إيران في مواجهة العقوبات الدولية بعد خرق الاتفاق النووي

الرئيس الإيراني حسن روحاني في محطة بوشهر للطاقة النووية (أرشيفية - أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني في محطة بوشهر للطاقة النووية (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

إيران في مواجهة العقوبات الدولية بعد خرق الاتفاق النووي

الرئيس الإيراني حسن روحاني في محطة بوشهر للطاقة النووية (أرشيفية - أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني حسن روحاني في محطة بوشهر للطاقة النووية (أرشيفية - أ.ف.ب)

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس (الاثنين)، أن إيران انتهكت الحد المفروض على اليورانيوم منخفض التخصيب الذي حدده الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى الكبرى العالمية.
وكانت طهران أعلنت أمس، أنها تجاوزت حد 300 كيلوغرام من مخزون اليورانيوم المسموح لها بالاحتفاظ به، وربما يؤدي تجاوز هذا الحد إلى عودة العقوبات الدولية كلها على طهران.
ومن الممكن أن يبدأ أي طرف من الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق؛ وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، عملية تنتهي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلال فترة قد تصل إلى 65 يوماً، فقط بإعادة فرض عقوبات المنظمة الدولية على إيران.
والطرفان الآخران الموقعان على الاتفاق؛ روسيا والصين، هما حليفا إيران، ومن المستبعد أن يأخذ أي منهما تلك الخطوة.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير مشترطاً عدم الكشف عن هويته لوكالة «رويترز» للأنباء: «كلما أتى الإيرانيون بتصرفات تنطوي على خرق الاتفاق قل ميلنا لبذل الجهود لمساعدتهم». وأضاف: «هي دائرة مفرغة. فإذا عادوا لهذا الاتجاه فسيصبحون وحدهم بالكامل ويواجهون العودة للعقوبات وينبذهم الجميع».
وأُلغي معظم عقوبات الأمم المتحدة على إيران في يناير (كانون الثاني) 2016، عندما تم تنفيذ الاتفاق النووي المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة. والأطراف التي وقعت على الاتفاق في 2015 هي إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة.
وفي العام الماضي، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق. وقال إن الاتفاق لا يكفي لتقييد برنامج إيران النووي ولا يتناول برنامج الصواريخ الإيراني ودعم طهران لقوات تخوض حروباً بالوكالة لحسابها في الشرق الأوسط.
وبعد هذا القرار الذي ألهب التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، أعادت واشنطن فرض العقوبات الأميركية الرامية لخفض الصادرات الإيرانية من النفط، وفرضت أيضاً عقوبات اقتصادية جديدة في محاولة لإرغامها على التفاوض على اتفاق أشمل.
وعقدت إيران اجتماعاً مع الأطراف الأوروبية في فيينا، الجمعة، لكنها قالت إن هذه الأطراف لم تعرض شيئاً يذكر على سبيل المساعدة التجارية بما يقنع طهران بالتراجع عن نية خرق الاتفاق رداً على انسحاب ترمب منه.
ويمكن لإيران بموجب عملية فض النزاع المنصوص عليها في الاتفاق أن تجادل بأن الانسحاب الأميركي وحملة العقوبات التي فرضتها واشنطن تمثل «امتناعاً مؤثراً عن أداء الواجبات» الواردة في الاتفاق «وتعتبر المشكلة غير المحسومة مبرراً للامتناع عن أداء التزاماتها».
ومن الممكن أيضاً أن تجادل إيران بأن تقليص التزاماتها لا يمثل انتهاكاً للاتفاق لأن الاتفاق ينص في بند آخر على أن «إيران أوضحت أنها ستعتبر هذه العودة لتطبيق العقوبات أو إعادة فرضها... أو فرض عقوبات جديدة تتصل بالمسألة النووية، مبرراً للامتناع عن أداء التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة هذه كلياً أو جزئياً».
والخطوات التي تسير بها عملية فض المنازعات قد تستغرق 65 يوماً ما لم يتم التوافق على تمديدها.

