«التيار» و«الاشتراكي»... تاريخ من الخصومة والنزاع السياسي

الخلافات تعود إلى زمن الحرب وصولاً لمعركة رئاسة الجمهورية

TT

«التيار» و«الاشتراكي»... تاريخ من الخصومة والنزاع السياسي

رغم المساعي التي بذلت على مر السنين لتحقيق المصالحة وحد أدنى من التفاهم بين «التيار الوطني الحر» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، فإن كل استحقاق سياسي أو أمني تشهده البلاد، كان يؤكد أن الحزبين لم يتجاوزا الصراع التاريخي بينهما الذي اتخذ طابعاً دموياً في الحرب وتطور ليتخذ أشكالاً متعددة في زمن السلم.
فمع عودة رئيس الجمهورية الحالي العماد ميشال عون من المنفى الباريسي في عام 2005 بعد اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، ومشاركته فيما عُرفت وقتها بـ«ثورة الأرز» التي مهدت لخروج الجيش السوري من لبنان والتي كان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط شريكاً أساسياً فيها، ظن كثيرون أن الزعيمين المسيحي والدرزي تركا خلافاتهما السابقة وراءهما وفتحا صفحة جديدة من التعاون. إلا إن انتخابات 2005 التي شهدت «الحلف الرباعي» الشهير الذي ضم جنبلاط و«حزب الله» و«أمل» و«المستقبل» وخاض المواجهة في وجه عون، كانت أول مؤشر لاستمرار المواجهة العونية - الجنبلاطية التي اتضحت معالمها أكثر مع توقيع «التيار» ورقة تفاهم مع «حزب الله» في عام 2006، ليستكمل الأول مساره السياسي الأقرب إلى قوى «8 آذار» في وجه قوى «14 آذار».
وشكّل «اتفاق الدوحة» الذي نتج عنه تفاهم القوى السياسية على انتخاب قائد الجيش حينها العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، محطة أساسية رسخت الخلاف بين عون وجنبلاط الذي كان رأس حربة ضد أي تفاهم يقضي بتسمية عون رئيساً.
وبعد انتخابات عام 2009 وما تلاها من تقرب جنبلاط مما يُعرف بـ«محور المقاومة» ومشاركته في الحكومة التي ترأسها نجيب ميقاتي بعد إسقاط حكومة سعد الحريري، شكّلت زيارة عون إلى الشوف وتجوله في مناطق الجبل بسيارة جنبلاط نقطة تحول كبيرة في علاقة الزعيمين اللذين تحدثا وقتها عن تثبيت خط المصالحة والسلام. واستمرت الهدنة على الجبهتين العونية والجنبلاطية حتى شغور موقع رئاسة الجمهورية ووقوف رئيس «التقدمي الاشتراكي» مجدداً في صف المعارضين لانتخاب عون رئيساً.
ومع تسليم عون رئاسة حزبه لوزير الخارجية الحالي جبران باسيل، لم يتغير شيء في علاقة قيادتي «التيار» و«الاشتراكي»؛ إذ بقي الود مفقوداً بين جنبلاط وعون كما بين جنبلاط وباسيل. وتدهورت العلاقة بين الحزبين مع إقرار قانون الانتخاب الذي اعتمد النسبية والصوت التفضيلي، وعدّ جنبلاط أنه يهدف لتحجميه. وتواصل النزاع بين بعبدا والمختارة (بلدة جنبلاط) خلال تشكيل الحكومة ودعم «التيار» مطلب رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان الحصول على مقعد من أصل 3 مقاعد للطائفة الدرزية في الحكومة الحالية. ورغم موافقة جنبلاط على التنازل عن أحد المقاعد الدرزية لتسهيل تشكيل الحكومة، فإن الهوة كانت قد اتسعت كثيراً بين الفريقين، مما انعكس سجالاً مستمراً بينهما على ملفات حكومية شتى؛ أبرزها ملف الكهرباء.
في هذا الجو لم يكن مستغرباً توقع رد فعل سلبي لجمهور «التقدمي الاشتراكي» على زيارة باسيل الأخيرة إلى مناطق ذات غالبية درزية وجنبلاطية، خصوصاً أنها تزامنت مع حديث عن محاولات للحد من حصة «الاشتراكي» في التعيينات المرتقبة.
ويصف عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ألان عون العلاقة الحالية مع «الحزب الاشتراكي» بـ«غير المستقرّة، وقد تكون درجة الحساسية العالية فيها ناتجة عن اختلاف في أسلوب إدارة البلد»، لافتاً إلى أن «وصول العماد عون إلى سدّة الرئاسة وتغيّر موازين القوى في المجلس النيابي والحكومة، قد يكون أزعج كثراً في البلد؛ ومنهم (الاشتراكيون)». وينفي النائب عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» كل ما يحكى عن نوايا لدى العونيين لتحجيم جنبلاط أو غيره، موضحاً أن ما يحدث هو «من مفاعيل النسبية التي أعادت توزيع التمثيل داخل كل الطوائف؛ وليس فقط عند الدروز، وكرّست مواقع لمختلف القوى، دون أن ننسى أن تحالفنا مع النائب طلال أرسلان كان سابقاً لهذه المرحلة واستمرّ، وهذا يجب ألا يصوّر كأنه استهداف لأحد».
في المقابل، تستغرب مصادر «الحزب التقدمي الاشتراكي» الحديث عن غياب الود مع «التيار الوطني الحر» وتقول: «لم ننكر يوماً الحيثية السياسية والتمثيلية لـ(التيار الوطني الحر) ولو أن هناك خلافات عميقة بيننا في القراءة السياسية لعدد من الملفات الداخلية والخارجية. فبعد توافق الكتل الكبرى على انتخاب الرئيس عون، صوّت قسم كبير من نواب (اللقاء الديمقراطي) له انطلاقاً من اقتناعنا في تلك المرحلة بضرورة إخراج البلد من مرحلة الفراغ الرئاسي، لكن من المفيد أن يدرك (التيار) اليوم طبيعة التركيبة السياسية في لبنان، وهي تركيبة دقيقة مرتكزة على موازين قوى معينة تفرضها طبيعة النظام السياسي والتركيبة اللبنانية».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».