«داعش» ينفي مسؤوليته عن اغتيال «أحرار الشام».. والمعارضة تتحفظ على الاتهام

مصادر مطلعة لـ {الشرق الأوسط} : التفجير نتيجة اختراق للحركة..وجهات استخباراتية قد تكون وراءه

مقاتل سوري أثناء عمله في مصنع للأسلحة بإدلب أمس (رويترز)
مقاتل سوري أثناء عمله في مصنع للأسلحة بإدلب أمس (رويترز)
TT

«داعش» ينفي مسؤوليته عن اغتيال «أحرار الشام».. والمعارضة تتحفظ على الاتهام

مقاتل سوري أثناء عمله في مصنع للأسلحة بإدلب أمس (رويترز)
مقاتل سوري أثناء عمله في مصنع للأسلحة بإدلب أمس (رويترز)

عين مجلس شورى الطوارئ لـ«حركة الشام الإسلامية»، المهندس هاشم الشيخ المعروف بـ«أبو جابر» قائدا عاما للحركة، و«أبو صالح طحان» قائدا عسكريا لها، بعد اغتيال قائدها العام حسان عبود المعروف بـ«أبو عبد الله الحموي» والقائد العسكري للحركة المعروف بـ«أبو طلحة»، والمسؤول الشرعي المعروف بـ«أبو عبد الملك» وعدد من القياديين خلال اجتماع استهدفهم في إدلب (شمالي غرب) مساء أول من أمس.
وفي حين أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع عدد القتلى الذين سقطوا في التفجير إلى 47، معظمهم من قياديي الصف الأول والصف الثاني، وصف مراقبون هذا الاستهداف بأنه «أقوى ضربة» تتلقاها المعارضة السورية منذ انطلاقتها وقد تؤدي إلى تفتت أو إضعاف «الجبهة الإسلامية».
وكان أكثر من 50 قياديا من «حركة أحرار الشام»، إحدى أبرز مكونات «الجبهة الإسلامية»، مجتمعين بمقر للحركة في قبو أحد المنازل في بلدة رام حمدان عندما استهدفهم الانفجار مساء أول من أمس، وفق المرصد.
وقد رجحت مصادر مطلعة أن يكون عدد القتلى فاق العدد الذي أعلنت عنه «أحرار الشام». وأشارت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن التفجير نتيجة اختراق كبير أصاب الحركة، لافتة إلى أن جهات استخباراتية قد تكون وراء تنفيذه، وأوضحت في الوقت نفسه أن النظام و«داعش» هما المستفيدان الأساسيان من هذه الخسارة التي أصابت فصيلا عسكريا عرف بمقاتلته ضد «داعش» و«النظام»، مع العلم، بأن قياديا آخر في «أحرار الشام» هو أبو خالد السوري، كان قد قتل في تفجير انتحاري في يناير (كانون الثاني) الماضي، وكان قد قاتل إلى جانب مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وقريبا من الزعيم الحالي لـ«القاعدة» أيمن الظواهر.
وتضم «الجبهة الإسلامية» عددا من الألوية والكتائب الإسلامية، أبرزها، «حركة أحرار الشام» التي تأسست عام 2011 وانضمت إلى «الجبهة» عام 2013، وهي تعد أقدم المجموعات المسلحة في المعارضة التي تقاتل بفاعلية على جبهتي النظام وتنظيم «داعش».
وتضاربت المعلومات حول طبيعة استهداف «قادة أحرار الشام»؛ إذ في حين قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الانفجار نتج عن متفجرات وضعت في ممر يقود إلى غرفة الاجتماع الواقعة تحت الأرض، ما تسبب بمقتل البعض بشظايا، والبعض الآخر اختناقا بسبب عدم قدرتهم على الخروج»، وصفت بعض المصادر الاستهداف بأنه «هجوم بالغاز» وقال «أبو براء» وهو من جماعة متحالفة مع «أحرار الشام» إن الطبيب الذي عاين الجثث لم يجد آثار إصابات خارجية كثيرة، مشيرا إلى أن الطبيب رأى زبدا يخرج من أفواه الضحايا وسوائل تسيل من العيون والأنوف، مضيفا أن الاجتماع كان في قبو شديد التحصين تحت الأرض، وفق ما ذكرت، وكالة «رويترز».
