زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، أمس (الأحد)، متحف هيروشيما التذكاري للسلام، وذلك على هامش ترؤسه وفد المملكة في قمة العشرين باليابان.
وتجول ولي العهد السعودي في أرجاء المتحف حيث شاهد عرضاً مرئياً لمدينة هيروشيما قبل القصف بالقنبلة الذرية، وإبان قصفها بالقنبلة عام 1945 وما خلفه من دمار شامل.
كما التقى الأمير محمد بن سلمان إحدى الناجيات من القنبلة التي سردت مشاهداتها قبل وأثناء وبعد القصف بالقنبلة الذرية.
ويتساءل كثيرون كيف وصلت هيروشيما إلى هذا المستوى من التقدم والازدهار في الوقت الحالي بعد الدمار الذي لحق بها بعد هذه الكارثة النووية التي راح ضحيتها آلاف الأشخاص.
وقد كانت بداية الكارثة في 6 أغسطس (آب) عام 1945. قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية، حين أسقطت القوات الأميركية قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما، مما أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص على الفور ونحو 140 ألفا آخرين بنهاية ذلك العام، كما تم هدم نحو 70 في المائة من المباني في المدينة في الانفجار.
وأعلنت اليابان الاستسلام بعد ذلك بستة أيام.
وتحولت هيروشيما بعد ذلك الحدث إلى أرض مقفرة ومحروقة، واعتقد الكثيرون أنها لن تكون صالحة للعيش أو الزراعة لمدة 70 عاماً.
إلا أنه بعد الحدث بشهور قليلة، فوجئ الجميع بظهور أعشاب برية من قلب الأرض المحروقة، ثم تطور الأمر وأزهرت أشجار الدفلى والكافور على نطاق واسع، الأمر الذي بعث في قلوبهم الأمل بإعادة إحياء المدينة، وقد أصبحت هاتان الشجرتان رمزين رسميين لصمود المدينة.
بالإضافة إلى ذلك، حرص اليابانيون على إرسال المساعدات لهيروشيما لإعادة أحيائها، ومن أبرز هذه المساعدات السيارات، وذلك لإعادة مظاهر الحياة إلى المدينة.
وفي أغسطس 1949. تم إصدار قانون إنشاء مدينة هيروشيما كرمز دائم للسلام، وقد لعب هذا الحدث دوراً محورياً في عملية إعادة بناء المدينة، حيث أكد عمدة المدينة وقتها شينزو هاماي أن الهدف من هذا القانون لا يقتصر على إعادة بناء المدينة فحسب، بل «القضاء على أهوال الحروب، والسعي من أجل إحلال سلام دائم وحقيقي».
ولتحقيق هذا الهدف، تم إقامة الكثير من المباني والمشروعات التي نهضت بالمدينة من الدمار إلى التقدم، وحولتها إلى مركز تجاري متطور.
ومن أبرز هذه المشروعات متنزه السلام التذكاري المقام على حقل مفتوح، صنعه الانفجار، الذي وقع على بضعة أمتار منه.
ويمتد هذا المتنزه على مساحة تزيد على 120 ألف متر مربع، ويضم نحو 60 نصباً تذكارياً وبناية، كلها لها علاقة بالسلام، أبرزها متحف السلام التذكاري.
وقد صمم هذا المتنزه المعماري الياباني تانغي كينزو، الذي يرجع الكثيرون الفضل له في إعادة بناء المدينة.
وعلى الضفة المقابلة للمتنزه، يوجد «هيكل معرض التطوير الصناعي»، الذي سقطت فوقه القنبلة النووية، ليظل رمزاً للأمل في القضاء على الأسلحة النووية.
ويعرف هذا المبنى رسمياً باسم النصب التذكاري للسلام بهيروشيما، أو «قبة القنبلة الذرية»، ويطلق عليه معظم السكان اسم قبة «غينباكو».
بالإضافة إلى ذلك، فقد تم تشييد ميناء هيروشيما، والذي يعتبر الأحدث في اليابان من حيث التجهيزات، وعدد من المنشآت الصناعية الأخرى.
ولا يخلو مكان في هيروشيما من كلمة «السلام»، فهناك طريق السلام، وأمام متنزه السلام التذكاري في نفس الشارع، توجد بوابات السلام، وهي مجموعة من الأقواس الزجاجية يبلغ طول الواحد منها تسعة أمتار، ونقشت عليها كلمة «سلام» بـ49 لغة.
ويطلق على الدراجات المزودة بمحركات الموجودة بالمدينة اسم «بيسيكل»، حيث تم تحوير المقطع الأول من كلمة «بايسكل» بالإنجليزية، والتي تعني دراجة، ليصبح «بيس» التي تعني السلام بالإنجليزية.
وتشارك المدينة أيضاً في مبادرات كثيرة لإحلال السلام في العالم، من بينها إقامة معارض متنقلة للتعريف بتاريخ المدينة، وتنظيم معسكرات سلام لطلاب المدارس لتوعيتهم بأهمية إحلال السلام.
وفي الوقت الحالي، لا يضاهي هيروشيما أي مدينة أخرى في العالم من حيث المساحات الخضراء، حيث تكثر فيها المتنزهات والحدائق والطرق الخضراء على جانبي الأنهار، كما أنها يطلق عليها حالياً اسم «مدينة الماء»، حيث تمر خلالها ستة أنهار.
ويبلغ عدد سكان هيروشيما حالياً أكثر من 1.1 مليون نسمة.
هيروشيما... من مدينة محروقة إلى مركز تجاري متطور
هيروشيما... من مدينة محروقة إلى مركز تجاري متطور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة