معارضة واسعة في إسرائيل لشروط التهدئة مع «حماس»

المعارضة تتوقع حرباً أخرى مع قطاع غزة خلال أسابيع

TT

معارضة واسعة في إسرائيل لشروط التهدئة مع «حماس»

خرج أقطاب المعارضة الإسرائيلية، ومعهم سكان البلدات اليهودية المحيطة بقطاع غزة، بحملة واسعة للاعتراض على شروط التهدئة التي توصلت إليها حكومة بنيامين نتنياهو مع حكومة «حماس»، بقيادة إسماعيل هنية، الليلة قبل الماضية، واعتبروها «اتفاقاً هشاً لا يحل المشكلة جذرياً، ويبين أن نتنياهو يرضخ لشروط (حماس)»، وتوقعوا انفجاراً حربياً مع قطاع غزة خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وقال رئيس حزب الجنرالات (كحول لفان)، الجنرال بيني غانتس، إن «الاتفاق الذي جرى توقيعه الليلة الماضية يثبت أن (حماس) تُملي الأمور على نتنياهو. ليس هكذا يصنعون الردع»، فيما أشار سكان البلدات الإسرائيلية في الجنوب إلى استمرار ظاهرة البالونات المتفجرة، وقالوا: «الحرب بالنسبة لنا مستمرة، ولا وجود لتهدئة، فقد أرسلوا لنا كتاباً مفخخاً فقط صباح هذا اليوم».
وكان مصدر إسرائيلي قد أعلن، أمس (الجمعة)، عن التوصل إلى اتفاق هدنة مع «حماس»، بوساطة الأمم المتحدة، يتضمن وقف إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة، وغيره من الأعمال العدائية العنيفة، مقابل إلغاء الإجراءات العقابية الإسرائيلية الأخيرة. وأشار هذا المصدر إلى أن إسرائيل استجابت لطلب أممي ومصري بتوسيع منطقة الصيد قبالة شواطئ القطاع إلى 15 ميلاً بحرياً، وكذلك إعادة نقل المحروقات لمولدات التيار الكهربائي، وإعادة فتح معبر كرم أبو سالم، جنوب شرقي القطاع، استثنائياً، لإدخال الوقود لمحطة كهرباء غزة. وقال محمد ثابت، مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة الكهرباء الفلسطينية: «إن إدخال الوقود سمح بتشغيل المولد الثالث في المحطة الذي توقف يوم الثلاثاء الماضي بسبب نقص الوقود».
وأكد مسؤول أمني إسرائيلي أنه تم التوصل إلى اتفاق تهدئة بين إسرائيل وحركة حماس، بعد أن التزمت «حماس» بوقف «العنف ضد إسرائيل»، وهدد بأنه «إذا لم تلتزم (حماس) بالتعهدات، ستستأنف إسرائيل العقوبات».
ولكن هذا الاتفاق أثار موجة انتقادات واسعة في إسرائيل. فقال النائب عمير بيرتس، وزير الدفاع السابق الذي ينافس على رئاسة حزب العمل ويسكن بنفسه في مدينة سديروت قرب الحدود مع غزة: «أنا أرحب باتفاق تهدئة مع (حماس)، ولكن من دون إعادة الإسرائيليين المحتجزين لدى (حماس)، يعتبر هذا الاتفاق خطوة فاسدة من ناحية أخلاقية تمس بجيش الدفاع الإسرائيلي»، وأضاف بيرتس: «المطلوب هو حل طويل الأمد، وليس اتفاقات تهدئة مشكوك بها، ولا تساوي الورق المكتوبة عليه، ويتم التخلي مرة أخرى عن الجنود والمواطنين، ووضعهم بأيدي (حماس). (حماس) تلعب بنتنياهو». وسخرت وسائل الإعلام الإسرائيلية من الاتفاق، إذ إنه بعد توقيعه بساعات، تواصل إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة باتجاه جنوب البلاد، واندلاع حرائق جراءها في عشرات المواقع. وقال المحللون في الصحف المركزية الثلاث إن هذا الاتفاق صوري، ولن يصمد طويلاً، ويبشر بحرب آتية، قد تنشب في الشهور الثلاثة قبيل الانتخابات المقبلة، في 17 سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقام رئيس حزب الجنرالات بجولة تضامن مع سكان البلدات في الجنوب، قال خلالها: «أوجد الآن هنا في بلدات غلاف غزة (البلدات المحيطة بالقطاع)، وبإمكاني أن أرى أن نتنياهو يعبئ الهيليوم ببالونات حماس الحارقة، وتصل البالونات كل مرة من جديد وتشعل الحرائق؛ لقد فقدنا الردع. وينبغي صنع ردع بواسطة هجمات شديدة، ويجب أن يكون هناك رد فعل شديد. وعندما لا يكون هناك رد فعل شديد، لا يكون ردع، ولذلك فإنه لا توجد تهدئة حقيقية».
وأضاف غانتس الذي شارك في قيادة عدة حروب ضد غزة في الماضي: «سكان غلاف غزة لا يهمون نتنياهو بشيء. إنه يتفرج عليهم وهم يعانون من احتراق حقولهم، ويرون النار تقترب من بيوتهم. من أجل إعادة الهدوء الحقيقية، يجب أن يختفي السواد، وأن يزدهر الأمل، طوال الوقت عندنا، وفي الجانب الآخر أيضاً. ولا ينبغي أن نتقبل بعدم اكتراث الحقول السوداء. ويجب التسبب بأن يكون الأسود أكثر في الجانب الآخر. وينبغي الرد على أي خرق للسيادة بقوة حتى يتحقق الهدوء. وعندما لا يسود الهدوء، في الجانب الآخر لن يكون هدوء أيضاً. وتحت حكومتي، إذا لم يتوقف هذا الأمر، فإنه سيتوقف بالقوة، بأن تشتعل النيران هناك أكثر من هنا. وفقط عندما يسود الهدوء، بالإمكان الانتقال إلى مجالات أخرى».
وقال عضو الكنيست من حزب الجنرالات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غابي أشكنازي، إن «هذه ليست تهدئة». وخاطب نتنياهو قائلاً: «تتحمل المسؤولية، واذهب إلى غلاف غزة، اذهب إلى السكان وانظر في عيونهم؛ إنهم بانتظار إجابات».
كذلك قال رئيس الحكومة الأسبق، إيهود باراك، الذي عاد أول من أمس إلى الحلبة السياسية بتأسيس مجموعة حزبية تخوض انتخابات الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) المقبلة: «هذا استسلام آخر من جانب نتنياهو لـ(حماس). وبعد مئات الحرائق، توصلوا مرة أخرى إلى صفقة إشكالية، ربما ستصمد بضعة أيام بصعوبة. وبغياب حسم الأهداف والطريق، يتآكل الردع، والحكومة تتحول إلى رهينة بأيدي (حماس) التي تريد إشعال المنطقة».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).