ونعت «أحرار الشام»، في بيان لها، قادة الحركة، مشيرة إلى مقتل القائد العام أبو عبد الله الحموي وعدة قادة آخرين و42 حارسا شخصيا.
وفيما نفى «داعش» مسؤوليته عن الهجوم بعدما وجهت أصابع الاتهام إليه من قبل البعض، لم توجه المعارضة العسكرية والسياسية؛ وأبرزها «الحركة» و«الجبهة الإسلامية» و«رئاسة الأركان» و«الجيش السوري الحر» و«الائتلاف الوطني» التي نعت جميعها القادة، أي اتهام إلى أي جهة بالوقوف وراء الانفجار.
ووجه بيان للحركة رسالة لمن سماهم «مجاهدي بلاد الشام»، مؤكدا فيها استمرار الحركة في محاربة النظام السوري و«داعش» الذي قالت عنه إنه «دولة الغدر»، وقالت في البيان إن هذا «الحدث الجلل» لن يزيد الحركة إلا «إصرارا على المضي في طريق تحرير الأمة».
وفي حين اتهم الأمين العام للائتلاف الوطني السوري المعارض نصر الحريري النظام السوري بتدبير التفجير، عادّا إياه «استهدافا واضحا من نظام بشار الأسد لصوت الاعتدال في سوريا الذي تقوده (حركة أحرار الشام) في مقابل صوت التطرف الذي يقوده تنظيم الدولة الإسلامية»، قال الائتلاف إن «مرتكب هذه الجريمة النكراء أيا كان ليس إلا عدو الشعب السوري وثورته العظيمة». وأدان في بيان له ما سماها «الجريمة النكراء»، مؤكدا أن «الشعب السوري سيستمر في كفاحه من أجل الحرية»، وأن «العدالة ستطال المجرمين وجميع من تلطخت أيديهم بدماء السوريين». وأضاف: «لقد تصدى أبو عبد الله الحموي برفقة قادة الحركة وجنودها لمهام الدفاع عن المدنيين وحمايتهم من بطش نظام الأسد، وكان لهم مساهمات كبيرة في الثورة، وفيما يتعلق بقيادة العمل المسلح في مختلف أنحاء سوريا، والدفاع عن حقوق الشعب السوري المطالب بالحرية والكرامة».
كذلك، ندد «مجلس قيادة الثورة في سوريا» بمقتل قيادات «حركة أحرار الشام» مشددا في بيان بث على مواقع المعارضة «على أن الحادث سيزيد الإصرار على مواصلة العمل بقوة والضرب بيد من حديد وقطع الطريق أمام العابثين بالثورة السورية».
وفي أول تصريح له بعد تعيينه، أصدر «أبو جابر»، بيانا مصورا نعى فيه مقتل قادة «الحركة» ووصفهم بأنهم «دعاة اجتماع ووحدة لا دعاة اختلاف وفرقة». ووجه أبو جابر كلمته إلى مقاتلي «أحرار الشام»، قائلا لهم: «لا تزعزعكم المحنة ولا تفرقكم المصيبة.. فالله غايتنا، والقادة وسائلنا، فإن مضى منا رجل، خلفه رجال، وأنتم الرجال». وختم حديثه: «على العهد باقون، وعلى الطريق التي خطها إخواننا بكلماتهم ودمائهم».
