من هم «المهاجرون الصالحون» ومن «المهاجرون الطالحون»؟

من هم «المهاجرون الصالحون»  ومن «المهاجرون الطالحون»؟
TT

من هم «المهاجرون الصالحون» ومن «المهاجرون الطالحون»؟

من هم «المهاجرون الصالحون»  ومن «المهاجرون الطالحون»؟

كان مقرراً أن يكون اسم هذا الكتاب «مهاجر صالح... مهاجر طالح». لكن، مع غضب الأميركيين على الأجانب والمهاجرين، وهو غضب كان تحت السطح حتى جاء الرئيس دونالد ترمب وأشعله عالياً، ركز العنوان على «المهاجر الصالح».
تقول مقدمة الكتاب: «صارت تجربة المهاجرين حزينة، منطقياً؛ لأنها لا يمكن أن تكون سعيدة، على الأقل في بدايتها. لهذا، نجحت الكتب التي كتبت عنهم، والأفلام التي أخرجت عنهم، والأغاني التي تغني عنهم. يظل المهاجرون رديئين افتراضياً، حتى يثبتوا عكس ذلك... إنهم يسرقون الوظائف من أهل البلد، ويحتالون، ويتاجرون في المخدرات، ويغتصبون الأميركيات (كما قال الرئيس ترمب عن المكسيكيين)».
وتضيف المقدمة: «فقط عندما يفوز أجنبي بميدالية أولمبية، وعندما يعالج طبيب أجنبي تخرج حديثاً في كلية طب الأميركيين بمستشفيات ريفية، وعندما ينقذ أجنبي طفلة أميركية من تحت عجلات قطار تحت الأرض، يصبح هؤلاء مهاجرين صالحين». (من هنا جاء اسم الكتاب المعدل).
يحوي الكتاب انطباعات عدد من الأجانب الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة، بعضهم قبل 5 سنوات، وبعضهم قبل 50 سنة. كلهم بارعون في الكتابة، وكتبوا عن تجاربهم في أميركا، قبل ومع ترمب.
شيغوزي ابيوما (نيجيريا) يبدأ انطباعاته بمثل من قبيلة الابغو التي ينتمي إليها؛ معناه أن «الذي يقدر على صعود الجبل يمكن أن يقدر على أن يطير (ليس عملياً، ولكن ذهنياً)». ويقصد أنه واجه الاختلافات (والتحديات) في الولايات المتحدة بزيادة الثقة بنفسه.
وروت فاطمة أشقر (تركيا) قصتها مع سائق سيارة «أوبر» في نيويورك هاجر من كشمير، وحكى لها عن الإسلام والمسلمين هناك، وما كانت تتابع مثل هذه المواضيع.
وكتب ألكساندر تشي (كوريا الجنوبية) عن هجرته إلى الولايات المتحدة بينما ظل قلبه في كوريا... لكن، مع مرور السنوات، قلّ الرابط الكوري. وعندما زار كوريا آخر مرة، أحس أنه لا ينتمي إليها، وشعر بالغربة وسط أفراد عائلته، خصصواً، عندما قال له شقيقه إنه يجب أن يحدد ما إذا كان كورياً، أم أميركياً. وفي الحال؛ أعلن أنه أميركي. واستقل الطائرة من مطار سيول، وألقى نظرة أخيرة على سيول، متأكداً من أنه لن يعود.
