الجيش الإسرائيلي أجهض خطة نتنياهو لمهاجمة طهران عبر كوماندوز المخابرات

كشف عنها في كتاب ينشر قريباً بعنوان «عاصفة على الطريق إلى إيران»

مداخلة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بعد عملية استخباراتية لنقل أرشيف طهران النووي عام 2018 (أ.ف.ب)
مداخلة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بعد عملية استخباراتية لنقل أرشيف طهران النووي عام 2018 (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي أجهض خطة نتنياهو لمهاجمة طهران عبر كوماندوز المخابرات

مداخلة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بعد عملية استخباراتية لنقل أرشيف طهران النووي عام 2018 (أ.ف.ب)
مداخلة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بعد عملية استخباراتية لنقل أرشيف طهران النووي عام 2018 (أ.ف.ب)

في الوقت الذي جدد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مهاجمته القيادة الإيرانية على اعترافها بتجاوز الحد المسموح به من اليورانيوم المخصب الذي حدد في الاتفاق النووي عام 2015، كشف الباحث في الشؤون العسكرية، إيلان كفير، في كتاب جديد له، عن أن «حكومة نتنياهو وضعت خطة جدية للهجوم العسكري على طهران في إطار مكافحتها مشروعها للتسلح النووي، لكن قادة الجيش منعوا هذا الهجوم».
وقال كفير، الذي يعدّ أحد أهم الباحثين في الشؤون العسكرية وهو نفسه ضابط في وحدات قتالية عدة بالجيش الإسرائيلي، إن «القيادات الإسرائيلية شهدت في السنوات من 2009 – 2012 نقاشات حادة حول (النووي) الإيراني طرحت في صلبها إمكانية تنفيذ هجوم حربي على المنشآت النووية الإيرانية»، وإنه تم اختيار اسم للهجوم هو «هيكل الملك سليمان». وأضاف كفير، في الكتاب الذي حمل اسم «عاصفة على الطريق إلى إيران»، أن رئيسي أركان الجيش غابي أشكنازي، الذي أنهى عمله في وقت لاحق، وبيني غانتس، الذي حل محله، وكذلك رئيس «الموساد» (جهاز المخابرات الخارجية)، مائير دجان، ومن حل محله، تمير فيدرو، أجهضوا هذا المخطط. والسبب في ذلك، هو أولاً الخلافات مع إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، التي أحجمت عن تأييد ضربة كهذه خصوصاً أنها كانت في ذروة معركة الانتخابات، وثانياً بسبب التقديرات بأن ضربة عسكرية كهذه ستؤدي إلى نشوب حرب ضروس مدمرة لجميع الأطراف؛ «ستجعلنا نشتاق لحرب أكتوبر (تشرين الأول)» سنة 1973.
ويقول كفير، نقلاً عن مصادر عليمة، إن نتنياهو ومعه وزير الدفاع آنذاك إيهود باراك، هما اللذان كانا يدفعان نحو هذه الحرب، لكن «قيادة الجيش عدّت موقفهما متهوراً. ورأت يومها أن رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، تصرف ببالغ الحكمة عندما حرص على الامتناع عن خوض الحرب وسعى إلى ردع إيران من دون حرب، وذلك بواسطة عمليات جريئة نفذتها الوحدة (8200) في شعبة الاستخبارات العسكرية للجيش، وكذلك الموساد على الأراضي الإيرانية». وقد فحصت القيادات العسكرية إمكانية تنفيذ عمليات موضعية في إيران لتدمير عدد من المنشآت النووية، على طريقة تدمير المفاعل النووي السوري في دير الزور، وتساءلوا إن كان ممكناً أن يتصرف الإيرانيون مثلما تصرف نظام بشار الأسد في سنة 2007، عندما بلعوا هذه الضربة ولم يردوا. ولكن قادة الجيش والمخابرات رأوا أن هناك فرقاً جوهرياً بين القيادتين؛ ففي زمن أوصت فيه القيادات العسكرية بإمكانية تنفيذ عمليات موضعية في إيران لتدمير عدد من المنشآت النووية، قصفوا ودمروا ولم يثرثروا ولم يعلنوا. ولكن في زمن الثنائي نتنياهو - باراك، كانت الثرثرة عنوان المرحلة، فخشوا من أن يتنافس كلاهما، نتنياهو وباراك، في التبجح والتباهي بعملية كهذه، وعندها سيضطر الإيرانيون إلى استرداد كرامتهم، وحتى لو كانوا يرغبون في ابتلاع الضربة، سيضطرون إلى الرد العسكري عليها، والرد سيقود إلى صدام من الصعب أن يخرج أي الطرفين منه بلا جروح».
