فيلم «مارادونا»... صعب الترويض ليس منبوذاً دائماً

يركز على السنوات العظيمة للنجم الأرجنتيني مع نادي نابولي الإيطالي

تعرض مارادونا لضغوط هائلة وإغراءات في نابولي
تعرض مارادونا لضغوط هائلة وإغراءات في نابولي
TT

فيلم «مارادونا»... صعب الترويض ليس منبوذاً دائماً

تعرض مارادونا لضغوط هائلة وإغراءات في نابولي
تعرض مارادونا لضغوط هائلة وإغراءات في نابولي

عندما جلست في السينما لمشاهدة الفيلم الوثائقي الذي أخرجه المخرج الصربي أمير كوستوريتسا عن النجم الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا قبل عقد من الزمان أو نحو ذلك، كنت لا أزال أعتقد أنني أفضل النجم البرازيلي بيليه وأرى أنه الأفضل على مر العصور والأزمان في لعبة كرة القدم. فقد كان بيليه هو اللاعب الذي سيطر على تفكيري بالكامل أثناء فترة المراهقة، وهي الفترة التي عادة ما نحاول خلالها البحث عن أبطال في حياتنا ونتأثر بهم بشكل كبير. لكن الفيلم الذي أخرجه كوستوريتسا جعلني أعيد النظر في تفكيري، وجعلني أعتقد أن أولئك الذين يعتقدون أن مارادونا هو أعظم لاعب كرة قدم عبر كل العصور قد يكون لديهم الحق تماماً في ذلك.
لقد كان فيلماً مجنوناً عن حياة مجنونة، يبدأ بجملة مقتبسة من الشاعر والكاتب الأرجنتيني الشهير خورخي لويس بورخيس وينتهي بأغنية للمغني الفرنسي مانو تشاو، بينما كان هناك كثير من الأشياء الغريبة بينهما. لكن المخرج الصربي ركز في الفيلم على أجزاء كبيرة من كرة القدم بالشكل الذي أقنعني بأن مارادونا كانت لديه القدرة على تحويل مسار المباريات بالشكل الذي كان يريده، وبشكل لم يسبقه إليه أي لاعب من قبل، وأنه إذا كنا نحاول حقاً أن نصل إلى قرار بشأن من هو اللاعب الأعظم في تاريخ كرة القدم - رغم أن هذا شيء غبي، لكنه ممتع في حقيقة الأمر - فإنه يتعين علينا أن نضع في الحسبان قدرة النجم الأرجنتيني على قلب الطاولة في المباريات الكبيرة وتحويل نتيجتها في النهاية لمصلحة الفريق الذي يلعب له.
أما الفيلم الجديد الذي أخرجه المخرج البريطاني آصف كاباديا عن مارادونا، والذي تم عرضه مؤخراً، فجعلني أفكر في الأمر مرة أخرى. فقد قرر كاباديا أن يركز على فترة معينة من حياة اللاعب، وهي السنوات التي قضاها مع نادي نابولي الإيطالي، والتي تضمنت كأس العالم عام 1986 بالمكسيك عندما قاد مارادونا راقصي التانغو للحصول على لقب المونديال.
كما تطرق الفيلم لطفولة مارادونا في أحد الأحياء الفقيرة في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس وانتقاله للعب في أوروبا مع برشلونة ثم الهزيمة المريرة أمام ألمانيا الغربية في نهائي كأس العالم 1990 بإيطاليا. لكن ما حدث لمارادونا خلال الفترة بين عامي 1984 و1991، وبالتحديد عندما كان في سن يتراوح بين 23 و30 عاماً، كان هو محور التركيز الأساسي للفيلم، وقد جعل كاباديا هذه الفترة تبدو قصيرة للغاية في حقيقة الأمر.
وبصفتي أحد المعجبين بالنهج الذي يتبعه المخرج البريطاني في صناعة الأفلام الوثائقية وتطرقه إلى كل التفاصيل المهمة، فإنني أرى أن هذا الفيلم لم يكن موفقاً في بعض النقاط، حيث بدأ برحلة مجنونة بالسيارة في شوارع نابولي. ربما يمكن للبعض أن يقول إن حياة مارادونا كانت تسير بهذا الشكل، لكن لا يمكن الجزم بأن هذا كان صحيحاً تماماً. كما أن مارادونا لم يكن يلعب كرة القدم دائماً، وهو محاط بالمشاكل والأزمات، بالشكل الذي يصوره كاباديا وفريق المؤثرات الصوتية في الفيلم.
