الخمسينيات

إشعال نار وإغلاق طرق في نتانيا الساحلية احتجاجاً على قتل رجل شرطة ليهودي إثيوبي (أ.ف.ب)
إشعال نار وإغلاق طرق في نتانيا الساحلية احتجاجاً على قتل رجل شرطة ليهودي إثيوبي (أ.ف.ب)
TT

«انتفاضة الفلاشا» تتواصل لليوم الثالث في إسرائيل

إشعال نار وإغلاق طرق في نتانيا الساحلية احتجاجاً على قتل رجل شرطة ليهودي إثيوبي (أ.ف.ب)
إشعال نار وإغلاق طرق في نتانيا الساحلية احتجاجاً على قتل رجل شرطة ليهودي إثيوبي (أ.ف.ب)

استمرت المظاهرات الجماهيرية الضخمة التي أطلقها اليهود الإثيوبيون (الفلاشا) في إسرائيل احتجاجاً على مقتل الشاب الإثيوبي، سولومون تاكه (18 عاماً)، برصاص ضابط شرطة إسرائيلي أبيض، لليوم الثالث على التوالي واتسعت لتشمل عشرات ألوف المواطنين في جميع البلدات التي يعيشون فيها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. وصار الإعلام يتحدث عنها كانتفاضة الفلاشا ضد السلطات الإسرائيلية. ويقارنونها بالهبات الشعبية المماثلة، التي أقامها اليهود الشرقيون في حيفا في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، احتجاجاً على العنصرية ضدهم.
وصاح أحد المتحدثين في المظاهرات في وجه الشرطة الإسرائيلية قائلاً: «اعترفوا بأنكم تمارسون ضدنا سياسة أبرتهايد البيض اليهود ضد السود اليهود». وقام بعض المتظاهرين بإغلاق المفارق والطرقات، خصوصاً في منطقة خليج عكا، حيث يسكن أهل الشاب القتيل وكذلك الضابط المشتبه بالقتل. واتسع نطاق الاحتجاجات، منذ مساء الاثنين وبشكل أكبر يومي أمس وأول من أمس، الثلاثاء والأربعاء. وشمل مفرق عسقلان في الاتجاهين، إضافة إلى شارع «4» على مفرق «يفني» في الاتجاهين، وشارع «25» من مفرق «نتيفوت» حتى «بيت هغدي» في الاتجاهين، وشارع «40» في الاتجاهين، ومفرق «متسادا»، ومفرق «رحوفوت» في بئر السبع، والشارع الرئيسي في تل أبيب، وهي كلها مناطق معروفة بكثافتها السكانية العالية ومرور عشرات ألوف السيارات في كل ساعة، مما تسبب في أضخم أزمة مرورية عرفتها إسرائيل في العقود الأخيرة.
وفي خليج عكا، نظم الإثيوبيون ثلاث مظاهرات، إحداها في بلدة قريات آتا، وأخرى في «قريات حايم» وثالثة مفرق «متام» (مركز الصناعات والعلوم) جنوبي حيفا. وعمد متظاهرون ملثمون إلى إضرام النيران في حاويات القمامة والإطارات وقذفوا رجال الشرطة بالحجارة، وأصابوا ثلاثة منهم. وتوجه عدد منهم نحو منزل ضابط الشرطة، المشتبه بإطلاق النار القاتل، والذي حولته المحكمة إلى الحبس المنزلي، واحتجوا على عدم سجنه. ورفضوا ادعاءه بأنه لم يطلق الرصاص على الجزء الفوقي من جسد الضحية، بل على الأرض، فانزلقت الرصاصة وطارت نحو جسده، وهي رواية تذكر بالروايات التي يطرحها رجال الشرطة عادة عندما يكون الضحية عربياً.
وكان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وبعد صمت طويل دام يوماً كاملاً، قد «عبر عن أسفه لمقتل تاكه»، وأرسل التعازي لعائلته. وأضاف أنه تحدث مع القائم بأعمال المفتش العام للشرطة، الذي تعهد ببذل الجهود للوصول إلى الحقيقة بأسرع وقت. وقال نتنياهو أن «الطائفة الإثيوبية عزيزة عليه، وأن حكومته تبذل جهوداً كبيرة في السنوات الأخيرة لدمجهم في المجتمع الإسرائيلي». ولكن وزير الأمن الداخلي في حكومته، جلعاد أردان، هدد بخطوات تصعيدية لوقف حدة المظاهرات.
الجدير ذكره أن في إسرائيل نحو 100 ألف يهودي من أصول إثيوبية. وهم يشكون من تعامل عنصري من اليهود البيض في كل المجالات. ويصطدمون بالاستعلاء في المدارس ورياض الأطفال. نسبة الفقر بينهم عالية وكذلك البطالة والأمية. ومع أن نسبتهم من السكان تبلغ 2 في المائة، فإن نسبتهم بين المعتقلين الجنائيين تصل إلى 20 في المائة. ومنذ أن تم جلبهم إلى إسرائيل، قتلت الشرطة 15 شاباً منهم. وتقول أيلا لامنش، إنها كشابة إثيوبية تعاني السياسة العنصرية منذ الصغر، لكنها شعرت بها بشكل كبير عندما تزوجت من إسرائيلي أبيض. في البداية تجاهلا نظرات التحقير والإهانات، ولكن عندما قررت إدخال ابنها إلى حضانة أطفال ورفضتها الحضانة تلو الأخرى، لم تعد قادرة على السكوت. وشكت إثيوبية أخرى من أن وزارة الصحة الإسرائيلية تمتنع حتى الآن عن قبول تبرعات بالدم من الإثيوبيين.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.