خطوات فض المنازعات من خلال اللجنة المشتركة

الخطوة الأولى:
إذا اعتقد أي طرف من أطراف الاتفاق النووي أن طرفاً آخر لا ينفذ التزاماته فله أن يحيل الأمر إلى لجنة مشتركة يتكون أعضاؤها من إيران وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي (كانت الولايات المتحدة عضواً في اللجنة قبل انسحابها من الاتفاق). ويكون أمام اللجنة المشتركة 15 يوماً لتسوية المشكلة ما لم يتوافق أعضاؤها على تمديد تلك الفترة الزمنية.

الخطوة الثانية:
إذا اعتقد أي طرف أن المشكلة لم تحل بعد تلك الخطوة الأولى، فله أن يحيل الأمر إلى وزراء خارجية الدول الموقعة على الاتفاق. وسيكون أمام الوزراء 15 يوماً لتسوية الخلاف ما لم يتوافقوا على تمديد تلك الفترة الزمنية.
وبالتوازي مع نظر وزراء الخارجية في الأمر، أو بدلاً منه، يمكن للطرف صاحب الشكوى أو الطرف المتهم بعدم الالتزام أن يطلب أن تبحث لجنة استشارية ثلاثية المشكلة. ويعين كل طرف من طرفي النزاع حينئذ عضواً لهذه الجنة ويكون العضو الثالث مستقلاً. ويتعين على اللجنة الاستشارية أن تقدم رأيها غير الملزم في غضون 15 يوماً.

الخطوة الثالثة:
إذا لم تتم تسوية المشكلة خلال العملية الأولية التي تستغرق 30 يوماً، فأمام اللجنة المشتركة 5 أيام للنظر في رأي اللجنة الاستشارية في محاولة لتسوية النزاع.

الخطوة الرابعة:
إذا لم يكن الطرف صاحب الشكوى راضياً بعد ذلك ويعتبر أن الأمر «يشكل امتناعاً مؤثراً عن أداء الواجبات»، فبوسعه «أن يعتبر المشكلة غير المحسومة مبرراً للامتناع عن أداء التزاماته بمقتضى خطة العمل الشاملة المشتركة كلياً أو جزئياً».
كذلك يمكنه أن يخطر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمؤلف من 15 عضواً بأن المشكلة تشكل «امتناعاً مؤثراً عن أداء الواجبات».
ويتعين على هذا الطرف أن يصف في الإخطار المساعي حسنة النية التي بذلت لاستنفاد عملية حل النزاع من خلال اللجنة المشتركة.

الخطوة الخامسة:
بمجرد أن يخطر الطرف صاحب الشكوى مجلس الأمن يتعين على المجلس أن يصوت خلال 30 يوماً على مشروع قرار بشأن الاستمرار في تخفيف العقوبات عن إيران. ويصدر القرار بموافقة 9 أعضاء وعدم استخدام أي من الدول دائمة العضوية؛ الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا؛ حق النقض (الفيتو).

الخطوة السادسة:
إذا لم يصدر قرار في غضون 30 يوماً يعاد فرض العقوبات المنصوص عليها في كل قرارات الأمم المتحدة، ما لم يقرر المجلس غير ذلك. وإذا أعيد فرض العقوبات فلن تسري بأثر رجعي على العقود التي وقعتها إيران.



عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
TT

عراقجي: هزيمة الجيش السوري جرس إنذار لنا

عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)
عراقجي يلقي خطاباً في مؤتمر لـ«الحرس الثوري» حول قاسم سليماني في طهران اليوم (تسنيم)

عدّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي «هزيمة» الجيش السوري والإطاحة بنظام بشار الأسد «جرس إنذار» لبلاده وقواتها المسلحة، مشدداً على ضرورة التركيز على العمل الإعلامي بموازاة العمل الدبلوماسي والميداني.

ودعا عراقجي في مؤتمر لقوات «الحرس الثوري» إلى التنسيق بين الأنشطة الميدانية لـ«الحرس» والمهام الدبلوماسية لوزارة الخارجية، وهي المرة الثانية التي يتحدث فيها عن ذلك في غضون أسبوع.

