جولة على أشهر مطاعم الـ«فيش آند تشيبس» في القاهرة

الطبق الشعبي البريطاني يغزو مصر

مطعم «فيش آند تشيبس» في القاهرة
مطعم «فيش آند تشيبس» في القاهرة
TT

جولة على أشهر مطاعم الـ«فيش آند تشيبس» في القاهرة

مطعم «فيش آند تشيبس» في القاهرة
مطعم «فيش آند تشيبس» في القاهرة

يعد الطبق الإنجليزي المعروف بـ«Fish & Chips»، الذي يتألف من السمك والبطاطس المقلية، أحد أهم الأطباق التي تعكس التقاليد الكلاسيكية في المطبخ الإنجليزي منذ أن انتشر في إنجلترا، ثم بالاعتماد عليه من جانب الطبقات الشعبية والميسورة في الحرب العالمية الثانية، وحالياً مع وجود رواج له بين زائري لندن والساحل البريطاني الذين يفضلون تذوقه.
لكن إذا لم يتح لك زيارة لندن من قبل، وبالتالي لم تجرب فيها طبق «السمك والبطاطس»، فإنه يمكنك تجربته إذا قصدت العاصمة المصرية، بعد أن أخذ الطبق طريقه مؤخراً إلى عدد من مطاعم القاهرة التي تتخصص في تقديم المأكولات البحرية، مجاوراً أطباقاً أخرى كثيرة، قوامها السمك والجمبري وثمار البحر، حيث عمدت بعض مطاعم الأسماك التي تحتضنها المراكز التجارية الكبرى إلى وجود هذا الطبق الإنجليزي، مثل «لندن فيش آند شيبس» في مول العرب، جنوب غربي القاهرة، و«توتا» بالسوق التجارية بمدينة الرحاب، شرق القاهرة، و«فيش ماركت» على نيل منطقة المعادي الراقية.
أما في قلب القاهرة، بمنطقة «وسط البلد» الشعبية، فيوجد أحدث وأشهر مطعم قاهري يقدم الطبق الإنجليزي، ويحمل اسمه «Fish & Chips»، مقدماً إياه بلمسات مصرية، ويزيد تميزه مع طريقة الإعداد والتقديم «البيتي» التي اجتذبت محبي الأسماك من الفئات الطبقية والعمرية. وبحكم موقعه، اجتذب المشاهير والمغمورين، والمصريين والعرب والأجانب، رغم مساحته الصغيرة.
بخطواتك الأولى إلى المطعم، تدخل عالماً مغايراً لما هو معتاد في مطاعم المأكولات البحرية، فلا ديكورات للأسماك أو اللون الأزرق الممثل للبحر، بل أجواء تراثية وألوان مبهجة وزهور وموسيقى، وما إن تتخذ مقعدك حتى تستقبلك بترحاب شديد صاحبة المطعم، راندا شاطر، التي تقف وراء كل بصمة فيه، بداية من التأسيس لاختيار الديكورات، إلى وضع طريقة الطهي وإعداد «التتبيلة»، مروراً بتقديم الطعام وخدمة وتلبية رغبات الزبائن، نهاية بتوديعك وقد أصبحت صديقاً حميماً للمكان، ولست زبوناً عابراً.
قبل أن تُلبي شهية الطعام، يثير فضولك أولاً السؤال عن قصة المكان. وعن ذلك، تُجيبك صاحبة المطعم: «هذا المكان كان يعرف قديماً باسم أسماك الشامي، قبل أن يُهجر، ولأنني أحب طهي الأسماك جداً، وأتقنها بشهادة من حولي من الأقارب والمعارف، فكرت في أن أؤسس مطعماً خاصاً بي، لكن بصبغة شعبية، وليس مثل ما يقدم في الفنادق، حيث أقدم مذاقاً مختلفاً، أساسه الأكل البيتي، بأسعار مناسبة وطريقة نظيفة، واخترت له اسم (Fish & Chips)، بعد أن تذوقت هذا الطبق الإنجليزي قبل سنوات في إنجلترا وراق لي».
