«البوكر العربية»... أزمة رواية أم جائزة؟

تعاني من عدم قدرتها على تصنيع النجم الروائي

«البوكر العربية»... أزمة رواية أم جائزة؟
TT

«البوكر العربية»... أزمة رواية أم جائزة؟

«البوكر العربية»... أزمة رواية أم جائزة؟

مهما قيل عن الإخفاقات والارتباكات التي صاحبتها منذ ظهورها وصولاً إلى اللغط الذي دار حول دورتها الأخيرة، تظل الجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر) أقدر جائزة عربية على تحريك المشهد الثقافي العربي، حتى وإن لم تحقق النصاب الأدبي المرجو منها. وهي إذ تتفوق على بقية الجوائز لأسباب كثيرة، يأتي في مقدمتها تصديها لموضوع الرواية، التي تعتبر اليوم صوت الإنسان العربي وضميره وأشواقه للتعبير عن وجوده، تعاني في المقابل من أزمة ثقة مع القارئ العربي باتت على درجة من الوضوح، ومن عدم قدرتها على تصنيع النجم الروائي، الذي يمكن أن تقنع به القراء في المقام الأول، وتباهي به في المحافل الدولية كراعية للخطاب الروائي العربي الجديد.
لقد حاولت، ونجحت في فرض عدد قليل جداً من فائزيها على القارئ العربي، إلا أنها لم تتمكن من إيصال أحدهم إلى العالمية كما تطمح، عدا حالة أحمد سعداوي، الذي اقتحم القائمة القصيرة لـ«المان بوكر» العالمية بروايته «فرانكشتاين في بغداد»، على الرغم من الجهد الكبير الذي بذلته في هذا المجال، من خلال ترجمة منتجات نجومها إلى مختلف اللغات، وتسويقهم عبر منصات إعلامية عالمية، وتلميعهم بحفلات علاقات عامة وزيارات حول العالم. وكل ذلك الإخفاق لا يمكن إرجاعه كله بالتأكيد إلى ضعف الروايات المحمولة إلى فضاء العالمية، بقدر ما يمكن التعامل معه كنتيجة لضعف الإقبال العالمي على مطالعة المنجز الروائي العربي.
لم يلتفت القائمون على «البوكر العربية» في أي دورة من دوراتها إلى أي نقد لحيثيات ومخرجات الجائزة، سواء على مستوى التساؤل حول نزاهة وكفاءة المحكمين، أو على مستوى الروايات المتأهلة للقائمتين الطويلة والقصيرة والفائزين، أو على مستوى اقتسام الناشرين الكبار لغنائم الجائزة. وكأن الجائزة قد ولدت لكي لا تُساءل ولا تتطور.
بمعنى أن المتنفذين في شأنها باتوا على قناعة بأن مخرجاتها تتوازى بمنتهى الأمانة والرصانة مع واقع الرواية العربية وأفق كتابتها ومناقدتها. إذ لا يمكن استجلاب روائيين خارج هذا المدار، ولا الاستعانة بمحكمين من المريخ. وبالتالي فلا أفق لاستيلاد نجم روائي في اللحظة الراهنة. وعلى القارئ أن يوطّن ذائقته مع ما ينتج عن الجائزة ويتقبله كحتمية أدبية.
وهذا العناد اللامبرر هو الذي عجل بتآكل سمعتها كمعيار أو دليل لرحيق التجربة الروائية العربية، وذلك لغياب الشفافية في التعامل مع القارئ، حيث لا تتوازى مخرجات الجهد المبذول من قبل المؤسسة المحركة للجائزة مع ما حققه بعض الروائيين العرب بمجهوداتهم الفردية، الذين تُرجمت رواياتهم لعدد من اللغات يفوق ما تُرجم لأي نجم «بوكري».
كما أن عدد طبعات بعض الروايات العربية التي لم تتأهل للقائمة الطويلة في أي دورة من دورات الجائزة يتجاوز مبيعات أي فائز من الفائزين. وإذا كانت هذه المعايير غير مستوفية للشروط الأدبية، وربما هي خاضعة لقيم السوق والتسويق، فإن هناك روايات من خارج المسابقة تفوق مقروئيتها روايات «البوكر»، كما تحظى بمطالعات نقدية ومراجعات أدبية أكثر من تلك المسنودة «بوكرياً».
أما الإقبال المتزايد على المشاركة في المسابقة، فلم يعد يعني أن الجائزة معيار للبراعة الأدبية، بقدر ما توطّنت في أذهان الروائيين كفرصة للكسب المادي والوجاهة الأدبية، مثلها مثل بقية الجوائز، حيث صارت جزءاً من روتين المشهد الثقافي واحتفالاته المهرجانية الموسمية، حيث العجز الواضح عن تقديم فائز يمكن الاعتداد به. وهي محصلة قد تبدو منطقية في ظل المستوى الذي تُكتب به الرواية العربية.
