«صرعة نباتية» تجتاح مطاعم العالم

مدن تسوق نفسها سياحياً بالغذاء النباتي

الوجبات النباتية هي اختيار المستقبل
الوجبات النباتية هي اختيار المستقبل
TT

«صرعة نباتية» تجتاح مطاعم العالم

الوجبات النباتية هي اختيار المستقبل
الوجبات النباتية هي اختيار المستقبل

من بدايات هامشية، تحولت الوجبات النباتية إلى تيار رئيسي يستكشفه الملايين بصفته خياراً صحياً وتهتم به المطاعم وتسوق به المدن نفسها سياحياً حول العالم. هذا التحول يروجه النباتيون على أنه بديل لذبح الحيوانات والطيور على نطاق صناعي ممنهج، ورفقاً بصحة الإنسان من انسداد الشرايين والذبحات الصدرية، والأمراض الأخرى.
ومع انتشار الظاهرة تخرج إلى الأسواق يومياً وجبات نباتية جديدة، يبدو بعضها غريباً بعض الشيء، لكنها تتمتع بإقبال كبير من الأجيال الجديدة. فحبوب البازلاء الغنية بالبروتين تدخل في تصنيع أنواع من السجق النباتي، ووجبات ماسالا هندية حارة، ومشروبات بروتينية مختلفة النكهات.
وحتى الوجبات السريعة مثل التاكو المكسيكي تحول إلى الخيار النباتي من منافذ سريعة مثل «ديل تاكو»، الذي يقول إن الوجبات النباتية الجديدة التي قدمها هذا العام تكاد تتساوى في المبيعات التقليدية بالدجاج واللحوم.
وفي مجال المأكولات البحرية، تتفوق البدائل النباتية المصنوعة من أعشاب البحر والنباتات الأخرى. ويمكن طلب نباتات بطعم وشكل أسماك التونا، كما يطلب الزبائن قطع السوشي اليابانية النباتية. وحتى الجمبري يأتي الآن في صيغة نباتية.
ويعكف خبراء التغذية على ابتكار وجبات توفر عناصر الغذاء الرئيسية البديلة للبروتين الحيواني والمستخلصة من نباتات مثل الكوسة والقنبيط والافوكادو والفطر.
وضمن هذا التيار تحول قطاع كبير من الزبائن إلى شرائح مصنوعة من الحمص والفلفل الأخضر والجبن الأبيض، مع تجنب البطاطس المقلية. ويمكن شراء هذه الشرائح من شركة «أمازون» التي توصلها إلى المنازل من مطعم اسمه «هيبيز». كما يقدم مطعم آخر اسمه «روب بافس» وجبات مكونة من الجبن الشيدر الخالي من منتجات الحليب والبنجر والزبادي، وهي أيضاً تباع على موقع «أمازون».
وعلى النمط نفسه تباع شرائح الذرة والكينوا وخبز خالٍ من الغلوتين ضمن الأنواع المتعددة التي يمكن طلبها في المطاعم أو عبر شركات توصيل الوجبات للمنازل. وتعلن هذه الشركات عن منتجاتها عبر شعارات مثل «الاعتماد على الحيوانات في الغذاء هو أمر غير مستدام، وغير صحي وغير رحيم بالبيئة».
ويرى النباتيون أن هناك عالماً جديداً من المنتجات الغذائية النباتية تنتظر اكتشافها. ومن ناحية أخرى، زادت نسبة النباتيين في أميركا بنحو 600 في المائة في خلال ثلاث سنوات فقط. وفي المدن الكبرى حول العالم مثل نيويورك ولندن وطوكيو يتزايد عدد المطاعم التي تتحول إلى تقديم الأصناف النباتية لتلبية الطلب. ولا يجد المستهلك في هذه المدن أي مشقة في العثور على بدائل اللحوم.
لكن انتشار الأسلوب النباتي في المعيشة لا يقتصر على هذه المدن، بل يعتبر تياراً عالمياً يشمل دولاً مثل كندا، وأستراليا، ونيوزلندا. وفي بريطانيا هناك 3.5 مليون نسمة أو نسبة 7 في المائة من السكان يصفون أنفسهم نباتيين. وهي نسبة تصل إلى 27 في المائة في دول نباتية تقليدياً مثل الهند.
أسباب هذا النمو في أعداد النباتيين متعددة، وتشمل الحفاظ على الصحة وخفض الوزن. ومن النباتيين من يدخل في اعتباره الحفاظ على المناخ والرفق بالحيوانات. وهناك البعض الذي يخشى ممارسات تجارة اللحوم وحقن الحيوانات بالمضادات الحيوية والهرمونات التي يمكن أن تضر الإنسان. وهناك فئة لا تستسيغ طعم اللحم بالمرة. من الأسباب المعروفة أيضاً تجنب الحساسيات من الأطعمة البحرية ومن منتجات الألبان.
ويتطلع النباتيون إلى معيشة صحية وحياة أطول من آكلي اللحوم. وهم يتجنبون الكثير من الأمراض التي تنقلها لهم وجبات تحتوي على لحوم. ويشتهر الدجاج بنقل مرض السالمونيلا، بينما تحتوي الأسماك على نسب متفاوتة من الزئبق السام.
وتشير دراسة من جامعة نورث كارولينا الأميركية بأن الحمية الغذائية النباتية هي الأفضل من جهة خفض الوزن، وأكدت دراسة أخرى من الجامعة نفسها علاقة بين الغذاء النباتي وانخفاض أمراض القلب والسرطان. ومع ذلك، توجد أيضاً دراسات معاكسة في النتائج على أساس أن النباتيين لا يحصلون على كل مكونات الغذاء الصحي الكامل.
وأدى انتشار الوجبات النباتية إلى تأثير عميق على مطاعم المدن العالمية التي قرر بعضها التحول إلى الغذائي النباتي بالكامل واكتفى البعض الآخر بتوفير قائمة طعام نباتية مستقلة بعد أن كانت الوجبات النباتية القليلة تحتل ذيل القائمة العامة للمأكولات. وتتوقع مطبوعة «فوربس» الأميركية أن تتحول المطاعم السريعة، مثل «ماكدونالد» و«برغر كنغ» إلى الوجبات النباتية أو على الأقل تقدم البديل النباتي لمن يريد.

