زيارة المعلم إلى الصين وكوريا الشمالية طموح لإحداث خرق في العقوبات

النظام السوري عينه على بكين وهي عينها على أميركا

TT

زيارة المعلم إلى الصين وكوريا الشمالية طموح لإحداث خرق في العقوبات

يبذل النظام السوري مساعي لتعزيز توجهه نحو الشرق مع اشتداد العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية عليه وعلى داعميه الإيرانيين والروس وكوريا الشمالية.
ولفتت مصادر متابعة في دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن زيارة وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم الأسبوع الماضي إلى كل من الصين وكوريا الشمالية، تكشف «عن طموح لإحداث خرق يلتف على العقوبات، عبر الصين التي تدور شكوك حول دور لها في تأمين ممر التفافي على العقوبات الاقتصادية، سمح بمواصلة كوريا الشمالية إرسالها دعماً عسكرياً للنظام السوري» خلال السنوات السابقة.
وقالت إن عين دمشق وطهران على «مبادرة الحزام والطريق» التي أطلق عليها الرئيس الصيني شي جينبينغ اسم «مشروع القرن»، والتي يمكن أن يكون لكل من إيران وسوريا نصيب فيها يساعدهما على مواجهة العقوبات الأميركية، إلا إن الصين رهنت تحقيق ذلك بإيجاد حل سياسي للمسألة السورية.
وتقول المعلومات التي تسربت عن الزيارة إن الصين، وخلال استقبالها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أبدت استعداداً للمشاركة في إعادة إعمار سوريا، رغم أنه سبق أن أرسلت وفوداً اقتصادية إلى دمشق في العامين الماضيين لدراسة أفق الاستثمار في سوريا، إلا إنها حتى الآن لم تتخذ خطوة عملية على الأرض، حيث يبدي رجال الأعمال الصينيون حذراً من العمل في سوريا بعد أن شملت العقوبات الأميركية «هواوي» وشركة الاتصالات الصينية «ZTE». كما تراجعت الشركات الصينية التي أرسلت وفوداً لاستطلاع أفق الاستثمار في مشروع «ماروتا سيتي» بدمشق، بعد فرض عقوبات أميركية على الشركات المساهمة في المشروع وغالبيتها شركات محلية وإيرانية، مما أدى إلى تجميد العمل فيه. هذا إضافة إلى أن خطاب النظام عن إعادة الإعمار، شهد تراجعاً مع تفاقم الأزمات المعيشية، جراء أزمة المحروقات على خلفية منع وصول النفط الإيراني إلى سوريا.
ولفتت المصادر المتابعة في دمشق إلى أن «المبادرة الصينية تتلاقى مع المشروع الإيراني بمد خطوط سكك حديدية يصل بين طهران وبغداد ودمشق وميناء اللاذقية في سوريا على ساحل البحر المتوسط، حيث تتطلع الصين أيضاً للوصول إلى الموانئ السورية التي ستصلها مع أوروبا وشمال وأفريقيا، إلا إنها لم تلهث وراء متاعب جديدة مع الجانب الأميركي، لذلك تضغط الصين التي تحاول الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، للتوصل إلى حل سياسي في منطقة الشرق الأوسط».
أما بالنسبة لكوريا الشمالية، فقد تم التأكيد في الجلسة التي عقدت بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيره ري يونغ في مبنى «مجلس الشعب الأعلى» الأسبوع الماضي، على «أهمية التعاون وتنسيق الجهود بين البلدين لمواجهة كل التحديات»، وعلى رأسها ما أطلق عليه اسم «الإرهاب الاقتصادي» والعقوبات والإجراءات الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها على النظامين بأشكال مختلفة. وأعلن الجانبان توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة للتشاور السياسي تهدف إلى تعزيز «التواصل والتنسيق بين الجانبين إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك في كل المحافل الدولية».
وتعود علاقة النظام السوري مع النظام في كوريا الشمالية إلى 50 عاماً مضت، وأسسها الرئيسان الراحلان كيم جونغ إيل سونغ وحافظ الأسد، والدا الرئيسين الحاليين كيم جونغ أون وبشار الأسد، وتجمع النظامين علاقات قوية وودية تتغذي من قواسم مشتركة تاريخية كونهما حليفين سابقين للاتحاد السوفياتي، ويقفان معاً «في الخندق المعادي للإمبريالية»، ويتعرضان معاً لعقوبات اقتصادية تفرضها الولايات المتحدة الأميركية (قبل الانفراجة الأخيرة بين ترمب وكيم)، التي تعدّهما من فريق الدول الراعية للإرهاب، على خلفية تطوير بيونغ يانغ قدرات صواريخها النووية والباليستية، وتحالفها مع سوريا والإيران وروسيا و«حزب الله»، وتهديدها المصالح الأميركية.
وجاء الإعلان عن تشكيل لجنة تشاور سياسي بين كوريا الشمالية وسوريا، متزامناً مع بدء فريق تابع لمنظمة حظر السلاح الكيماوي في الأمم المتحدة التحقيق في تحديد المسؤول عن شن هجمات بالسلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية بريف دمشق في أبريل (نيسان) من العام الماضي، وذلك رغم رفض النظام السوري فريق المنظمة ودخوله سوريا واتهامه الفريق بـ«تسيس تقاريره».
واتهمت تقارير إعلامية غربية وعلى مدى السنوات الثماني الأخيرة، نظام كوريا الشمالية بتزويد نظام الأسد في سوريا، بالأسلحة والمعدّات العسكرية طوال فترة الصراع، رغم مواجهته كثيراً من العقوبات الدولية. إضافة إلى شكوك في وجود مستشارين عسكريين من كوريا الشمالية في سوريا يساندون قوات النظام، وهي تهمة نفتها بيونغ يانغ.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».