زراعة نخاع العظم... عمليات ناجحة لأمراض الدم

نصر طبي كبير يُعيد المريض طبيعياً

زراعة نخاع العظم... عمليات ناجحة لأمراض الدم
TT

زراعة نخاع العظم... عمليات ناجحة لأمراض الدم

زراعة نخاع العظم... عمليات ناجحة لأمراض الدم

تتعدد وسائل علاج أمراض الدم، بمختلف أنواعها، من علاج دوائي إلى نقل للدم وإلى زراعة النخاع. فهل ينصح بإجراء عملية زراعة النخاع في جميع الحالات؟ وما نسبة نجاح العملية؟ ومن هو المريض المثالي لمثل هذه العملية؟ وكيف يتم تحضير المريض المتلقي وكذلك المتبرع قبل العملية ورعايتهما بعدها؟
توجهنا بهذه التساؤلات إلى أحد المتخصصين في أمراض الدم، الدكتورة محاسن الصالح استشارية أمراض الدم والأورام بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، فأوضحت أولا أنها متخصصة في أمراض الدم والأورام، وهناك أطباء آخرون متخصصون في زراعة الدم وأن مهمتها تنحصر بالفعل في تحضير المريض الذي سيخضع لعملية الزراعة. ومن هذا المنطلق أشارت إلى أن مستشفى الملك فيصل التخصصي يستقبل المرضى المحولين إليه من جميع أنحاء المملكة، وهم المصابون بأربع فئات من الأمراض وهي الأنيميا المنجلية، وأنيميا البحر الأبيض المتوسط أو الثلاسيميا، والهيموفيليا وفشل النخاع العظمي. ويكون للمصابين بهذه الأمراض الأولوية في إجراء عملية زراعة النخاع، وتكمن مهمتنا في تحضير هذه الفئات واختيار المناسب منهم لعملية زراعة النخاع.

حالات مرضية
تقول الدكتورة محاسن ليست جميع الحالات على حد سواء، وإنما تُعطى الأولوية للحالات التالية:
> مريض الأنيميا المنجلية الذي يعاني من النوبات المتكررة التي تدخله العناية المركزة بالمستشفيات.
> المريض الذي تصيبه نوبات في الرأس وتؤدي إلى تجلطات مثلاً.
> المريض الذي يتعرض لنوبة بشرايين الصدر تؤدي إلى نقص الأكسجين وتؤدي أيضا لدخوله العناية المركزة.
> المريض الذي توفي أحد إخوانه أو أقاربه بسبب الأنيميا المنجلية.
> مرضى أنيميا البحر المتوسط (ثالاسيميا).
> ومن يتوفر له متبرع متطابق مائة في المائة سواء كان مريضا بأنيميا منجلية أو أنيميا البحر المتوسط أو فشل النخاع العظمي.
> وبالطبع كلما كان العلاج في سن مبكرة كان نجاح العملية كبيراً، فيفضل أن تتم الزراعة في مرحلة الطفولة، للطفل الذي يعاني من أحد هذه الأمراض وتأتيه النوبات ويضطر لأخذ الدم بصورة مستمرة كل شهر، وبالتالي يتجمع الحديد بدمه. كما يُفضل أن تكون الأعمار من سنتين إلى خمس سنوات، وأن لا يتجاوز وزن الطفل 10 كيلوغرامات خصوصاً بالنسبة لمرضى الأنيميا المنجلية وأنيميا البحر المتوسط.
أما مواصفات المتبرع فهي:
> أن يكون التطابق بين المتلقي والمتبرع مائة في المائة، وأن يكون ذكرا لذكر، وأنثى لأنثى.
> أن تكون فصيلة الدم متطابقة.
> أن يكون خاليا من الأمراض كالتهاب الكبد «إيه» و«بي» و«سي».
> أن يكون خاليا من أمراض الدم الوراثية، وتكون صحته العامة جيدة.
أما عن التطابق بين الأقرباء، فإن القرابة من الدرجة الأولى يكون التطابق فيها أكثر، ومن النادر أن يتطابق الأب والأم مع أطفالهما، فالتطابق يكون في هذه الحالة مناصفة، بحيث تكون الأم متطابقة مع ابنها بنسبة 50 في المائة وكذلك الأب. وهذه المعلومات في غاية الأهمية حول التطابق بين المتبرع والمُتبرَّع له بنخاع العظم.

