«هيومن رايتس» تتهم دمشق بـ«استغلال» مساعدات المنظمات الدولية

TT

«هيومن رايتس» تتهم دمشق بـ«استغلال» مساعدات المنظمات الدولية

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، أمس (الجمعة)، الحكومة السورية، بـ«استغلال» المعونات الإنسانية ومساعدات إعادة الإعمار، محذرة الجهات الفاعلة في المجال الإنساني من خطر المشاركة في انتهاكات حقوق الإنسان.
وبعد ثماني سنوات من النزاع، باتت قوات النظام تسيطر على نحو ستين في المائة من مساحة البلاد، وتسعى لإطلاق عجلة إعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وفي تقرير بعنوان «نظام مغشوش: سياسات الحكومة السورية لاستغلال المساعدات الإنسانية وتمويل إعادة الإعمار»، أوردت «هيومن رايتس ووتش» التي تتخذ من نيويورك مقراً لها أن «الحكومة السورية تستغل المعونات الإنسانية ومساعدات إعادة الإعمار، وفي بعض الأحيان تستخدم الأماكن لترسيخ السياسات القمعية».
وحثّت في تقريرها المؤلف من 94 صفحة «المانحين والمستثمرين على تغيير ممارساتهم في مجال المساعدات والاستثمار لضمان أن أي تمويل يقدمونه إلى سوريا يعزز حقوق السوريين».
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في «هيومن رايتس ووتش»، لما فقيه، أنه «رغم ظاهرها الجيد، تُستخدم سياسات المساعدات وإعادة الإعمار التي تتبعها الحكومة السورية لمعاقبة من تعتبرهم معارضين، ولمكافأة مؤيديها».
واعتبرت أن «الإطار الذي تستخدمه الحكومة السورية للمساعدات يقوّض حقوق الإنسان، وينبغي للمانحين ضمان عدم التواطؤ في الانتهاكات الحقوقية التي ترتكبها».
ويفصّل التقرير الذي يستند إلى مقابلات مع موظفي إغاثة ومانحين وخبراء ومستفيدين، كيف أن المنظمات الإنسانية العاملة في سوريا «تُجبر على قبول مطالب الحكومة» خشية من فقدان قدرتها على الوصول إلى الفئات المستهدفة أو منعها من العمل.
وبحسب التقرير، فإن الحكومة «تُقيّد وصول المنظمات الإنسانية إلى المجتمعات التي تحتاج إلى المساعدات أو يُزعم أنها تتلقى المساعدات، وتوافق بشكل انتقائي على مشاريع المساعدات، وتفرض شروطاً على الشراكة مع الجهات الفاعلة المحلية التي تخضع لتدقيق أمني».
ونقل التقرير عن موظفي إغاثة ومسؤولين تنفيذيين أنه «إذا علمت الحكومة أن مشاريعهم تشمل حماية حقوق الإنسان، فإنها تفرض قيوداً أكثر، وتمنع وصول الموظفين، بل وتهدد بإلغاء تأشيراتهم».
ولا تملك المنظمات «قدرة حقيقية» على «التفاوض مع الحكومة»، وفق «هيومن رايتس ووتش»، التي أشارت إلى أن تقديم المساعدات في مناطق سيطرة الحكومة ضرورية.
وتواجه الجهات المنخرطة في عملية إعادة بناء سوريا، وفق التقرير، العديد من المشاكل بما فيها «تقييد الوصول إلى مناطق المشاريع، واشتراط الشراكة مع أفراد أو منظمات متورطة في الانتهاكات».
وتقترح «هيومن رايتس» على المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة والجهات المانحة مجموعة من الخطوات التي عليها اتباعها لضمان عدم مساهمة عملها في انتهاكات حقوق الإنسان، من بينها تفعيل آلية مركزية للتنسيق والتبادل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.