بمعنى أنها مرآة صادقة وصريحة لواقع المنجز الروائي العربي. وربما لهذا السبب أعطى القائمون على الجائزة لجان التحكيم فسحة استجلاب رواية من خارج المسابقة من أجل تخليق نجم روائي يرتقي بالمسابقة وتباهي به الجائزة. إلا أن لجنة التحكيم في دورتها الأخيرة أتت برواية «بريد الليل» لهدى بركات لتقضي على ما تبقى من آمال لمصالحة جمهورها.
ذلك يعنى أن الجائزة، إما أن تكون عاجزة بالفعل عن التقاط وانتخاب روايات عربية ذات قيمة فنية وأدبية ودفعها إلى واجهة المشهد، أو أن المنجز الروائي العربي يقف عند هذا الحد من الأداء الروائي. إذ لا تفاوت يُذكر بين الروائيين.
ولا روايات قادرة على إقناع القارئ العربي بفرادتها. وهو الأمر الذي يتوضح إثر إعلان الفائز كل عام، بل بمجرد نشر القائمتين الطويلة والقصيرة للمتأهلين. وهنا مكمن التساؤل عن أزمة النجم الروائي، فجائزة «البوكر العربية» لا يمكنها التنصل من هذه المهمة، بعد تاريخها الطويل والمثابر في هذا الشأن. وبعد تعريف القارئ العربي بنخبة من كُتّاب الرواية في اللحظة الراهنة. فالقارئ العربي لا يعرف عن جائزة «كتارا» إلا قيمتها المالية، ولا يعرف عن «جائزة الشيخ زايد» إلا بعدها التكريمي، وبطبيعة الحال لا تمثل «جائزة نجيب محفوظ»، بوزنها المعنوي، أي قيمة عند القارئ أو الروائي العربي. وبالمقابل لا يمكن تحميلها مسؤولية ضعف الأداء الروائي العربي الذي يعاني مما يشبه القطيعة أو عدم الرضا من قبل القارئ العربي، مقابل ميثاق القراءة المتين بينه وبين الروايات المترجمة.
المشهد الروائي العربي لا يمكن اختصاره في نادي المتأهلين للقوائم القصيرة خلال مجمل دورات الجائزة. فهناك روايات لافتة لم تحظ بشرف المنافسة، وذلك بسبب تقاسم دور النشر الكبرى النصيب الأكبر من الترشيح. وهذا يحرم مجموعة من الروايات المهمة فرصة الوصول إلى القارئ. كما يطفئ حماس دور النشر الصغيرة في المسابقة. وهو الأمر الذي يحتّم إلغاء ذلك البند المقحم على شروط الجائزة. إذ لم تعد الجائزة اليوم سوى حلبة لعدد محدود من مفاعيل دور النشر، المتواطئين كما يبدو مع أخطبوط لجان التحكيم ومافيا بعض المنابر الإعلامية. وذلك هو بالتحديد ما يحد من تمثيل «جائزة البوكر» لواقع الرواية العربية. فهي بهذا التساهل الصريح لا تتنازل فقط عن شروط المنافسة الأدبية، بل حتى عن منظومة القيم الأخلاقية التي ينبغي الاحتكام إليها لتوطيد سمعة الجائزة وإحقاق حق الجميع في المنافسة الشريفة.
أثناء وبعد كل دورة من دورات الجائزة تثار مجموعة من التساؤلات حول التباسات النتيجة التي تعكس وعي المتلقي من جهة وحساسيته من جهة أخرى. إذ يُصنف المتأهلون بمقتضى دولهم.
وكأن الكفاءة الروائية لا ينبغي لها أن تغادر قُطراً عُرف بالريادة الروائية تاريخياً، أو أن يُشار إلى متأهل كروائي محمول على رافعة «البترودولار»، أو أن تتراقص علامات الاستفهام حول غياب أسماء من بعض الدول العربية وهكذا.
لكأن المحاصصة الجغرافية هي الفيصل في استجلاء النتيجة. وهذا يعني أن القارئ، وربما الناقد العربي، أيضاً لا يطالع المنجز بقدر ما ينشغل بهوامش الترشّح والتأهّل، وذلك يشكل سبباً إضافياً إلى فصل المنجز الروائي العربي من السياق العالمي.
لقد آن الأوان لـ«البوكر العربية» أن تُصالح قراءها، بضبط الأداء المهني والتعامل العادل مع مجمل المنجز الروائي العربي، فالتراكم الزمني بما حمله من سجالات واحتجاجات واحتفالات حول الجائزة إلى حالة جماهيرية، تماماً كما أرادها القائمون عليها.
وهنا مكمن الامتياز والخطورة في آن. فهم لم يسمحوا للجمهور إلا بفرصة الاحتفاء والتصفيق. في الوقت الذي صار بمقدور الجمهور إبداء الرأي الفني والمضموني حول الروايات ضمن لحظة من لحظات التلقي التي تحول فيها القارئ من مستهلك إلى منتج.
وهذا يستدعي أن تبادر الجائزة إلى مراجعة منظومتها مرة أخرى، والإصغاء إلى القارئ بدل التواطؤ ضده مع دور النشر الكبرى، وفتح مساحة المشاركة لأكبر عدد ممكن من الروائيين من دون مفاضلة، حيث الرهان أولاً على القارئ الذي سيكون هو الفيصل في نجومية الروائي ثم في مسألة وصوله إلى العالمية.
- ناقد سعودي



إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى في الطائرة... من أجل كلب

صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»
صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»
TT

إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى في الطائرة... من أجل كلب

صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»
صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»

أُجبر أحد ركاب شركة «دلتا للطيران» على التخلي عن مقعده الفاخر في الدرجة الأولى لمسافر آخر، اكتشف فيما بعد أنه كلب، الأمر الذي أثار غضبه ودهشته.

وبحسب صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، فقد كتب المسافر الذي يدعى بن بوب على منصة «ريديت»، أمس (السبت): «لقد تمت ترقية تذكرتي إلى الدرجة الأولى في طائرتي التابعة لشركة (دلتا للطيران) هذا الصباح، ولكن بعد 15 دقيقة تم تخفيض درجتي ومنحي مقعداً أسوأ من ذلك المحدد لي سابقاً».

وأضاف: «حسناً، لقد كنت مستاء من هذا الأمر، ولكنني قررت أن أتجاوز الأمر وصعدت على متن الطائرة لأرى هذا الكلب في مقعدي من الدرجة الأولى. أنا مندهش وغاضب للغاية».

وأرفق بوب المنشور بصورة تظهر الكلب وهو جالس في المقعد الذي كان من المفترض أن يكون له.

واتصل بوب بخدمة عملاء شركة «دلتا للطيران»، ليتم إخباره بأن أي راكب بشري قد يتعيَّن نقله لمقعد آخر ومن درجة لأخرى «من أجل الحيوانات الخدمية»، وأن الشركة «لا تستطيع فعل أي شيء» في مثل هذه المواقف.

وتعليقاً على ذلك، قال خبير السفر غاري ليف: «أنا حقاً لا أفهم منطق شركة (دلتا للطيران) في إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى لمنحه لكلب».

ولفت ليف إلى أن «شركة (دلتا للطيران) يبدو أنها تنحاز عموماً إلى الكلاب»، مشيراً إلى حالات أخرى تم فيها طرد أحد ركاب الدرجة الأولى لإفساح المجال لكلب دعم عاطفي و4 حقائب يد، هذا بالإضافة إلى السماح للكلاب بالجلوس والأكل على طاولات الطعام فيما تُسمى «صالات دلتا ون» بالمطارات.