وقد استعان كوستوريتسا ببعض الشعر بينما يخرج اللاعب من سيارته ويواجه المغني مانو تشاو، الذي يميل على واجهة أحد المتاجر ويعزف على الغيتار ويغني أغنية عن حياته يقول فيها: «لو كنت مارادونا، كنت سأعيش مثله». وقد ركز كاباديا على هذه الحياة، وعلى الضغوط الهائلة والإغراءات التي تعرض لها مارادونا في نابولي، وعلى التزاحم الشديد من قبل الأشخاص الذين كانوا يحلمون بأن يلمسوه أو يلتقطوا صورة معه، أو يأخذوا قطعة منه معهم وهم يعودون إلى منازلهم!
كما أن سقوط مارادونا السريع لم يجعل عشاقه ومحبيه يتخلون عن آرائهم بأنه الأفضل في تاريخ كرة القدم على رأس قائمة تضم كلاً من بيليه وبوشكاش وألفريدو دي ستيفانو وفرانز بيكنباور وجورج بيست ويوهان كرويف وليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو. ويتميز كل لاعب من هؤلاء اللاعبين بمواصفات تميزه عن الآخرين، حيث عبر بوشكاش الستار الحديدي في أوج الحرب الباردة، في حين كان دي ستيفانو يمثل الوجود الملكي، أما بيليه فقد انتصر لفكرة الإبداع الفردي والعزف المنفرد وكان يمتع عشاق كرة القدم بمهارات فذة واستثنائية. وقد أظهر بيكنباور لنا جميعاً كيف يمكن لمدافع أن يكون محور أداء فريقه بالكامل. أما جورج بيست، الذي يعد الأقرب لمارادونا من بين كل هؤلاء، فقد كان من الصعب للغاية إيقافه داخل الملعب. وكان كرويف يملك عيناً ثاقبة تمكنه من رؤية كل شيء داخل الملعب ومهارات تمكنه من تطويع كل شيء لمصلحته ومصلحة فريقه.
والآن، لدينا النجمان اللذان يتبارزان منذ عقد كامل من الزمان ويمتعان عشاق الساحرة المستديرة في كل مكان في العالم: النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي يمتعنا بمهاراته الاستثنائية في تواضع جم، في مواجهة رونالدو بغروره الأنيق الذي يضيف لمحة أخرى إلى جاذبيته ومهاراته وإمكاناته، بالشكل الذي يجعله يخطف الأنظار من جميع اللاعبين من حوله. وبالنسبة لي، أرى أن الأفضل هو رونالدو، الذي ابتكر طرقاً جديدة للتعامل مع الكرة خلال رحلته المميزة في كل من إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا ومع منتخب البرتغال. ويمكن لأي شخص، حتى لو لم يكن يحب رونالدو، أن يرى الإمكانات الهائلة التي يمتلكها هذا اللاعب.
ويعرف رونالدو وميسي وغيرهما من هذا الجيل كل ما حدث لمارادونا، وكيف التهمته الشهرة، وقد يكون ما حدث لمارادونا هو السبب الذي يجعل النجوم الحاليين يبتعدون عن الأجواء الصاخبة. ولا يوجد لاعب من اللاعبين، الذين يحصلون الآن على ما يزيد على 250 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع، لا يعرف كيف يحيط نفسه بكثير من «الجدران» لحماية نفسه جسدياً ونفسياً، حتى من محبيه وأنصاره.
وبعد ساعات قليلة من مشاهدة الفيلم الجديد، قرأت مقابلة في صحيفة «الغارديان» تحدث فيها فيل فودن، النجم الشاب لمانشستر يونايتد والمنتخب الإنجليزي والبالغ من العمر 19 عاماً، عن تجربته الأولى مع الشهرة، حيث قال: «الناس يراقبونك دائماً، وهذا هو ما يحدث. كنت أسير على الطريق بعد إحدى المباريات التي شاركت فيها في بداية مسيرتي وكان الناس يطلبون أن يلتقطوا بعض الصور التذكارية معي. وأدركت منذ هذه اللحظة أن الأمور ستكون صعبة». وربما يفهم فودين كلمات مارادونا المؤثرة في هذا الفيلم التي يقول فيها: «عندما تكون في الملعب، تزول الحياة، ويزول كل شيء».


