منظمة الأمم المتحدة تحتفل بـ«مهرجان حقوق الطفل» في حرش بيروت

بمناسبة مرور 30 عاماً على إقرار الاتفاقية العالمية الخاصة به

«لكل طفل كل حق» عنوان «مهرجان حقوق الطفل» في بيروت (يونيسيف)
«لكل طفل كل حق» عنوان «مهرجان حقوق الطفل» في بيروت (يونيسيف)
TT

منظمة الأمم المتحدة تحتفل بـ«مهرجان حقوق الطفل» في حرش بيروت

«لكل طفل كل حق» عنوان «مهرجان حقوق الطفل» في بيروت (يونيسيف)
«لكل طفل كل حق» عنوان «مهرجان حقوق الطفل» في بيروت (يونيسيف)

تزامناً مع الاحتفالات العالمية بمرور 30 عاماً على إقرار اتفاقية حقوق الطفل التي تجري في بلدان كثيرة، يحتفل لبنان في 5 الجاري بـ«مهرجان حقوق الطفل» في حرش بيروت. وتجري الاستعدادات للمناسبة بالتعاون ما بين اليونيسيف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) ومحافظ بيروت زياد شبيب.
وفي هذا اليوم تخصص اليونيسيف برنامجاً ترفيهياً وتوعوياً للأطفال تحت عنوان «لكل طفل كل حق» من الخامسة بعد الظهر حتى التاسعة مساء وهو متاح أمام الجميع مجاناً. وتأتي هذه التسمية بمثابة دعوة لعدم التمييز بين الأطفال وإعطاء كل طفل جميع حقوقه. ويتضمن إضافة إلى عرض مسرحيات غنائية ورواية القصص ألعابا بهلوانية هادفة يتفاعل معها الأهل والأطفال الحاضرون معاً.
وقد جرت العادة على تنظيم هذه الاحتفالات من قبل الأمم المتحدة للطفولة مع مرور كل خمس سنوات على إقرار الاتفاقية المذكورة. وصادق لبنان على هذه الاتفاقية في عام 1991 وأظهر التزاما بتحسين أوضاع الأطفال وحماية رفاهيتهم على مدار الـ30 عاما الماضية، ولا سيما الذين يعيشون في مجتمعات مهمشة.
وتستهل النشاطات مع قصة «مغامرات جاد وتالا» التي يعدها فريق اليونيسيف في لبنان، وليلحقها عرض مسرحية «شتي يا دنيي صيصان» التي يتم خلالها تعريف الأطفال على حقوقهم الواردة في الاتفاقية في نحو 54 بندا.
«إننا نركز في هذا المهرجان على الكثير من حقوق الأطفال المندرجة في الاتفاقية». تقول بلانش باز المسؤولة الإعلامية في مكتب اليونيسيف في بيروت. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ومن بينها حق الطفل في البقاء والتطور والنمو والحماية من التأثيرات المضرة وسوء المعاملة وغيرها. كما أننا نعمل بجهد للحدّ من عمالة الأطفال التي بحسب دراسة أجرتها اليونيسيف في عام 2016 يمارسها 6 في المائة من الأطفال اللبنانيين مقابل 6.7 في المائة من السوريين ونحو 5 في المائة من الأولاد الفلسطينيين القادمين من سوريا. وقد سجلت نسبة عالية لنسبة عمالة الأطفال في لبنان ما بين عامي 2009 و2016 وعلى أعلى المستويات ولا سيما في مناطق عكار والهرمل وبعلبك». وتؤكد باز في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط» بأن اليونيسيف تدعم الكثير من المنظمات والجمعيات غير الحكومية في لبنان لحماية وتعزيز حقوق الطفل على جميع الأصعدة. وهو الأمر الذي يسهل سبل تعريف الأطفال على حقوقهم من خلال نشاطات توعوية كثيرة بحسب فئاتهم العمرية. وعن دور المدارس في إرساء وتطبيق اتفاقية حقوق الطفل تقول: «تعد معرفة الأفراد بالمبادئ التي تقر بحقوقهم أمراً ضرورياً وتتيح مكانة المعلمين فرصة جيدة لمساعدة الأطفال والتعرف على حقوقهم وكذلك على إرساء قواعد احترام الوالدين والمحافظة عليها حين يتم توجيه وإرشاد الأطفال لفهم حقوقهم».
وعن عملية التفاعل ما بين الأطفال وأولياء أمورهم في المهرجان توضح بلانش باز: «هناك ألعاب كثيرة تفاعلية تعزز الروابط داخل الأسرة سيشهدها هذا الحدث. كما نركز فيه أيضاً على العمل الجماعي وتشجيع التواصل الإيجابي بين الأطفال أنفسهم. وسيتم دعوة الأطفال وأهاليهم للتعبير عن أنفسهم من خلال الرسم على لوحة جدارية كبيرة وكتابة الحقوق الأساسية للطفل لتتم مناقشتها سويا.
ومن النشاطات الأخرى التي يتضمنها برنامج المهرجان عرض «هرج ومرج» لفريق من البهلوانيين (كلاو مي ان) يتفاعل معه الأطفال مع ذويهم مباشرة على الأرض. وتحت عنوان «الحكواتي» سيجري تلاوة قصص شعبية (كان يا ما كان) التي تحاكي حقوق الأطفال. ومع رسائل هادفة وتوعوية يقدم فريق «سيرك أون سييل» ألعابا بهلوانية بعنوان «سيرك الحقوق» فيما تشارك جمعية «السبيل» من خلال تقديم مسرح الدمى «فرحانة ومسعود».
ويتيح المهرجان أمام الأولاد فرصة التعبير وإيصال الصوت مع موسيقى إيقاعية تفاعلية يعزفها فريق «ووك أباوت درامز».
ويختتم هذا الحدث ودائماً من حرش بيروت بمشهدية طفولية بامتياز بحيث يصنع الأطفال المشاركون في الحفل طائراتهم الورقية كل بأسلوبه، ويتركونها ترتفع في الهواء بعد أن يكتبوا عليها حقوقهم ومطالبهم.



معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

في الجزء الأول من مجموعة أحمد مناويشي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».