وقال إن جزءاً من نهج المقاومة هو «دبلوماسية المقاومة»، وأضاف في السياق نفسه: «الميدان والمقاومة يكملان بعضهما، ولا يمكن فصلهما عن بعض».

وأعرب عراقجي عن دعمه لأنشطة «الحرس الثوري» الإقليمية، قائلاً إن «الميدان بقوته يفتح الطريق للدبلوماسية»، وأضاف: «لقد شاهدنا تجسيداً عملياً للتعاون بين الميدان والدبلوماسية في الساحة السياسية للبلاد في الأشهر الأخيرة»، حسبما أوردت وسائل إعلام «الحرس الثوري».

وتعرَّض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات، بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها؛ حركة «حماس» الفلسطينية، وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وكان قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي قد قال، الاثنين، إن «حزب الله» تمكّن من «فرض إرادته» على إسرائيل. وأضاف أن «جبهة المقاومة» اليوم في ذروة «قوتها»، وأردف في خطابه: «العدو منهك، ولا يعرف ماذا يفعل؛ لم يعد لديه مكان للهروب».

وتطرق عراقجي إلى دور الجنرال قاسم سليماني، مسؤول العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري»، في توسيع أنشطة «الميدان»، خصوصاً دعم «جبهة المقاومة»، قبل مقتله في غارة جوية أمر بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال عراقجي إنه «قام بتحويل مدرسة المقاومة إلى حركة وجبهة مقاومة، وهذه الحركة لا تزال قوية ومشرّفة في المنطقة وتواصل نضالها ضد الكيان الصهيوني والاستكبار».

وقال عراقجي: «لقد شهدت جبهة المقاومة خلال حياتها تطوراً مستمراً، ولا ينبغي لأعدائنا أن يعتقدوا أنه مع الضربات الأخيرة التي تلقوها، ستظهر ضعفاً في هذه الجبهة، بل على العكس، سيصبح هذا النهج أقوى وأكبر».

وأشار بذلك إلى مقتل قيادات جماعات «محور المقاومة»، على رأسهم حسن نصر الله، قائلاً إن مقتله سيجعل من حركة «حزب الله» في لبنان «أقوى وأكثر ثمراً».

وقال عراقجي إن «الضربة التي وُجهت للجيش السوري كانت إعلامية ونفسية قبل أن تكون عسكرية، وفي الواقع، الجيش السوري هُزم قبل أن يخوض المعركة ولم يتمكن من الصمود».

صورة نشرها عراقجي من تناوله العشاء في مطعم بدمشق على منصة «إكس» مطلع الشهر الحالي

وأضاف: «يجب أن تكون هذه الحادثة جرس إنذار لنا، وأن نكون حذرين من البيئة التي يسعى أعداؤنا لخلقها، وألا نسمح لهم بنشر الإحباط واليأس في البلاد».

ولفت إلى أهمية وسائل الإعلام في الحفاظ على السردية الإيرانية، وقال: «إلى جانب الميدان والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».

ودفع مسؤولون إيرانيون وقادة «الحرس الثوري» بروايات متباينة، حول دوافع حضورهم العسكري في سوريا، بعد سقوط بشار الأسد.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

كان عراقجي آخر مسؤول إيراني كبير التقى الأسد علناً، قبل أيام من سقوطه، بينما كانت فصائل المعارضة السورية تتقدم من حلب باتجاه حمص ومدن سورية أخرى.

وبعد اللقاء، توجه عراقجي إلى مطعم قريب من السفارة الإيرانية في منطقة المزة، لتوجيه رسالة «أمان» من العاصمة السورية، في مسعى للتقليل من أهمية التقارير بشأن احتمال سقوط الأسد.

في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، دعا قائد «الحرس الثوري» إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا، وقال إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران»، وذلك بعدما تعرضت منشآت عسكرية في سوريا لضربات إسرائيلية متتالية.

وفي نهاية ديسمبر، توقع المرشد الإيراني علي خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».