ولذلك، واصل الجيش والموساد عملياتهما على الأرض الإيرانية بشكل مكثف ولم يسمحا بنشر شيء عنها، إلا في سنة 2018، عندما تمكنوا من نقل أرشيف طهران النووي بعملية جريئة تمكنوا خلالها من العمل المتواصل ساعات طويلة وحمل صناديق ضخمة من الوثائق. وحسب كتاب كفير، فإن العمليات المتلاحقة على الأرض الإيرانية أدت إلى تأخير تنفيذ المشروع النووي الإيراني لمدة سنتين على الأقل، وهذه العمليات مستمرة. وهي تشمل عمليات مختلفة؛ بينها تصفية علماء الذرة الإيرانيين، وفقاً لمنشورات أجنبية.
وقال الكاتب إن خطة نتنياهو كانت بالغة الجدية وبلغت حافة التنفيذ وتوقفت فقط في الدقيقة التسعين، وبدت قريبة جداً اللحظة التي ستعطى فيها الأوامر لتشغيل محركات الطائرات المقاتلة.
يذكر أن الجنرال غانتس، تطرق إلى هذا الموضوع بشكل غير مباشر، أمس الثلاثاء، خلال كلمته في مؤتمر هرتزيليا السنوي، فلمح إلى أن حسابات نتنياهو تغيرت وأصبح هاجسه شخصياً. وقال إن القيادات الإيرانية تراقب تصرفات نتنياهو مع قطاع غزة وكيف يجهض سياسة الردع الإسرائيلية أمام حركة «حماس» لدرجة أنه يتيح لإمارة قطر أن تدخل أموالاً طائلة بغرض إرضاء قادتها، من دون أن يدفعوا ثمناً بتهدئة حقيقية، فيسخرون من هذه السياسة ويتمتعون بسقوط سياسة الردع.
كما تطرق لهذا الموضوع في المؤتمر نفسه، أمس، رئيس «الموساد» الحالي، يوسي كوهين، بشكل غير مباشر، فقال إن «إيران تتمادى أكثر وأكثر. فهي التي تقف بشكل مؤكد وراء الهجمات على ناقلات النفط في منطقة الخليج، وعلى منشآت النفط السعودية، ومنطقة السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء في بغداد». وأضاف: «الجدل حول هوية المسؤول عن الهجمات هو أمر حيوي، ولكن بعد ذلك أخبركم، على وجه اليقين ومن أفضل مصادر المخابرات الإسرائيلية والغربية على حد سواء، بأن إيران هي التي تقف وراء هذه الهجمات؛ لا بل تمت المصادقة على تنفيذ الهجمات من قبل القيادة الإيرانية، ونفذها (الحرس الثوري) والموالون له». وأكد أن قواته نفذت عمليات نوعية في هذا السبيل. وتابع: «إسرائيل تتخذ في السنوات الأربع الأخيرة، سلسلة من الوسائل العلنية والسرية، ضد التموضع الإيراني في سوريا، حيث إن القليل منها قد تم الكشف عنه».
يذكر أن نتنياهو هاجم إيران على أثر تصريحات وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الاثنين الماضي، التي جاء فيها أن بلاده تجاوزت الحد المسموح به من اليورانيوم المخصب الذي حدد في الاتفاق النووي عام 2015. وقال نتنياهو: «لقد أثبتنا أن الاتفاق النووي مع إيران مبني على كذبة واحدة كبيرة. والآن حتى طهران تعترف بذلك. إن إيران تتقدم بشكل جدي نحو إنتاج سلاح نووي، وسيتم الكشف عن (أكاذيب) أخرى لإيران». وهدد: «إسرائيل لن تسمح لإيران بتطوير سلاح نووي. والجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريوهات اندلاع مواجهات على أكثر من جبهة واحدة». واستدرك قائلاً: «إسرائيل تسعى لإبعاد الحرب، ولكنها في حال اضطرت لذلك، فإنها ستقف موحدة لضمان انتصارها».



