وصل وفد يمثل أعضاء مجلس الأمن الدولي بغداد، أمس، في خطوة هي الأولى من نوعها بعد عام 2003. وتضع الزيارة على لائحة أولوياتها تقديم الدعم للبلد الذي عانى فترات طويلة من الحروب والأعمال الإرهابية. واستناداً إلى بعض المطلعين، لن تغيب عن أجندة الزيارة أزمة الخليج الحالية والصراع المتفاقم بين واشنطن وطهران وانعكاساته المحتملة على العراق.
وطبقاً لمعلومات صادرة عن الحكومة العراقية، فإن اللقاءات التي جمعت أعضاء مجلس الأمن بالمسؤولين العراقيين؛ وفي مقدمتهم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أكدت «دعم مجلس الأمن للعراق وسيادته ووحدته واستقراره، وبحث استمرار التعاون والتنسيق وتعزيز عمل بعثة الأمم المتحدة في المجالات الإنسانية وشؤون النازحين وإعمار المناطق المحررة وقضايا المرأة والطفل».
وذكر بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء أنه قال، خلال لقائه وفد مجلس الأمن، إن «هذه الزيارة المهمة تدل على دعم المجلس واهتمامه بالعراق وبالتحولات التي يشهدها في جميع المجالات وتجاوزه بنجاح التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية الكبيرة». وأضاف عبد المهدي أن «العراق شهد حروباً خارجية وداخلية وحملات اضطهاد وإبادة وموجات إرهاب وورثنا دماراً للبنى التحتية وانقسامات مجتمعية وهدراً لثرواتنا ومواردنا البشرية والمادية وديوناً كبيرة، ورغم كل ذلك تمكن العراقيون من إقرار الدستور وإجراء عدة انتخابات تشريعية أدت لتغيير وتداول سلمي للسلطة وانتصروا على (داعش) وحرروا مدنهم».
وجدد عبد المهدي موقف العراق الثابت بشأن «عدم الدخول في سياسة المحاور والتركيز على المشتركات الكثيرة التي تجمعنا مع الدول المجاورة والإقليمية وبما يحفظ الأمن والاستقرار ويحقق مصالح وازدهار جميع شعوب المنطقة ويجنبها التوترات والأزمات والحروب». وأكد «موقف العراق المعلن من الأزمة الإقليمية الحالية».
واستناداً إلى بيان الحكومة العراقية، فإن رئيس وأعضاء مجلس الأمن عبروا عن دعمهم سيادة العراق ووحدته وخطط الإعمار، مشيدين بسياسة الحكومة العراقية المتوازنة وعلاقاتها مع محيطها العربي والإقليمي والدولي.
ونقل البيان عن رئيس مجلس الأمن في دورته الحالية، مندوب الكويت منصور العتيبي، قوله: «إننا سعداء بهذه الزيارة التاريخية ورسالتنا لكم أننا جئنا للتعبير عن دعمنا للعراق ووحدته وسيادته ولتقديم التهاني بتحقيق الانتصار على (داعش) الذي تم بفضل الله وبتضحيات الشعب العراقي، وللتأكيد على أن المجتمع الدولي يقف إلى جانبكم». وعبّر العتيبي عن ترحيب مجلس الأمن بـ«تحسين العلاقات مع الدول المجاورة ومحيطها العربي والإقليمي والدولي».
ورغم التحسن الكبير الذي تشهده علاقات العراق بالمحيطين العربي والدولي، فإن بغداد ما زالت تعاني من بقاء العراق تحت طائلة بعض بنود الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي وقع العراق تحت طائلته عقب احتلاله لدولة الكويت عام 1990.
من جهة أخرى، أكد رئيس الجمهورية برهم صالح، خلال لقائه وفد مجلس الأمن بقصر السلام في بغداد، أن «العراق حريص على إدامة التواصل والمشاورات مع مجلس الأمن الدولي لتعزيز السلم والأمن في المنطقة». وأشار صالح بحسب بيان صادر عن مكتبه، إلى أن «العراق يسعى لممارسة دوره على الصعيدين الإقليمي والدولي، والمساهمة في الجهود البناءة لترسيخ الاستقرار، ورغبته الجادة في تسوية المسائل الدولية بالطرق السياسية عبر تشجيع الحوار بين الأطراف كافة».
بدوره، عبر العتيبي عن دعمه والمنظمة الدولية للشعب العراقي وحكومته وسيادته، مشيداً بـ«السياسة المتوازنة التي ينتهجها العراق والحرص على الالتزام بمقررات مجلس الأمن، ما يدلل على صحة مساره السياسي وانفتاحه على المحيطين الإقليمي والدولي».
من جانبه، قال مستشار رئيس الجمهورية الذي حضر الاجتماع شروان الوائلي، إن «وفد مجلس الأمن أشاد بوضع العراق الدبلوماسي وانفتاحه الإقليمي، كما أشاد رئيس الوفد منصور العتيبي بالتقارب الحاصل في العلاقات بين العراق والكويت». وكشف الوائلي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «وفد مجلس الأمن لم يناقش مع رئيس الجمهورية موضوع رفع العراق من طائلة البند السابع، نعم ربما تتم مناقشة ذلك مع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي».
لكنه يرى أن «موضوع البند السابع لا يناقش ربما في هذه العجالة، خصوصاً أن الاجتماع ذو طابع سياسي، ورفع ما تبقى من قيود على العراق في البند السابع بحاجة إلى لجان فنية تخصصية، وهناك كثير من التفاصيل في ذلك، العراق خرج من أغلب بنود الفصل السابع وبقي منها ما يتعلق بمسألة التعويضات الكويتية، وقد طالبت الأخير بتأجيل الموضوع في وقت سابق».
وأشار الوائلي إلى أن «جميع أعضاء وفد مجلس الأمن كانوا حريصين على التضامن وإعلان الوقوف مع العراق وتجنيبه تداعيات ما قد يحدث في المنطقة من مشاكل جديدة، ولم يغِب التوتر بين طهران وواشنطن عن الاجتماع، وشددوا على ضرورة عودة العراق وبقوة إلى الحظيرة الدولية كأي بلد مستقر».
إلى ذلك، قال رئيس «مركز التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري، إن «زيارة وفد مجلس الأمن للعراق كانت مقررة منذ أبريل (نيسان) 2018، في زمن حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، لكن الأخير طلب تأجيلها لتزامنها مع الانتخابات العامة حينذاك، واحتمال اتهامه باستغلالها انتخابياً». ويضيف الشمري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «أجندات الزيارة كانت تستهدف في ذلك الوقت دعم العراق الخارج تواً من معركته مع (داعش) والتخفيف من آثار تلك الحرب عبر دعم عمليات إعادة الإعمار والاستقرار وعودة النازحين». ويتوقع الشمري أن «تستهدف الزيارة الحالية ذات المضامين المتعلقة بدعم العراق في جميع المجالات، وستناقش بالتأكيد الأزمة المستجدة في منطقة الخليج والصراع بين واشنطن وطهران».
وفد من مجلس الأمن الدولي في بغداد لدعم العراق واستقراره
في أول زيارة لم تغِب عنها أزمة الخليج الحالية
وفد من مجلس الأمن الدولي في بغداد لدعم العراق واستقراره
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة