اعتقالات واسعة ومواجهات في بلدة العيسوية المحاصرة في القدس

منظمة التحرير تتحدث عن {عمليات إعدام ميداني}

إضراب شامل في بلدة العيسوية قرب القدس حداداً على استشهاد الأسير المحرر محمد سمير عبيد (وكالة معاً)
إضراب شامل في بلدة العيسوية قرب القدس حداداً على استشهاد الأسير المحرر محمد سمير عبيد (وكالة معاً)
TT

اعتقالات واسعة ومواجهات في بلدة العيسوية المحاصرة في القدس

إضراب شامل في بلدة العيسوية قرب القدس حداداً على استشهاد الأسير المحرر محمد سمير عبيد (وكالة معاً)
إضراب شامل في بلدة العيسوية قرب القدس حداداً على استشهاد الأسير المحرر محمد سمير عبيد (وكالة معاً)

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، 19 فلسطينيا في بلدة العيسوية وسط القدس المحتلة، ضمن الحرب التي تشنها على أهالي البلدة المحاصرة منذ 3 أيام. وقالت مصادر فلسطينية إن غالبية المعتقلين من عائلة الشاب محمد سمير عبيد الذي قتلته إسرائيل ليل الخميس - الجمعة في البلدة في مواجهات عنيفة.
وتشهد العيساوية منذ الخميس، مواجهات مع قوات الاحتلال، أصيب خلالها عشرات الفلسطينيين. واندلعت عدة مواجهات خلال الليلة الماضية في عدة أحياء في بلدة العيساوية وتم إحراق مبنى الإدارة الجماهيرية في البلدة الذي اعتبر رمزا للتعاون مع السلطات الإسرائيلية.
وتحاصر إسرائيل البلدة منذ يوم الخميس. وقال رئيس اللجان الشمالية في مدينة القدس منير زغير إن «بلدة العيساوية مغلقة ومحاصرة من كل الاتجاهات، وهناك تشديدات وفحوصات أمنية كبيرة على السكان، وهناك عدد من الإصابات نقلت إلى المستشفى وتم اعتقال سبعة شبان، كما أن هناك شوارع شبه مغلقة».
وأدانت السلطة الفلسطينية الإجراءات الإسرائيلية ضد بلدة العيساوية. ووصف تيسير خالد، عضو اللحنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ما يحدث بالبلدة «بإجراءات قمع وحشية، وعمليات إعدام ميداني، تمارسها قوات وشرطة الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين العزل في بلدة العيسوية».
وأدان خالد حملة الاعتقالات الجماعية الواسعة في أعقاب المواجهات التي شهدتها البلدة «ردا على استشهاد الأسير المحرر محمد سمير عبيد، ومواصلة احتجاز جثمانه». وأضاف في بيان أصدره أمس أن «الانتفاضة الباسلة في وجه الاحتلال والتي تعيشها العيسوية هذه الأيام جاءت تبدد أوهام الغزاة والمعتدين الإسرائيليين وأوهام حكومة نتنياهو حول القدس الموحدة، مثلما جاء توجيه رسالة واضحة للسفير الأميركي في تل أبيب ديفيد فريدمان ومبعوث البيت الأبيض لـ(الشرق الأوسط) جيسون غرينبلات، اللذين يشاركان اليوم أركان الحكومة في إسرائيل وجمعية العاد الاستيطانية، في افتتاح نفق جديد في سلوان يجري تقديمه زورا وبهتانا باعتباره طريقا استخدم خلال فترة ما يسمى الهيكل الثاني، كطريق للحج إلى المعبد المزعوم وفق الروايات والأساطير، التي تروجها الجمعيات الاستيطانية، بأن القدس كانت وما زالت وسوف تبقى عربية فلسطينية يستعصي تاريخها على التزوير ويستعصي حاضرها على سيادة غير السيادة الفلسطينية».
ودعا خالد الصليب الأحمر الدولي والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى التدخل العاجل من أجل وقف انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان الفلسطيني في مدينة القدس، ومن أجل الإفراج عن جثمان الأسير المحرر الشهيد محمد سمير عبيد حتى يجري تشييع جثمانه الطاهر بما يليق بالشهيد البطل، والتدخل العاجل كذلك لوقف حملات الاعتقال الواسعة، التي طالت العشرات من أبناء بلدة العيسوية وإطلاق سراح جميع المواطنين الذين تحتجزهم سلطات الاحتلال في مراكز التحقيق في مركز شرطة شارع صلاح الدين ومركز المسكوبية في المدينة المحتلة.
كما أدانت وزارة الخارجية والمغتربين، بأشد العبارات «حرب الاحتلال المفتوحة وعدوانها المتواصل ضد القدس عامة والعيسوية خاصة»، معتبرة أنها فصل متواصل من نظام الفصل العنصري الذي تسعى سلطات الاحتلال إلى تكريسه في الأرض الفلسطينية المحتلة، وجزء لا يتجزأ من مخططاتها الهادفة إلى تفريغ المدينة المقدسة من مواطنيها الأصليين.
وأشارت الخارجية إلى ما تشهده قرية العيسوية من «استهداف دائم، تصاعدت وتيرته على مدار اليومين الأخيرين بشكل خاص، من خلال الاقتحامات اليومية والعقوبات الجماعية والإساءات والتضييقات والتنكيل والاعتقالات والقتل وتعطيل حياة المواطنين المقدسيين، وحالة الحصار المستمر والقمع بشتى الوسائل والأساليب التي تتعرض لها العيسوية، في صورة بشعة وقاتمة من صور العقاب الجماعي، أدت إلى سقوط الشهداء والجرحى والمعاناة الكبيرة للمواطنين، ذلك بهدف الضغط على مواطنيها لتطويعهم وإخضاعهم لتهجيرهم بالقوة، كتجسيد صارخ لعمليات التهجير القسري والتطهير العرقي المتواصلة ضد المواطنين المقدسيين».
يذكر أن قرية العيسوية محاصرة من جميع الاتجاهات بالاستيطان، ويمنع سكانها من التوسع العمراني على أراضيهم. وأعربت الوزارة عن استغرابها الشديد وأسفها على صمت المجتمع الدولي عن عمليات التطهير العرقي الجارية في العيسوية، وأكدت الوزارة أن هذا الصمت يعتبر تواطؤا وجريمة في حد ذاتها.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».