وتحدث تيجو كول (نيجيريا) عن مجموعتي «النمر الأسود»، و«الفهد الأسود». وكان قصده أن يسأل: «ما أهمية اللون الأسود؟»، وقال إنه، عندما كان في نيجيريا، لم يكن أحد يصفه بأنه «أسود»، ولا كان ينظر إلى وجهه في المرآة كل صباح، ويعلن (أو يتأكد) من أنه أسود.
وتذكر داني فرنانديز (من المكسيك): «كانت تجلس أميركية شقراء إلى جواري في الفصل، عندما دخلت مدرسة أميركية لأول مرة. وكانت تضايقني بسبب اسمي الأخير، وتكرر: (فرنانديز، فرنانديز، فرنانديز). ومرة سألتني عما إذا كان البستاني الذي يروي حديقة منزلهم، ويقطع نجيلتها، ويقتل أعشابها، هو والدي. فقلت لها إن والدي خبير في شركة إعلانات».
وتتذكر فاطمة ميرزا (من باكستان) يوم جاءت جارتهم الأميركية إلى منزل العائلة المهاجرة، وقدمت لهم هدية كانت عبارة عن حلوى «سكيتيل». فاستغربوا، واندهشوا، ليس فقط لأنه لم تكن هناك مناسبة للهدية، ولكن، أيضاً، لأن حلوى «سكيتيل» ليست مفضلة وسط الصغار والكبار.
بحثت فاطمة ميرزا، ووجدت أنه قبل أيام قليلة غرد دونالد ترمب الابن في صفحته على «تويتر» وهاجم الأجانب والمهاجرين. وسأل: «إذا أعطوك قطعاً من حلوى (سكيتيل) وقالوا لك إنها سامة، هل تأكلها، حتى إذا لم تكن سامة؟». كان ترمب الابن يتحدث عن زيادة أعداد المهاجرين من سوريا إلى أميركا، بسبب الأحداث في سوريا. وكان يقصد أنه حتى إذا لم يكونوا إرهابيين، فيجب أن يتحاشاهم الأميركيون.
وقالت فاطمة ميرزا إن والدها ووالدتها «اللذين يخيفهما أي شيء أميركي»، اعتقدا أن حلوى الجارة سامّة، ولم يعرفا أن الجارة حاولت أن تخفف من خوفهم من مثل تغريدات ترمب الابن. وأضافت ميرزا: «أحد الأقوال التي تقولها والدتي دائماً بعد هذا النوع من التصرفات المعارضة للمهاجرين، هو: (سنتسلق إلى قمة الجبل، ونكون أحسن قدوة، بدلاً من أن نبقى في أسفل الوادي، يلطخوننا بالوحل، ونلطخهم بالوحل».
وكتب باسم عثماني (من تركيا) عما حدث له وهو في طريق عودته إلى الولايات المتحدة عبر شلالات نياغرا الكندية. سأله شرطي الأمن الكندي: «ما درجة إسلامك؟»، فعلق عثماني: «كأنما الإسلام يمكن أن يقاس من واحد إلى عشرة». وأضاف: «أخاف من رموز من أشخاص يطبقونها عليّ وهم لا يعرفونني».