الجيش الإسرائيلي يشدد ضوابط التغطية الإعلامية وسط مخاوف من مقاضاة عسكريين

جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل  (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يشدد ضوابط التغطية الإعلامية وسط مخاوف من مقاضاة عسكريين

جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل  (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل (أرشيفية - إ.ب.أ)

فرض الجيش الإسرائيلي قيودا جديدة على التغطية الإعلامية التي تشمل عسكريين أثناء مشاركتهم في مهام قتالية فعلية وسط مخاوف متزايدة من احتمال تعرض أفراد من قوات الاحتياط لإجراءات قانونية خلال سفرهم إلى الخارج بسبب اتهامات تتعلق بتورطهم في جرائم حرب في غزة.

جاءت هذه الخطوة بعد أن اضطر جندي احتياط إسرائيلي كان يقضي عطلة في البرازيل إلى مغادرة البلاد بشكل مفاجئ عندما أمر قاض برازيلي الشرطة الاتحادية بفتح تحقيق في أعقاب اتهامات من مجموعة مناصرة للفلسطينيين بأنه ارتكب جرائم حرب أثناء خدمته في غزة.

وبحسب ما قاله المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لفتنانت كولونيل ناداف شوشاني للصحفيين فإنه بموجب القواعد الجديدة، لن يتمكن الإعلاميون الذين يجرون مقابلات مع عسكريين برتبة كولونيل فما أقل من إظهار وجوههم أو نشر أسمائهم بشكل كامل، على غرار القواعد القائمة بالفعل بالنسبة للطيارين وعناصر وحدات القوات الخاصة. كما يتعين عدم الربط بين العسكريين الذين تجري مقابلات معهم وبين نشاط قتالي محدد شاركوا فيه.

وقال شوشاني «هذه هي القواعد التوجيهية الجديدة لحماية جنودنا وضمان عدم تعرضهم لمثل هذه الأمور التي يقوم بها ناشطون مناهضون لإسرائيل حول العالم». وأوضح أنه بموجب القواعد العسكرية المعمول بها حاليا، ليس من المفترض أن ينشر العسكريون مقاطع فيديو وصورا من مناطق الحرب على وسائل التواصل الاجتماعي «رغم أن هذا ليس الحال دائما، فلدينا جيش كبير». وأضاف أن هناك أيضا قواعد وإرشادات راسخة للعسكريين المسافرين إلى الخارج.

وذكر أن جماعات، مثل مؤسسة هند رجب التي تتخذ من بلجيكا مقرا والتي دفعت لاتخاذ الإجراء الذي شهدته البرازيل، «تربط النقاط ببعضها» فيما يتعلق بالعسكريين الذين ينشرون مواد من غزة ثم ينشرون صورا ومقاطع فيديو أخرى لأنفسهم أثناء قضاء عطلاتهم في الخارج.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بالإضافة إلى القيادي بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إبراهيم المصري المعروف باسم محمد الضيف، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة ما أثار غضبا في إسرائيل.

وقال شوشاني إن هناك «بضعة» حالات جرى فيها استهداف جنود احتياط خلال السفر للخارج، بالإضافة إلى قضية البرازيل، كلها بدأت بمطالبات من جماعات للسلطات بإجراء تحقيق.