مدن نباتية
اختار موقع «هابي كاو» النباتي أفضل عشر مدن في العالم للأطعمة النباتية، وقال إن الاختيار تم بناءً على ثلاثة عناصر، هي: عدد المطاعم النباتية في محيط خمسة أميال داخل المدن، وعدد الخيارات النباتية التي تقدمها المطاعم في المساحة نفسها، ثم الانطباع العام عن المناخ المشجع للأكلات النباتية في هذه المدن. وتسوق هذه المدن نفسها سياحياً على أنها ترحب بالزوار النباتيين من إرجاء العالم.
ووفق هذا التصنيف، تأتي لندن في المركز الأول؛ لأنها تتميز بتوفير 110 مطاعم نباتية في محيط كل خمسة أميال. ويعيش في لندن نحو 120 ألف شخص نباتي ضمن 542 ألفاً على مستوى بريطانيا. ويأتي الطعام النباتي في صيغة عربات شوارع ومطاعم وكافتيريات. كما يتم تنظيم مهرجانات وأسواق للأطعمة النباتية على مدار العام. وفي لندن لا يبعد أي شخص عن مطعم نباتي بأكثر من مسافة محطة مترو واحدة. وبدأت المطاعم العالمية تنتبه إلى الظاهرة وتقدم هي الأخرى خيارات نباتية مثل «بيتزا هت» الذي بدأ هذا العام في توفير خيارات بيتزا نباتية.
وفي المركز الثاني تأتي برلين التي تشتهر بأنها مدينة عالمية تهتم بالأطعمة النباتية. ويصل عدد المطاعم في محيط خمسة أميال في المدينة إلى 65 مطعماً. وهي توفر أنواعاً بديلة للحوم مصنوعة من مواد نباتية تشمل البيتزا والشاورما، كما توفر مطاعم المدينة وجبات متنوعة وأنواع من الخضراوات غير المطبوخة للنباتيين.
وهناك شارع في برلين مخصص بالكامل للأطعمة النباتية يسمى «شيفيلباينر» (Scshivelbeiner Strabe). ، وهو يضم إلى جانب المطاعم الكثير من المتاجر الأخرى والكافتيريات، وكلها تتخصص في البدائل النباتية. وهناك مخابز أيضاً توفر الكعك والآيس كريم والدونات النباتي. ويوجد متجر لرسم الوشم النباتي الذي يعتبره البعض تذكاراً من المدينة النباتية.
وبعد ذلك يأتي دور مدينة نيويورك غزيرة التنوع في أنواع الأطعمة العالمية التي تتاح في المدينة. وهو توفر 64 مطعماً نباتياً في محيط كل خمسة أميال داخل المدينة. وتنتشر في المدينة المطاعم الصغيرة التي توفر البرغر النباتي والسلاطات وبدائل البيتزا والفاهيتا والعصائر النباتية. كما توجد مطاعم نباتية فاخرة تقدم أنواع أطعمة «فيوجن» نباتية، ومنها «كاندل 79» و«بلوسوم» وكافيتريا «فرانشيا» التي تتخصص في الوجبات الفرنسية الخفيفة. ويمكن عن طريق تطبيقات إلكترونية العثور على أقرب مطعم نباتي في دقائق.