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية
TT

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية

«التسامح في الإمارات»... الأبعاد والجذور التاريخية

فضاءات ومحاور بحث معمق، متخصصة في عوالم التعايش والتناغم المتأصلة والمؤتلِقة ضمن مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، يناقشها ويقاربها كتاب «التسامح في الإمارات... سيرة جديدة وضّاءة للأخوة الإنسانية (شهادات وقصص بطلها الآخر)»، للصحافي والباحث السوري رفعت إسماعيل بوعساف، الصادر، أخيراً، عن دار «ميتافيرس برس» للنشر. ويعرض المؤلِّف أبرز شواهد تآلف وتقارب حضارات وأديان وثقافات، موضحاً أهم المقومات التي امتازت بها وعلى رأسها: تجذّر التواصل والانفتاح في المجتمع، وتمسك قادة الإمارات بالقيم الإنسانية، وسماحة أهلها واتسامهم بالوسطية والاعتدال، والمشروعات والمبادرات النوعية الكفيلة بترسيخ التسامح محلياً وعالمياً (مثل: وثيقة الأخوة الإنسانية، وبيت العائلة الإبراهيمية، ووزارة التسامح، والمعهد الدولي للتسامح، والأعمال والمبادرات الخيرية المتنوعة).

يتضمن الكتاب، الواقع في 411 صفحة، على أربعة أبواب رئيسية، وخاتمة تضم مقترحات وتوصيات. وتناقش فصوله جوانب كثيرة شاملة يُجمل فيها بوعساف، وعبر سير مشاهداته ومعايشاته في الإمارات طوال أكثر من 20 عاماً، وكذا في ضوء خلاصات أبحاثه الخاصة بالدراسة، مصادر وينابيع جدارة وتميز مجتمع الإمارات في مدارات التّسامح، مبيناً في مستهلّ إضاءاته الأبعاد والجذور التاريخية لحكاية التسامح في هذه الأرض، في المحطات والأزمان كافّة، طبقاً لأسانيد وتدوينات تاريخية جليّة، فأهلها لطالما تميزوا بكونهم يحتفون بالآخر المختلف عنهم ويرحبون به ولا يرفضونه أو يعزلون أنفسهم عنه، وهكذا ضمّوا وحضنوا بين ظهرانيهم أفراداً من أعراق ومذاهب شتّى بقوا يبادلونهم الحب ويتأثرون ويؤثّرون بهم، ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً. ويستعرض المؤلف عقبها، حقائق فاعلية وإثمار مساعي وبرامج دولة الإمارات العربية المتحدة، الرامية إلى تعزيز التقارب بين الأديان وأطياف الإنسانية... وكذا إطفاء ألهبة أزمات الهُويات، واستئصال أسباب الصراعات المذهبية وقطع دابر التعصب. ثم يدرس ويحلل ماهيات أعمدة وتجليات التسامح والتعايش في ميادين الحياة بالإمارات: المجتمعية والصحية والتعليمية والثقافية والاقتصادية والقانونية والإعلامية. ويقدم، أيضاً، جملة شهادات وإشادات لأبرز السياسيين ورجالات الدين والبحاثة والكتّاب الأجانب حول ثراء الإمارات بقيم الانفتاح والتعايش والتواصل، ومنهم: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومسؤولون أمريكيون، ونجم الكرة الأرجنتيني الراحل دييغو مارادونا، والروائي البرازيلي باولو كويلو، ونجم بوليوود شاروخان، وعالم النفس والباحث الكندي البروفسور إدوارد دينر. كما يُفرد الكتاب محطات موسَّعة لشرح طبيعة وقيمة حصاد جهود الدولة ومبادراتها ورؤى قادتها، الضامنة تمكين وتقوية هياكل ومرتكزات التسامح والتآخي الإنساني في مجتمع الإمارات والعالم أجمع، التي تكللها أعمال ومشروعات عمل خيري وإنساني ترصد لها الإمارات ميزانيات ضخمة، تطول أصقاع الأرض قاطبةً ولا تميز فيها بين دين أو إثنية أو طائفة.

ويحفل الباب الرابع في الكتاب، الموسوم «حوارات وسيمفونية»، بحوارات وأحاديث مع رجال دين ومسؤولين ومثقفين وأطباء وإعلاميين ومهندسين ومبدعين، بعضهم يقيم في الدولة منذ أكثر من 60 عاماً، يروون فيها حقائق ومواقف كثيرة، بشأن التسامح وواقع انفتاح المجتمع وقبوله الآخر المختلف ورسوخ التعايش والمحبة فيه. وتضم قائمة هؤلاء المحاورين: أحمد الحَدَّاد، مفتي دبي وعضو «مجلس الإمارات للإفتاء»، وبول هيندر، أسقف الكنيسة الكاثوليكية في جنوب شبه الجزيرة العربية (2004-2022م)، وراجو شروف، رئيس معبد «سندي غورو دربار» الهندوسي، وحمّود الحناوي، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، وسوريندر سينغ كاندهاري، رئيس معبد «غورو ناناك دربار السيخي»، وعشيش بروا، مسؤول «المركز الاجتماعي البوذي» في الشارقة، وإيان فيرسرفيس، الشريك المؤسس ورئيس تحرير «موتيڤيت ميديا غروب»، وزليخة داود، أول طبيبة نسائية في الإمارات (1964م)، وبيتر هارادين، الرئيس السابق لـ«مجلس العمل السويسري»، وراميش شوكلا، أحد أقدم المصورين في الإمارات.