مقالات ذات صلة

غيابات بصفوف تشيلسي في مواجهة موركامب

رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (أ.ف.ب)

غيابات بصفوف تشيلسي في مواجهة موركامب

قال إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي الجمعة، إن الفريق سيفتقد جهود بنوا بادياشيل وويسلي فوفانا وكيرنان ديوسبري-هول في المباراة أمام موركامب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية سيرجيو كونسيساو مدرب ميلان (د.ب.أ)

كونسيساو: ميلان بحاجة لإبقاء أقدامه على الأرض!

قال سيرجيو كونسيساو، مدرب ميلان، إن الفريق بحاجة للعودة إلى الواقع وإبقاء أقدامه على الأرض عندما يستضيف كالياري السبت.

رياضة عالمية ميكل أرتيتا مدرب آرسنال (رويترز)

أرتيتا: أنا معجب بما يفعله أموريم

أبدى ميكل أرتيتا، مدرب آرسنال، إعجابه بتأثير المدرب روبن أموريم مع مانشستر يونايتد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ماركوس راشفورد جاهز لمواجهة آرسنال (رويترز)

راشفورد يدعم صفوف يونايتد قبل مواجهة آرسنال

قال روبن أموريم، مدرب مانشستر يونايتد، الجمعة، إن المهاجم ماركوس راشفورد متاح للمشاركة في المباراة أمام آرسنال.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (إ.ب.أ)

غوارديولا: آملُ أن نحقق الفوز الثالث على التوالي أمام سالفورد

عادةً لا يكون الفوز بثلاث مباريات متتالية بالأمر الجلل لمانشستر سيتي، لكن مدربه بيب غوارديولا يتطلع لتحقيق هذا الإنجاز أمام سالفورد سيتي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)
TT

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)

قال الإسباني خيسوس كاساس، مدرب العراق، إنه سيحلل الأخطاء التي أدت لهزيمة فريقه 2 - صفر أمام البحرين، اليوم الأربعاء، ضمن الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثانية ببطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) بالكويت، استعداداً لمواجهة السعودية.

وقال كاساس، في المؤتمر الصحافي عقب المباراة: «مباراة السعودية لن تكون سهلة على الإطلاق. سنحاول تحليل أخطائنا وإيجاد أكبر عدد من اللاعبين اللائقين بدنياً للعب المباراة وسنفعل كل ما يجب علينا فعله، لكن بكل حال، لن تكون المباراة سهلة».

وأكد أن مواجهة البحرين «لم تكن سهلة ولا بد أن نهنئ البحرين على الفوز والتأهل».

وأضاف: «ظهر علينا الإرهاق وغياب بعض اللاعبين أثر علينا».

وأكد أنه فضّل اليوم الدفع بلاعبين يتمتعون بالحيوية وليسوا مرهقين نظراً لأنه لاحظ إرهاق بعض عناصر الفريق.

وأضاف أن العراق لم يكتفِ بالتأمين الدفاعي في الشوط الثاني، وإنما كان الأكثر هجوماً، موضحاً: «لكنني بالتأكيد لست سعيداً بالأداء ولا أشعر بالرضا عنه».

وقال كاساس: «هناك شيء إيجابي اليوم وهو وجود عدد من اللاعبين صغار السن وهذا سيساعدهم في المستقبل لأنهم يكتسبون الخبرة من هذه البطولة. البحرين تفوقت علينا في الالتحامات اليوم، وهذا ساعدهم في الفوز لكن لاعبينا الصغار اكتسبوا خبرة وهذا أمر إيجابي».