عائلات الجنود اللبنانيين المخطوفين تبدأ اعتصاما مفتوحا وسط بيروت

خيام للرجال وأخرى للنساء وتجهيزات توحي بإقامة طويلة

عائلات الجنود اللبنانيين المخطوفين تبدأ اعتصاما مفتوحا وسط بيروت
TT

عائلات الجنود اللبنانيين المخطوفين تبدأ اعتصاما مفتوحا وسط بيروت

عائلات الجنود اللبنانيين المخطوفين تبدأ اعتصاما مفتوحا وسط بيروت

في وسط مدينة بيروت التجاري، رجال ينصبون الخيام، وفيما تفتح النسوة حقائب الملابس وتقوم بتنظيمها وترتيبها، يأتي شبان لتمديد الكهرباء. ويبدو أن الاعتصام سيستمر أشهرا، فالأهالي نقلوا أمتعتهم، وأضحت الخيام تحوي جميع مستلزمات العيش، ومهلة الاعتصام «تحددها المستجدات».
المشهد، ليس لمطلب اجتماعي أو اقتصادي، كما جرت العادة، فقد نصب أهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» خيمة كبيرة في ساحة الشهداء وسط بيروت أمس من أجل الضغط على الحكومة ومطالبتها بحل هذا الملف، بعدما فشلت لقاءات الأهالي مع الحكومة في التوصل إلى نتيجة.
لم تكن المرة الأولى التي يحتج فيها أهالي المختطفين العسكريين، بل سبقتها احتجاجات غاضبة في عكار وطرابلس والبقاع، وقطعوا الطرقات، محملين المسؤولية للحكومة. لكن نصب الخيام في وسط بيروت هو تصعيد جديد اتخذه الأهالي بانتظار تحركات ونشاطات ستعلن عنها اللجنة المتابعة لملف العسكريين المختطفين.
لم يعد عند الأهالي أمل في حل قضيتهم، فالدولة عاجزة عن تلبية مطالب الخاطفين، والمسلحون يرفعون من حدة تهديداتهم بقتل مزيد من العسكريين الأسرى. فالوقت أصبح من أعنف الأسلحة التي يستخدمها المتشددون في وجه الدولة اللبنانية، والأهالي لم يبقَ خيار لديهم سوى مناشدة المسلحين للتعاطف معهم لعلهم يستجيبون «في وقت تتقاعس فيه الدولة عن القيام بمسؤولياتها تجاه عسكرها وأبناء الوطن».
خيمة «الشهيد علي السيد»، تعبر عن تصعيد يقوم به الأهالي في طرابلس والشمال، بانتظار التنسيق الذي سيجري مع باقي الأهالي في مناطق مختلفة، مؤكدين أن «مطالبهم ليست طائفية أو فئوية، بل هي وطنية بامتياز»، ومجمع الخيام سوف يحوي خياما للرجال وأخرى للنساء للنوم فيها حتى تحقيق المطالب.
ويقول حسام السيد، وهو عمّ الرقيب علي السيد الذي أعدمه «داعش» ذبحا، لـ«الشرق الأوسط»: «إننا موجودون في خيام الاعتصام لتكملة مسيرة علي»، ويضيف: «سنقوم بنصب خيام أكثر، لأن كل عسكري لبناني هو بمثابة فرد من عائلتنا، ولن نخرج من خيامنا إلا عندما يتم الإفراج عن شباب هذا الوطن، الذين يحمون المواطنين والسياسيين على حد سواء»، ويتابع: «الدولة تتخاذل في حمايتهم وتتركهم بين يدي المجرمين».
ويشير السيد، إلى أن «الدولة تدعي أنها تحافظ على هيبتها، وعليها أن تبذل الجهود للحفاظ على كرامة الأهالي والعسكريين»، عادّا أن «هيبة الدولة من هيبة العسكريين المخطوفين»، داعيا إلى «التفاوض باعتبار أن الدول الكبرى تفاوض من أجل استرجاع أسراها». ويشدد، على أن «ليس هناك بيئة حاضنة لتنظيم (داعش) في لبنان، والدليل أنهم قتلوا علي السيد، وهو مسلم سني، ولو كانت لهم بيئة حاضنة، فاليوم هم خسروها بعد هذه الممارسات البشعة».
ويسجل السيد أن «هناك شقين من مطالب المسلحين المتشددين؛ فمطالب (جبهة النصرة) أن يخرج (حزب الله) من سوريا، وهذه المسألة لا تتعلق بالحكومة اللبنانية بل هي أكبر بكثير لأنها مسألة إقليمية، لكن مطالب (داعش) يمكن للدولة تحقيقها من خلال التفاوض والتبادل بين العسكريين والإسلاميين الموقوفين في سجن رومية».
ويؤكد مسؤول العلاقات العامة في اللجنة المتابعة لقضية المخطوفين العسكريين، الشيخ عمر حيدر، لـ«الشرق الأوسط» أن «رغبة أهالي المخطوفين واللجنة المتابعة للملف بدأت في قطع الطرقات لكي يصل الصوت وينتهي الملف بسرعة قصوى وتتحرك الجهات المعنية، لكن عندما طالت القضية وأصبحت تصلنا صورا فظيعة ورؤوسا مقطوعة للجنود الذين هم ركن من أركان البلد، اجتمعنا مع الأهالي واتفقنا على الاعتصام أمام السراي الحكومي في وسط بيروت، لكن تدخل بعض المعنيين ومنهم النائب عن كتلة (المستقبل) معين المرعبي وطلب إعطاء مهلة للحكومة على ضوء اجتماع خلية الأزمة، وكان وسيطا بنقل الاعتصام إلى ساحة الشهداء إفساحا للمجال للحكومة وخلية الأزمة لحلحلة القضية شمال لبنان». ويقول حيدر: «وسوف تكون لدينا نشاطات وتحركات تحددها اللجنة لاحقا»، عادّا أنه «لا يجوز رفض الحلول تحت أي سبب أو طائل».
ونفذ الأهالي اعتصاما في المكان، وسط حضور لبعض فعاليات الشمال، وألقيت كلمات طالبت الحكومة بالعمل من أجل تحرير أبنائهم، مؤكدة أن «المزايدات لا تخدم الإفراج عن المخطوفين على الإطلاق»، داعية الحكومة إلى بذل الجهود والتحرك حتى لا يتكرر مشهد الشهداء الذين قطعت رؤوسهم في الأسابيع الماضية على يد «داعش».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.