مناصب «الدرجات الخاصة» تسبب حرجاً للحكومة العراقية

البرلمان يلقي «طوق نجاة» لعبد المهدي ويؤجل حسمها إلى أكتوبر

TT

مناصب «الدرجات الخاصة» تسبب حرجاً للحكومة العراقية

رمى مجلس النواب العراقي «حبل نجاة»، أمس، إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بعد أن صوت على تعديل الفقرة 58 من قانون الموازنة الاتحادية، التي تلزم عبد المهدي بالانتهاء من ملف التعيين بالوكالة للدرجات الخاصة بنهاية الدوام الرسمي ليوم أمس. وحدد التعديل الجديد الذي طرحه البرلمان تاريخ 24 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل موعداً أخيراً أمام الحكومة لحسم الملف، وهو التاريخ الذي يصادف مرور عام كامل على تولي عبد المهدي منصب رئاسة الوزراء.
وواجه عبد المهدي، خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية، حرجاً سياسياً شديداً نتيجة الانتقادات التي وجهت له، بعد إخفاقه في الالتزام ببعض التوقيتات الزمنية التي فرضها على نفسه، ووضعها ضمن بنود برنامجه الحكومي الذي قدمه للبرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وتم التصويت عليه. ومن بين أهم الملفات التي لم تنجح حكومة عبد المهدي في الوفاء بها، وأثارت جدلاً سياسياً واسعاً في بغداد، ملف وكلاء الوزراء ورؤساء الهيئات المستقلة والمديرين العامين الذين يشغلون مناصبهم طبقاً لمبدأ الوكالة (من دون تصويت البرلمان أو مجلس الوزراء على الشخص المختار للمنصب) الذي سار عليه رؤساء الوزراء الذين سبقوا عبد المهدي.
وتعهد عبد المهدي في برنامجه الانتخابي بالانتهاء من ملف «التعيين بالوكالة» خلال 6 أشهر بعد توليه منصب رئاسة الوزراء، وألزمت المادة 58 من قانون الموازنة المالية لسنة 2019 الحكومة بإنهاء ملف إدارة مؤسسات الدولة بالوكالة حتى 30 يونيو (حزيران) الذي صادف أمس. ولا يجوز تمديد الحسم أو تعديله، إلا بتصويت نيابي على تعديل قانون الموازنة.
واشتكى عبد المهدي، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي الثلاثاء الماضي، من أن «تراكم المناصب بالوكالة سببه عدم اتخاذ إجراء سابق بهذا الصدد، والآن نتّبع الطريقة الأصولية لترشيح الدرجات الخاصة. وبمرور الوقت، نستطيع إنهاء مسألة المناصب بالوكالة من دون أي محاصصة، ووفق معايير الكفاءة وعدم تقاسم الأحزاب». وكشف عن تصويت «مجلس الوزراء على سبعين مديراً عاماً»، وهو عدد قليل، مقارنة بما يشاع من أن مناصب الدرجات الخاصة تصل إلى أكثر من 5 آلاف درجة.
ورغم التأكيدات المستمرة التي يقدمها رئيس الوزراء بشأن الالتزام بالمواعيد المحددة في برنامجه الانتخابي، واختياره المرشحين للمناصب طبقاً لمبدأ الكفاءة، وبعيداً عن المحاصصة الحزبية والطائفية، فإنه بات منذ أسابيع في مرمى الاتهامات بعدم الالتزام بتلك التوقيتات.
واجتمع الرؤساء الثلاثة، الجمهورية برهم صالح والوزراء عادل عبد المهدي والبرلمان محمد الحلبوسي، في قصر السلام ببغداد، أول من أمس، وقرروا منح وقت أكثر للحكومة من أجل اختيار شخصيات لإدارة مؤسسات الدولة، وإنهاء ملف الإدارة بالوكالة، ودعم الحكومة في اختيار الأفضل، وفق مبدأ الكفاءة والنزاهة، وتحقيق التوازن الوطني بعيداً عن المحاصصة. ويبدو أن قرار البرلمان تمديد فترة السماح لحسم ملف الدرجات الخاصة قد تأثر بقرار الرؤساء الثلاثة، وإن لم يكن ملزماً من الناحية القانونية، لأن ذلك يتوقف على تصويت مجلس النواب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.