وتأتي مدينة بورتلاند الأميركية في المركز الرابع، التي تعتبر أن أسلوب الحياة النباتي هو جزء من نسيجها. وفي متجر واحد للجبن اسمه «فيتوبيا» يتوفر 20 نوعاً من الجبن النباتي. وتوجد بعض المطاعم غير الأميركية من أميركا الجنوبية وجنوب شرقي آسيا توفر الخيارات النباتية بطعم شهي. وبالطبع، تنتشر مطاعم البرغر النباتي. وبالإضافة إلى المطاعم توجد في المدينة عربات الطعام السريع التي تتراوح فيها المأكولات ما بين السوشي الياباني النباتي والشيكولاته البلجيكية.
وفي لوس أنجليس يوجد 42 مطعماً نباتياً في كل مساحة تبلغ خمسة أميال مربعة، وتوجد الكثير من الاصناف النباتية الصحية وغير الصحية في إرجاء المدينة. وهي تشتهر بالتنوع في المطاعم، حيث يوجد في المساحة نفسها 18 مطعماً تايلاندياً والكثير من المطاعم اليابانية والفيتنامية.
ومن المدن النباتية غير المعروفة تأتي العاصمة البولندية وارسو بعدد 47 مطعماً نباتياً لكل مساحة خمسة أميال مربعة في المدينة. ولا يبعد الزائر إلا ميل واحد عن أقرب مطعم نباتي في وارسو. وتشتهر المدينة بسلسلة مطاعم برغر نباتية اسمها «كرورزيوا» تم التصويت لها أربع مرات كأفضل مطاعم برغر، متغلبة بذلك على مطاعم البرغر الحيواني.
وتوجد في وارسو مجموعة مطاعم شرق أوسطية تقدم الفلافل وتتنافس فيها المطاعم اللبنانية مع المطاعم التركية. والأخيرة تقدم أنواعاً من الكباب النباتي تطلق عليها اسم «كابوم». ويستمر المشهد النباتي في وارسو في التوسع ويضم أنواعاً جديدة شهرياً من الكعك والحلوى التي تلتزم بالمكونات النباتية.
ومن كندا، تتميز مدينة تورونتو بالأكلات النباتية التي توفرها مطاعم متعددة، بعضها فروع لمطاعم نباتية من مدن أميركية تقدم أنواع البرغر والبيتزا النباتية. وتقدم بعض المطاعم أكلات على طريقة البوفيه بحيث يعد الزبائن أطباقهم النباتية بأنفسهم. وتشمل الأطباق أنواع السندويتشات والأطعمة النباتية غير المطبوخة.
وتقع مدينة براغ التي يصل تعدادها إلى 1.3 مليون نسمة ضمن المدن العشر الأوائل على مستوى العالم في توفير الطعام النباتي. وهي توفر 48 مطعماً نباتياً في محيط كل خمسة أميال داخلها. ويمكن الوصول إلى أقرب مطعم نباتي في مسافة تقل على الميلين داخل المدينة. وتتوفر الأطعمة التشيكية الرخيصة في هذه المطاعم. وتتمتع المدينة بتنوع المأكولات النباتية التي تجعلها مدينة جاذبة للسياحة النباتية.
وتنضم باريس أيضاً إلى المدن العالمية التي تجذب السياح النباتيين على رغم اعتماد مطعمها التقليدي على اللحوم والأسماك. وتنتشر المطاعم النباتية في أرجاء المدينة التي تقدم أنواع البيتزا والكباب والبرغر والهوت دوغ النباتي، بالإضافة إلى الحلويات والآيس كريم النباتي أيضاً. وتوجد جولات باريسية تمر على أهم شوارع المطاعم النباتية، وهي تتوفر على تطبيقات الجوال مثل تطبيق «هابي كاو».



المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».