وكربة منزل تسعى لأن تضع لمساتها الأنيقة على بيتها، اختارت ونفذت الديكورات النهائية لمطعمها بلمسات تراثية وفلكلورية، حيث الحنين للماضي، بداية من باب المطعم القديم، مروراً بالقطع الخشبية المعلقة في أرجاء المكان، والمزينة ببعض الأمثال الشعبية، والأواني الفخارية والمعلقات النسيجية وأدوات المطبخ المصري التراثية، مثل المواقد التقليدية ولمبة الجاز، وأدوات إعداد القهوة، السبرتاية والفناجين، نهاية باختيار مجموعة صور لأبرز فناني وفنانات السينما المصرية قديماً، بما جعل من المطعم مكاناً غير تقليدي، يجتذب المارة للتصوير، حتى وإن لم يتذوقوا أكلاته.
وسط هذه الأجواء، جاء موعد تلبية شهيتك، وأمامك خيارات متعددة في «منيو» المطعم «جميعها يعتمد على تتبيلة بيتية مطورة، تعد بعيدة عما تقدمه مطاعم الأسماك»، كما تؤكد دائماً صاحبة المكان، معتبرة إياها «سر الصنعة»، وتميمة نجاح المطعم التي تحاول بها إسعاد زبائنها.
ومرت قائمة طعام «Fish & Chips» بعدة تطويرات، ففي البداية اقتصرت أصنافها على طبق السمك والبطاطس، والطواجن والحساء والسمك المشوي والمقلي، إلى جانب إدخال البطاطس في الأطباق، التي استمدت فكرتها من الطبق الإنجليزي، لكن بمرور الوقت أضيفت أصناف جديدة تلبي رغبات الزبائن، وما يحسب لقائمة الطعام أنك أمام خيارات كثيرة تلبي الأذواق كافة، فهناك المقبلات والسلطات وأنواع الحساء، ثم الأطباق والطواجن والأسماك المشوية والمقلية، بأنواعها البلطي والبوري، وأنواع المأكولات البحرية، وأنواع الباستا، والوجبات العائلية.
وتقول راندا لـ«الشرق الأوسط»: «خطوة بخطوة، بدأنا في ابتكار أصناف جديدة، وتجربة أطباق أخرى، وهذه الابتكارات تتم بأفكار خارج الصندوق، وتكون بيني وبين شيف المطعم، ولا أبالغ إن قلت إنها تتم بشكل يومي حتى نستقر على المذاق، وهو ما يجعل لدينا مرونة كبيرة في الحذف والإضافة».
ومن الابتكارات التي تصادفك في قائمة الطعام إخضاع الطبق الإنجليزي للتطوير، فالبطاطس تم تطويرها لتكون محشوة بالجمبري، أو تقدم مغطاة بالجبن أو مسلوقة. كذلك من بين الابتكارات «شيش الفيليه»، حيث يتم شواء قطع الفيليه في أسياخ على الفحم، إلى جانب إدخال الصلصة البيضاء (وايت صوص) إلى عدد من الأطباق، بعد أن راقت لكثير من الزبائن. وتشير صاحبة المطعم إلى من بين مهامها شرح الأطباق والابتكارات للزبائن، وعرض الجديد عليهم، حتى أصبح هناك ثقة فيما توصي به لهم. ومن أبرز الأصناف التي توصي بها طبق إسكالوب السمك، والسي فود وجبن الموتزاريلا، والبطاطس والأرز، وسمكة البوري المخلية المطعمة بالجمبري والبطاطس، بالإضافة إلى طبقي سمك البوري المشوي على الفحم وسمك البلطي المشوي على الفحم، وكلاهما يقدم مع الأرز. أما اللمسة المصرية على قائمة الطعام، التي يتم فيها الجمع بين مأكولات من المطبخ المصري مع المأكولات البحرية، فيمكن أن نجدها في «حواوشي الجمبري»، و«مسقعة السي فود»، و«سمبوسك السي فود»، و«الكنافة بالجمبري»، وهي عبارة عن الجمبري كبير الحجم ملفوف بالكنافة التي يتم تحميرها، وهي المأكولات التي تروق لقطاع كبير من زبائن المطعم من المصريين، أما السياح فيأتي كثير منهم قاصدين تجربة الأسماك المشوية باستخدام «الردة».
بين دفء المكان والطعام المبتكر، يمكنك الآن أن تغادر «بيت راندا»، كما يسميه الزبائن، بعد أن صرت صديقاً له، وبإمكانك أن تترك انطباعك على قصاصة أو ورقة نقود، تلصق في إحدى جنباته، حتى تعود إليه مجدداً.



ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.