عملية الزراعة
ننتقل الآن إلى عملية تحضير المريض الذي وقع عليه الاختيار، وتم الاتفاق على أنه ملائم للزراعة. كيف يتم تحضيره، علماً بأنها مرحلة مهمة جداً وتعتمد عليها نسبة نجاح العملية بشكل كبير؟
أجابت الدكتورة محاسن الصالح بأن عملية تحضير المريض تنقسم إلى قسمين، القسم الأول يقوم به طبيب الدم وهو التحضير، أما القسم الثاني فيقوم به الطبيب الذي سيقوم بعملية الزراعة. وبصفتي طبيبة دم فإنني أقوم بعملية التحضير لما قبل عملية الزراعة، بحيث أتأكد من التشخيص أولا بأنه أنيميا منجلية أو أنيميا البحر المتوسط مثلا والطفرة الوراثية الموجودة أو الخلل الجيني، وعدم وجود التهاب كبدي وبائي من الأنواع الثلاثة، والتأكد من وظائف الكلى والكبد وأشعة الصدر، وكمية الحديد المترسبة، فإذا كانت مرتفعة نقوم بتحضير المريض بخفض هذه الكمية عن طريق إعطائه الأدوية الطاردة للحديد من الجسم، إضافة إلى التأكد من خلو الرأس من أي تجلطات أو أي عيوب خلقية في الشرايين التي تغذي الرأس عن طريق أشعة الرنين المغنطيسي.
وبالنسبة للمتبرع، فإنه يحتاج أيضا لبعض الفحوصات، للتأكد من التطابق مائة في المائة مع المريض، وأنه خالٍ من المرض ولا يعاني من نفس المرض، كما يتم التأكد من فصيلة دمه ونسبة الهيموغلوبين بالدم، ومن صحته العامة وخلوه من الأنيميا وأن وزنه جيد وعمره مناسب وأن حالته النفسية جيدة، والتأكد أيضاً من موافقة الأهل بأنه سيكون المتبرع.
> استخلاص وزرع النخاع: يُؤخذ النخاع من المتبرع، عادة، من النخاع العظمي أي من مصنع الدم، وأكثر عظمة ملائمة هي عظمة الحوض الموجودة بالجهة الخلفية (iliac crest)، وتتم هذه العملية تحت التخدير لأنها عملية مؤلمة جداً وقد يتعرض المتبرع بعدها لنوع من الأنيميا H وإلى انخفاض في كمية الدم لديه، إضافة إلى تأثيرات التخدير، ومن هنا يُستحسن تنويم المريض ليومين بالمستشفى على الأقل.
> نجاح العملية: إن نجاح عمليات زراعة النخاع تُعد نصراً كبيراً للطب الذي تمكن من زراعة عضو كان فاشلاً أو كان مصاباً بأحد الاضطرابات التي تخل بوظائفه الطبيعية كبقية الناس، ويُعيد المريض إنساناً طبيعياً مرة ثانية.
ونسبة نجاح هذه العملية عالية جداً بشكل عام، وهي تعتمد على عدة عوامل أهمها تحضير المريض للزراعة كالتشخيص الدقيق والصحيح للمرض، العمر، كمية الدم التي أخذها، خلوه من الأمراض ونسبة الحديد بجسمه. والعامل المهم الآخر هو متابعة المريض بعد العملية لأن المريض قد يتعرض لهجمات تكون قاتلة في بعض الحالات إن لم تخضع لمراقبة دقيقة خاصة للأدوية المثبطة للمناعة ولإنزيمات ووظائف الكبد والكلى، لأنها قد تتعرض لاختلال وهجمات تؤدي إلى نزول نسبة الدم والصفائح. وتكون متابعة المريض خلال الشهر الأول من عملية الزراعة (وهي الفترة الأخطر) في غرفة منعزلة هو ومرافقه بالمستشفى.
ثم تبدأ تهيئة المريض للخروج إلى البيت والمتابعة المنتظمة خلال المائة يوم الأولى من الزراعة في العيادات الخارجية بشكل يومي تقريباً ثم أسبوعي، يتم خلالها ضبط الأدوية ومراقبة الدم ووظائف الكبد والكلى وشهية الأكل وتعرض المريض للشمس.
> متى نستطيع القول بأن المريض الزارع قد انتهى عهده مع مرض الدم الوراثي؟
هناك مؤشرات يتابعها الطبيب بعد عملية زراعة النخاع يتعرف من خلالها التطورات الصحية للمريض وعلى نجاح العملية وأن المريض لم يعد مريض أنيميا منجلية كما كان، مثلا، فلم يعد يتعرض للنوبات التي كان يتعرض لها من قبل، كما أن نسبة الهيموغلوبين والوظائف وكريات الدم البيضاء ونسبة الصفائح تصبح في الحدود الطبيعية، فكل ذلك يدل على أن المريض لم يعد مريضاً كالسابق. وبالنسبة لمريض الثلاسيميا الذي كان في الأول يأخذ الدم كل شهر أو 3 أسابيع أو حتى كل أسبوعين، أصبح لا يحتاج إلى أخذ دم، وهذا يدل على أن جسمه بدأ يفرز كمية الدم المطلوبة لتحقيق العملية الفسيولوجية الطبيعية.
تحضير المريض والأسرة
إن عملية التحضير لزراعة النخاع والمرحلة التي تسبق العملية والتي تليها تحتاج من المريض إلى تعاون وصبر شديدين وإلى ضرورة الاستماع إلى نصائح الطبيب الذي سيقوم بالزراعة وكذلك الفريق القائم على العملية وتطبيقها. إن هذه العملية تحتاج إلى نظافة عامة لتجنب التلوث بالجراثيم سواء في المعيشة بالبيت أو خارجه. وأما أسرة مريض الزراعة فعليها التعاون مع الفريق الطبي قبل الزراعة وبعدها ما يرفع من نسبة النجاح المتوقعة للعملية.
* استشاري في طب المجتمع


مقالات ذات صلة

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
TT

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

أحياناً، لا يستطيع بعضنا النوم، رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد؛ وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا، وفقاً لما توصلت إليه دراسة جديدة.

وكل ليلة، ومع غروب الشمس، تبدأ بعض ميكروبات الأمعاء، المعروفة بميكروبات الليل، التكاثر والازدهار، بينما تموت ميكروبات أخرى، وتتغير المواد الكيميائية التي تفرزها هذه الميكروبات أيضاً، مما يسهم في النعاس، وفق ما نقله موقع «سايكولوجي توداي» عن مؤلفي الدراسة الجديدة.

ويصل بعض هذه المواد الكيميائية إلى منطقة تحت المهاد، وهي جزء من دماغك يساعدك على البقاء هادئاً في أوقات التوتر.

وقال الباحثون في الدراسة الجديدة: «من المدهش أن الميكروبات التي تحكم أمعاءك لها إيقاعات يومية، فهي تنتظر الإفطار بفارغ الصبر في الصباح، وفي الليل تحب أن تأخذ قسطاً من الراحة، لذا فإن تناول وجبة خفيفة، في وقت متأخر من الليل، يؤثر إيجاباً بشكل عميق على ميكروبات الأمعاء لديك، ومن ثم على نومك ومدى شعورك بالتوتر».

وأضافوا أن عدم التفات الشخص لما يأكله في نهاية يومه ربما يؤثر بالسلب على نومه، حتى وإن كان يشعر بالتعب الشديد.

كما أن هذا الأمر يزيد من شعوره بالتوتر، وهذا الشعور يؤثر سلباً أيضاً على النوم.

ولفت الفريق، التابع لجامعة كوليدج كورك، إلى أنه توصّل لهذه النتائج بعد إجراء اختبارات على عدد من الفئران لدراسة تأثير الميكروبيوم على الإجهاد والإيقاعات اليومية لديهم.

وقد حددوا بكتيريا واحدة على وجه الخصوص؛ وهي «L. reuteri»، والتي يبدو أنها تهدئ الأمعاء وتؤثر إيجاباً على الإيقاعات اليومية والنوم.

ويقول الباحثون إن دراستهم تقدم «دليلاً دامغاً على أن ميكروبات الأمعاء لها تأثير عميق على التوتر وجودة النوم».

ونصح الباحثون بعدم تناول الأطعمة والمشروبات السكرية ليلاً، أو الوجبات السريعة، وتلك المليئة بالدهون، واستبدال الأطعمة الخفيفة والمليئة بالألياف، بها.