إسرائيل ترفض تحويل أموال لموظفي «حماس»

البالونات الحارقة أفضت إلى استئناف التهدئة... ووفد مصري يصل إلى غزة خلال أيام

قوات إسرائيلية تطلق الغاز المسيل للدموع بمواجهة محتجين فلسطينيين في قطاع غزة الجمعة (إ.ب.أ)
قوات إسرائيلية تطلق الغاز المسيل للدموع بمواجهة محتجين فلسطينيين في قطاع غزة الجمعة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل ترفض تحويل أموال لموظفي «حماس»

قوات إسرائيلية تطلق الغاز المسيل للدموع بمواجهة محتجين فلسطينيين في قطاع غزة الجمعة (إ.ب.أ)
قوات إسرائيلية تطلق الغاز المسيل للدموع بمواجهة محتجين فلسطينيين في قطاع غزة الجمعة (إ.ب.أ)

قالت هيئة البث الإسرائيلي الرسمية (كان) إن إسرائيل رفضت طلبا لحركة حماس برصد خمسة ملايين دولار شهريا من الأموال القطرية لرواتب موظفيها، وردت برسالة شديدة اللهجة تدعو فيها حماس إلى وقف ظاهرة البالونات الحارقة أو خوض جولة جديدة من القتال.
وجاء هذا الموقف قبل أن يوافق الطرفان على استئناف التهدئة في القطاع.
وقالت «كان» إن حماس مصرة على استئناف تمويل رواتب موظفيها بسبب وضعها المالي الصعب وبسبب الانتقادات المتوقع أن تواجهها. وكانت الحركة حصلت نهاية العام الماضي على أموال قطرية لدفع رواتب موظفيها بموافقة إسرائيلية، قبل أن تطلب تحويل الأموال إلى قنوات أخرى، بعد الانتقادات التي تعرضت لها في القطاع وبسبب مماطلات إسرائيلية. لكن بعد ذلك توقف تحويل الأموال كليا، ما تسبب في رفع منسوب التوتر في غزة قبل أن تستأنف إسرائيل هذا الشهر تحويل الأموال مرة أخرى.
وطرأت في منتصف الشهر الحالي أزمة جديدة بطريقة عكسية كما قالت «كان»، إذ دخل المبعوث القطري محمد العمادي إلى القطاع مع 10 ملايين دولار لتوزيعها على 100 ألف عائلة محتاجة، لكن حماس طالبت بأموال للرواتب، ورفضت السماح بتوزيع الأموال على المحتاجين فقط. وهذا ما سبب تأخير توزيع الأموال. وفقط بعد مرور عدة أيام، وافقت حماس على تلقي جزء من الأموال - وعندها وزعت ستة ملايين دولار على 60 ألف عائلة محتاجة في قطاع غزة. أما الأربعة ملايين دولار المتبقية، فقد تم إيداعها في بنك في قطاع غزة لتوافق إسرائيل على تحويلها إلى معاشات موظفي حماس.
ورفضت إسرائيل الطلب قبل التهدئة، وهددت حماس قبل أن يصادق قائد حماس، يحيى السنوار، على قرار العودة إلى تفاهمات التهدئة ووقف إطلاق البالونات الحارقة الخميس. ووفقا للمصادر، استمرت جهود منع تدهور الأوضاع حتى منتصف ليلة الخميس، وكانت على وشك الفشل، لكن في اللحظة الأخيرة جاء «الضوء الأخضر» من السنوار بأن سمح بتطبيق التفاهمات. غير أن إسرائيل ظلت ترفض تحويل أموال لموظفي حماس حتى الآن.
وفي حين لم تعقب حماس أو الفصائل الفلسطينية على الاتفاق الجديد، أكد مسؤول إسرائيلي على التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس لوقف إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة.
وقال المسؤول إنه «ردا على طلب من الأمم المتحدة ومصر، سوف تعيد إسرائيل منطقة صيد الأسماك (إلى 15 ميلا بحريا) وتوصيل الوقود، بعد تعهد بوقف حماس للعنف ضد إسرائيل». وأضاف: «إن لم تلتزم حماس بهذا الالتزام سوف تعيد إسرائيل فرض العقوبات». وجاء الاتفاق بعد إطلاق موجة بالونات حارقة تسبب في 30 حريقا يوم الخميس.
ومنذ يوم الأحد، تسببت البالونات الحارقة باندلاع نحو 100 حريق، بحسب أرقام لسلطة الإطفاء المحلية.
ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات في هذه الحرائق، التي اندلعت معظمها في أراض زراعية وعشبية، لكنها تسببت بأضرار جسيمة للمحاصيل والحياة البرية. وتم أيضا الإبلاغ عن اندلاع عدة حرائق في تجمعات إسرائيلية في مناطق شاعر هنيغف وسدوت هنيغف وإشكول. وازدادت هجمات الحرائق العمد بشكل كبير في الأسبوع الأخير؛ حيث أطلق الفلسطينيون بالونات الهيليوم والواقيات الذكرية التي تم ربطها بمواد حارقة، وفي بعض الحالات بمتفجرات، عبر الحدود.
ويفترض أن يصل الوفد الأمني المصري إلى غزة هذا الأسبوع من أجل تثبيت الاتفاق، في محاولة للانتقال في مرحلة ثانية. وقال طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، عضو الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة، إن الوفد الأمني المصري سيصل إلى قطاع غزة منتصف الأسبوع الجاري. وأوضح أبو ظريفة أن الوفد الأمني المصري سيصل إلى قطاع غزة لبحث الالتزام بالتفاهمات بين الفصائل والاحتلال، ومناقشة ملفات أخرى.
وأكد القيادي الفلسطيني أنه لا توجد تفاهمات جديدة مع الجانب الإسرائيلي، مشدداً على أن الاحتلال يحاول التنصل من التفاهمات التي ترعاها الأمم المتحدة ومصر. وتابع بأن الفصائل والهيئة الوطنية العليا ستراقب سلوك الاحتلال ومدى التزامه بتطبيق التفاهمات وتخفيف الحصار عن قطاع غزة.
من جهة أخرى، أكد الناطق باسم حركة «حماس»، حازم قاسم، أن الوفد الأمني المصري سيزور غزة هذا الأسبوع لبحث ملف تثبيت التهدئة والتفاهمات مع الاحتلال وكسر الحصار عن غزة.
وتراوح اتفاقات التهدئة مكانها منذ أشهر طويلة، ولم يستطع الطرفان الانتقال إلى مرحلة ثانية أوسع، بسبب اتهامات متبادلة حول التباطؤ في تطبيق الاتفاق أو خرقه. وتنص الاتفاقات على وقف أي هجمات من قطاع غزة إضافة إلى وقف الأساليب الخشنة خلال المظاهرات، مقابل «إدخال الأموال إلى قطاع غزة ورفع القيود عن استيراد الكثير من البضائع التي كانت توصف ببضائع مزدوجة (نحو 30 في المائة منها)، وزيادة التصدير وتوسيع مساحة الصيد إلى 15 ميلا في قواطع بحرية و12 في قواطع أخرى، وإدخال الوقود الذي تموله قطر لتشغيل محطة توليد الكهرباء في القطاع».
وبحسب الاتفاق فإنه إذا نجحت هذه المرحلة فإن مرحلة أخرى سيجري التباحث حولها قد تشمل صفقة تبادل أسرى وإقامة مشروعات بنى تحتية، تشمل ممرا آمنا إلى الضفة وميناء بحريا. لكن ما طبق حتى الآن توسيع مساحة الصيد وإدخال أموال ووقود.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.