وذكرت مواقع معارضة أن هاشم الشيخ، من أبرز قيادات الحركة في محافظة حلب، وكان يعمل مهندسا في البحوث العلمية في بلدة مسكنة قبل الثورة، فيما يعد «أبو صالح طحان» واسمه الحقيقي، محمد صالح طحان، الذي عين قائدا عسكريا لـ«أحرار الشام» خلفا لـ«أبو طلحة الحموي (عبد الناصر الياسين)»، من القيادات العسكرية للحركة في ريف إدلب، ومسقط رأسه مدينة تفتناز، وقد كان سابقا قائدا لكتيبة «أحفاد علي» التي تعد من أكبر تشكيلات الحركة في إدلب، كما تولى في وقت سابق، لفترة شهرين، القيادة العسكرية لمعركة «الفرقة 17» عند وجود الحركة في الرقة بعد تحريرها.
ويرى خبراء أن مقتل قادة «حركة أحرار الشام الإسلامية» ضربة موجعة للمعارضة المسلحة في سوريا قد تؤدي إلى تفتت أو إضعاف «الجبهة الإسلامية»، أبرز المجموعات المقاتلة ضد النظام السوري وضد تنظيم «داعش» المتطرف. وقد ينقسم أعضاء هذا الائتلاف العسكري بعد الضربة التي وجهت إلى «حركة أحرار الشام» التي تحظى بشعبية واسعة في الأوساط الشعبية في الداخل السوري، بين معتدلين ينضمون إلى الكتائب المدعومة من الغرب، مثل «جبهة ثوار سوريا»، ثاني أكبر قوة مقاتلة، وبين عناصر أكثر تطرفا يذهبون إلى «جبهة النصرة» أو حتى إلى «داعش».
وتضم «حركة أحرار الشام» ما بين 10 آلاف و20 ألف مقاتل. وتعد من أكثر مجموعات المعارضة المسلحة تنظيما. وهي تنادي بنظام إسلامي لسوريا أساسه الشريعة، لكن مؤسسها وقائدها الذي قضى بالتفجير «أبو عبد الله» كان قال في أحد أحاديثه الصحافية إن الحركة «تضمُ في صفوفها شبابا ثائرا قد يكون عندهم تقصير في بعض الصفات الإسلامية مثل التدخين والتقصير في أداء صلاة الجماعة والاستماع للأغاني»، لكن قيادة التنظيم تسعى «إلى ترسيخ المفاهيم الإسلامية الصحيحة البعيدة عن التشدد بالتدريج وإعذار من يخالفها».
مع العلم بأن الحركة، ككل «الجبهة الإسلامية»، كانت قد صنفت في موقع وسط بين الإسلاميين المتطرفين والمقاتلين المعتدلين ومنهم فصائل الجيش السوري الحر.
وفي مقال لمركز «كارنيغي» للأبحاث، كتب الباحث آرون لوند: «قد يكون من الصعب إصلاح (الجبهة الإسلامية)، ما لم تتمكن (حركة أحرار الشام) من النهوض والبقاء قوة إسلامية أساسية»، مشيرا إلى أن «تفكك الجبهة الإسلامية قد يجري لصالح مجموعات أكثر تطرفا أو أكثر اعتدالا»، إلا أنه أشار إلى أن النتائج العسكرية على الأرض لما حصل «لن تكون مرئية على المدى القصير».
ويرى الباحث في «مجموعة الأزمات الدولية» نوا بونسي ردا على سؤال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن تنظيم «داعش» قد يفيد من الضربة التي تعرضت لها «حركة أحرار الشام»، ويقول: «(أحرار الشام) مكون رئيس للقوات المقاتلة ضد (داعش) في الشمال، وسيعمل التنظيم على استغلال أي تفتيت محتمل لها».
في المقابل، قد يصب ذلك أيضا في مصلحة النظام الذي يسعى إلى تقديم نفسه «بديلا أوحد عن الإرهاب»، بحسب ما يقول الاختصاصي في الشؤون السورية بجامعة أدنبره توما بييريه؛ إذ يرى أن «الجبهة الإسلامية» و«حركة أحرار الشام» خصوصا من ألد أعداء التنظيم المتطرف. ومن شأن تراجع قوتهما على الأرض أن يساهم في تقديم النظام كأنه «العقبة الوحيدة» أمام تنامي نفوذ التنظيم المعروف باسم «داعش».



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.