مسؤول كردي يطالب بإعادة هيكلة «هيئة التفاوض العليا» السورية المعارضة

«مجلس سوريا الديمقراطية» ينفي طلب انضمامه إليها

مظاهرة تأييد لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (الشرق الأوسط)
مظاهرة تأييد لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (الشرق الأوسط)
TT

مسؤول كردي يطالب بإعادة هيكلة «هيئة التفاوض العليا» السورية المعارضة

مظاهرة تأييد لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (الشرق الأوسط)
مظاهرة تأييد لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (الشرق الأوسط)

نفى عضو المجلس الرئاسي لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» سيهانوك ديبو الانضمام إلى الهيئة السورية العليا للتفاوض المشكلة وفق القرار الأممي 2254. وشددّ بأن المجلس لم يرفع أي طلب انتساب إلى الهيئة.
وفي حديث إلى «الشرق الأوسط»، أشار ديبو إلى أنّ الهيئة ليست جمعية أو مؤسسة اعتيادية حتى يرفع طلب الانضمام إليها، وقال: «بالأساس هذه الهيئة مشكلة وفق القرار الأممي 2254 ومن أحد بنوده يُعْقَد اجتماع للمعارضة السورية في بلد عربي فكان في العاصمة السعودية الرياض، آنذاك رحبنا بالقرار وبإجراءاته لكن تم استبعاد قوى وأحزاب رئيسية مثل مجلس (مسد) نتيجة الفيتو التركي».
ويعد «مجلس سوريا الديمقراطية» المظلة السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش الإرهابي، وطرد عناصر التنظيم وأنهت خلافته المزعومة في شمال شرقي سوريا.
وأثبتت التجارب أن العملية السياسية تبقى منقوصة دون مشاركة «مسد» المظلة السياسية لقوات «قسد»، بحسب ديبو الذي اتهم هيئة التفاوض بالفشل في الملف السوري، وعزا السبب إلى «أنها عبارة عن ميكانيك معطّل لا روح فيه؛ وأغلبية أعضائه جاءوا كتجميع مفكك مصاب بعطالة شديدة دون تأثير لهم على الأرض».
من جهة ثانية، حقق المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا غير بيدرسن، بمساعدة روسية، انفراجه في تشكيل اللجنة الدستورية بعد حصوله على موافقة الحكومة السورية على اقتراح يقضي بتشكيل اللجنة التي طال انتظارها، معتبراً أنها ستكون بمثابة «مفتاح الباب» للشروع في إيجاد تسوية للحرب المتواصلة منذ أكثر من 8 سنوات.
وستتألف اللجنة من ثلاث مجموعات، كل منها ستضم 50 عضواً، الأولى اختارتها الحكومة السورية، فيما الثانية رشحت أسماؤها من المعارضة السورية الممثلة بهيئة المفاوضات العليا، أما المجموعة الثالثة وكانت محل خلاف وجدل طوال الفترة الماضية، فكان من المقرر أن يختار أعضاءها المبعوث الخاص غير بيدرسن، بهدف الأخذ بعين الاعتبار آراء ممثلين عن المجتمع المدني السوري، لكن الحكومة اعترضت على التشكيلة المقترحة من الأمم المتحدة وبضغط من الجانب الروسي حقق بيدرسن انفراجه في هذا الملف.
وكشف ديبو عن وجود محادثات مع التحالف الدولي والولايات المتحدة وبعض البلدان العربية وغيرها حول تشكيل اللجنة الدستورية، وقال بأن «تشكيل اللجنة الدستورية وإحياء العملية السياسية مرتبط بانضمام مجلس (مسد) إليها، أعتقد بأن هذه البلدان تنظر اليوم إلى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بعيونها وليس بعيون غيرها؛ وأقصد أنقرة على وجه التحديد»، مشيراً إلى أن هذه الدول باتت تنظر إلى الإدارة الذاتية لضمان وحدة الأراضي السورية الذي تعاني منه البلاد بحسب تموضع كل جهة عسكرية وسيطرتها على رقعة جغرافية، وأضاف: «هذه الدول تدعم الإدارة الذاتية بهدف عدم إنتاج نظام الاستبداد بالصيغة المركزية سابقاً وعدم إعطاء الفرصة للتنظيمات الإرهابية لتنظيم نفسها وتهديد المنطقة والعالم بأسره».
وتسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» المشكلة من تحالف بين فصائل عربية وكردية، على ثلث مساحة البلاد وتلقى مساعدة من الولايات المتحدة ودول التحالف الدولي. وكرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب رغبته بسحب القوات الأميركية من سوريا؛ لكن وزارة الدفاع (البنتاغون) قالت إنها ستبقى في هذا البلد بالوقت الحالي.
بدوره طالب سيهانوك ديبو بإعادة هيكلة «هيئة التفاوض العليا» المعارضة، لتشمل تمثيل مجلس سوريا الديمقراطية على أساس تمدده الجغرافي وسيطرته العسكرية، وقال: «يحق لنا مطالبة هذا الأمر؛ نحن أكثر السوريين الذين حاربنا الإرهاب، ومثّلنا حقيقة الحراك الثوري السوري وتجسيد مطالبه في التغيير الديمقراطي من خلال مغادرة قطعية للنظام الاستبدادي شديد المركزية وتأسيس دولة لا مركزية ديمقراطية»، منوهاً إلى نجاح تجربة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في بلد مزقته نيران الحرب منذ 8 سنوات ونيف.
وتطالب تركيا بمنطقة آمنة تقع على طول الحدود مع سوريا وبعمق 30 كيلومتراً، حيث تقع مدن وبلدات كردية رئيسية تتبع ثلاث محافظات سورية وهي الحسكة والرقة وحلب، تمتد على مسافة 460 كيلومتراً. وتنظر تركيا بريبة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية العماد العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» وتتهمها بأنها امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً عسكرياً منذ 34 سنة.
ويرى عضو المجلس الرئاسي لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» سيهانوك ديبو، أنّ تركيا ترغب في إقامة منطقة آمنة تحت رعايتها على مسافة تتراوح بين 20 و32 كيلومتراً على طول حدودها الجنوبية، وقال: «نحن رفضنا أن تكون هذه المنطقة برعاية تركية سواء كانت من الناحية العسكرية أو الإدارية، الأمر الذي دفع أميركا للقيام بدور الوساطة بين الطرفين، من أجل الوصول إلى آلية واضحة وتوافق حول هذه المنطقة»، لافتاً أنه طالب بمنطقة آمنة تحت حماية قوات محلية وبقرار أممي، مشيراً إلى أنّ أكراد سوريا لم يستهدفوا الأمن التركي، ذلك أن «تركيا هي مَن تهدد أمننا بشكل مستمر وتحتل أراضينا، فمنذ 8 سنوات من الأزمة السورية لم يقع أي تهديد يُذكر من مناطقنا ضد تركيا، كما قمنا بحماية حدود الدولة السورية».
وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ أكراد سوريا تدريجياً في شمال سوريا، خصوصاً بعد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم نهاية عام 2012. وتمكنوا من إقامة إدارات ذاتية وتأسيس قوات عسكرية وأمنية، فضلاً عن إنشاء مؤسسات عامة وإعادة إحياء لغتهم وتراثهم، وافتتاح مدارس يتم فيها تدريس مناهج باللغة الكردية.
وحذر ديبو من غياب خطة صلبة وجدول زمني لحل الأزمة السورية، وقال: «الحاسم في الأزمة السورية بأن الآستانات السورية صارت خلفاً؛ مما يستوجب تفعيل مسار جنيف وإخراجه من غرفة الإنعاش وإنقاذه من حالة الموت السريري الذي تعرض له، نتيجة التدخلات وحالات التصادم في التدخلين الإقليمي والدولي في الشأن السوري ويجب التنويه هنا بأن أنقرة لعبت الدور المدمر في ذلك».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.