فلسطينيون: ورشة المنامة «رشوة» أميركية فارغة المضمون

جانب من الجلسة الافتتاحية لورشة المنامة (صورة أرشيفية - رويترز)
جانب من الجلسة الافتتاحية لورشة المنامة (صورة أرشيفية - رويترز)
TT

فلسطينيون: ورشة المنامة «رشوة» أميركية فارغة المضمون

جانب من الجلسة الافتتاحية لورشة المنامة (صورة أرشيفية - رويترز)
جانب من الجلسة الافتتاحية لورشة المنامة (صورة أرشيفية - رويترز)

فشلت ورشة العمل التي عقدت في البحرين لعرض الشق الاقتصادي من الخطة الأميركية للسلام، والتي تسبق إعلان الجانب السياسي من الخطة، في إقناع الفلسطينيين الذين قاطعوها ونددوا بانعقادها. وأجمعت الفصائل الفلسطينية على إدانة الورشة قبل انعقادها، ولم يحظ الحدث بتغطية إعلامية فلسطينية كبيرة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ورغم أن الاحتجاجات التي تمت الدعوة إليها في الضفة الغربية وقطاع غزة لم تكن في المستوى المتوقع، فإن كثيراً من الفلسطينيين تجاهلوا الحدث الذي عقد يومي الثلاثاء والأربعاء في العاصمة البحرينية المنامة.
وجاءت وجهة نظر الشارع الفلسطيني منسجمة مع وجهة نظر القيادة التي لم تأخذ المبادرة الأميركية لحل النزاع على محمل الجد.
وقال المسؤول الفلسطيني، أحمد مجدلاني لوكالة الصحافة الفرنسية: «الورشة فشلت في تحقيق أهدافها»، وأضاف: «كان التمثيل فيها هزيلاً والمضمون فارغاً».
وقال الأستاذ الجامعي روحي زيادة، في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة: «فلسطينياً لم يكن هناك اهتمام بالحدث»، وأضاف متهكماً: «إذا قررت زوجتي أن تطهو لي طبقاً لا أحبه، فلن أستطيع تناوله مهما أضفت إليه، ونحن لا نريد هذا المؤتمر».
ويقول الشاب الفلسطيني محمد غليص (28 عاماً) الذي يوزع المياه على المكاتب في رام الله، إن الفلسطينيين لم يولوا المؤتمر كثيراً من الاهتمام، اعتبروه «غير مهم». ويضيف: «طبعاً إنها رشوة. الحل الاقتصادي ليس بديلاً للحل السياسي، نريد حلاً سياسياً عادلاً لقضيتنا».
وجمدت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية اتصالاتها مع الإدارة الأميركية منذ أواخر عام 2017، بعد اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، انطلاقاً من اعتبارها واشنطن منحازة بشكل صارخ إلى إسرائيل.
ورفض جميع رجال الأعمال الفلسطينيين البارزين حضور المؤتمر، متهمين الولايات المتحدة بمحاولة استخدام نفوذها المالي لشراء تطلعاتهم نحو دولة فلسطينية مستقلة. وكان الحاضر الوحيد أشرف الجعبري من مدينة الخليل جنوب الضفة المحتلة، وهو يقدم نفسه كرئيس لشبكة أعمال فلسطينية تضم 250 عضواً، وهي مؤسسة غير معروفة.
ويبدو أن هذه الشبكة تعمل لحساب «غرفة تجارة وصناعة في الضفة الغربية المحتلة» وهي هيئة مشتركة بين مستوطنين إسرائيليين وعدد ضئيل من الفلسطينيين، علماً أن الغالبية الكبرى من الفلسطينيين ترفض هذا النوع من العلاقات مع المستوطنين.
وفي نهاية ورشة المنامة، قال مستشار الرئيس الأميركي، وصهره جاريد كوشنر، إنه «ترك الباب مفتوحاً» إذا كان الفلسطينيون مهتمين بالسلام، وأضاف: «إذا كانوا يريدون بالفعل جعل حياة الناس أفضل، فها نحن وضعنا إطاراً رائعاً، يمكنهم من خلاله المشاركة ومحاولة تحقيق ذلك».
وأعلنت الولايات المتحدة أنّ خطتها للسلام في الشرق الأوسط تهدف إلى جذب استثمارات تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار لصالح الفلسطينيين، وخلق مليون فرصة عمل لهم، ومضاعفة ناتجهم المحلّي الإجمالي، وذلك خلال عشرة أعوام.
ورسمت الخطة الاقتصادية التي نوقشت في المنامة مستقبلاً «وردياً» للأراضي الفلسطينية، في ما يتعلق بالبنية التحتية وتكنولوجيا الجيل الخامس للهواتف الجوالة.
وتحدث المجتمعون في المؤتمر مراراً عن الفساد في الأراضي الفلسطينية، واعتبروا أنه سبب للأزمة الاقتصادية، وبالكاد تم التطرق إلى الاحتلال كمسبب لذلك، كذلك لم يتم في البحرين الحديث عن حركة «حماس».
وتواجه الحكومة الفلسطينية أزمة مالية خانقة، أجبرتها على أن تدفع لموظفيها البالغ عددهم نحو 130 ألفاً نصف رواتبهم فقط.
ورغم هذه الأزمة، لا يعول المسؤولون الفلسطينيون على نجاح المبادرة الأميركية لتسوية النزاع.
وأوضح عوفر زالزبرغ المحلل لدى مجموعة الأزمات الدولية، أن الإدارة الأميركية كانت تأمل في الاستفادة من العائدات الاقتصادية المحتملة لخطتها «لتحسين العلاقة بين الشعب الفلسطيني وقيادته»، لكن الأمور لم تجرِ على هذا النحو، بل حصل العكس. وأضاف: «لقد قللوا من أهمية التغطية الإعلامية في وسائل الإعلام الفلسطينية. هذه الخطوة زادت الرفض الفلسطيني للجهود الأميركية»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.