الحكومة اليمنية تطلع البنك الدولي على خططها للتنمية

المؤسسة المالية العالمية تتعهد استمرار تقديم الدعم وفق الأولويات القائمة

TT

الحكومة اليمنية تطلع البنك الدولي على خططها للتنمية

أطلعت الحكومة اليمنية وفد البنك الدولي الذي يزور العاصمة المؤقتة عدن، على خططها المستقبلية الخاصة بأعمال التنمية، كما استعرضت أهم ما أنجزته خلال الفترة الماضية.
وأكد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، في مؤتمر صحافي عقده في عدن أمس، أهمية زيارة وفد البنك الدولي إلى العاصمة المؤقتة، والتي قال إنها تأتي في إطار تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين الحكومة وشركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة وبينها البنك الدولي.
وفي حين أشار رئيس الوزراء إلى مدى ارتباط البنك الدولي بالتنمية في اليمن من خلال تنفيذ المشروعات الهامة وبناء القدرات والنهوض بمختلف المجالات التنموية، تطرق إلى جهود الحكومة في مواجهة التحديات الراهنة ومعالجة المشكلات والمعاناة المترتبة على الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران. وقال إن «اهتمام الحكومة بحشد جهود شركاء اليمن في التنمية، ورفع التعهدات والمنح وتسخيرها للمساهمة في إعادة الإعمار، وتحقيق التعافي الاقتصادي، وتنفيذ مشروعات البنى التحتية يهدف في مجمله إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتحقيق التنمية المستدامة».
وعن خطط الحكومة المستقبلية أوضح عبد الملك أن لدى حكومته «خططا ومشروعات سيتم تنفيذها قريبا مع شركاء اليمن في التنمية، في عدة مجالات»، مجدداً حرص الحكومة على انتهاج مبادئ شفافة في تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بالتنسيق والتعاون مع الدول والمنظمات والصناديق المانحة.
وفي المؤتمر الصحافي نفسه، قال المدير التنفيذي عميد مجلس إدارة البنك الدولي ميرزا حسن، إن البنك الدولي قدم دعماً تنموياً وإغاثياً وإنسانياً لليمن، طوال الفترة الماضية، بإجمالي نحو 1.7 مليار دولار. من جانبه أكد نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، أن زيارة الوفد للعاصمة المؤقتة عدن تحمل رسالة هامة لليمن واليمنيين تبرهن على دعم المجموعة الدولية على مستوى التنمية والإغاثة.
وكان رئيس الحكومة اليمنية ترأس اجتماعا حكوميا حضره أعضاء الوفد الدولي، أشاد فيه بعلاقات الشراكة والتعاون بين اليمن والبنك الدولي، وقال: «إن مساهمات البنك الدولي منذ عقود ارتبطت بمشروعات حيوية واستراتيجية في البنية التحتية والقطاعات الحيوية في اليمن، ولذا تكتسب هذه الزيارة رمزية كبيرة في دعم الحكومة والعمل مع مؤسسات الدولة لتحقيق الاستقرار والتنمية في اليمن».
واستعرض رئيس الوزراء اليمني رؤية الحكومة لمعالجة الأزمة الإنسانية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي ورفع النشاط التجاري، مبينا أن الحكومة انطلقت من استعادة وتفعيل عمل مؤسسات الدولة، وتنفيذ عدد من الإصلاحات الإدارية لرفع مستوى أداء هذه المؤسسات حتى تتمكن من تأدية مهامها في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها اليمن.
وأوضح أن بلاده نتيجة لانقلاب ميليشيات الحوثي على الدولة واستيلائها على العاصمة صنعاء واجهت تحديات معقدة انهارت فيها مؤسسات الدولة وتفاقمت الأزمة الإنسانية وانهار الاقتصاد.
وذكر أن الحكومة عملت بدعم من الأشقاء والأصدقاء على معالجة هذه المشكلات المركبة، ونجحت في إيقاف تدهور العملة، وتفعيل القطاعات الخدمية كالصحة والتعليم والكهرباء والاتصالات، ودفعت رواتب ما يقارب 65 في المائة من موظفي القطاع العام في مختلف مناطق الجمهورية بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، واستعادة دور البنك المركزي في تنظيم وتنشيط القطاع المصرفي. وقال إن إنجازات حكومته «تعطي رسائل إيجابية للمجتمع الدولي عن أهمية وكفاءة الشراكة مع مؤسسات الدولة»، داعيا البنك الدولي إلى الشراكة مع الوزارات والأجهزة والصناديق الحكومية لتنفيذ مشروعات استراتيجية في اليمن، وخاصة في قطاع الكهرباء ومشروعات البنى التحتية في الطرق والمطارات والموانئ، وبما يعزز البنية التحتية ويسمح بنمو القطاع الخاص في اليمن.
وأكد رئيس الحكومة اليمنية أن البنك الدولي أحد أهم شركاء اليمن في التنمية، وتعول عليه الحكومة في المرحلة الراهنة والمستقبلية لدعم جهودها لتحقيق التعافي الاقتصادي والتنمية الشاملة، داعيا البنك الدولي إلى استئناف نشاطه وفتح مكتب له في العاصمة المؤقتة عدن. ونقلت المصادر الرسمية اليمنية تأكيدات وفد البنك الدولي على أهمية الزيارة ومعانيها على المستوى السياسي، وأنها تأتي للتأكيد على استمرار دعم البنك الدولي لليمن والتعامل المباشر مع الحكومة الشرعية.
وأفادت وكالة «سبأ» الرسمية بأن وفد البنك الدولي كشف عن اعتماده «حزمة تنموية لليمن بقيمة 400 مليون دولار، إضافة إلى العمل على تنفيذ مشروعات استراتيجية في مختلف مناطق البلاد بالشراكة مع الحكومة الشرعية.
وبحسب المصادر الحكومية نفسها، اعتبر رئيس وأعضاء الوفد أن اليمن حليف استراتيجي مع البنك الدولي، وأنهم يدركون حجم التحديات الكبيرة في اليمن، وحرصه على أن يكون موجودا على الأرض بالقريب العاجل، إضافة إلى تعهد البنك بأنه سينظر بشكل جدي لأولويات الحكومة اليمنية، وكذا دعم مؤسسات الدولة وتقديم الدعم الفني للبنك المركزي اليمني والقطاع الخاص.
وتكافح الحكومة اليمنية من أجل إعادة الإعمار في المناطق المحررة من الميليشيات الحوثية إلى جانب سعيها لإصلاح منظومة الاقتصاد والإدارة وتوفير الخدمات للسكان والرواتب. وكانت الحكومة قدمت ميزانية للدولة للعام الحالي وصلت نسبة العجز فيها إلى أكثر من 30 في المائة؛ حيث وعدت بأنها ستغطي العجز من موارد أخرى غير تضخمية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.