كشف هوية طيار أميركي مرتزق «يفتح النار» على حكومة الوفاق الليبية

وسط تزايد الاتهامات لها باستخدام أجانب في معركة طرابلس

رئيس حكومة الوفاق الليبية مع رئيس جمهورية الكونغو في برازافيل
رئيس حكومة الوفاق الليبية مع رئيس جمهورية الكونغو في برازافيل
TT

كشف هوية طيار أميركي مرتزق «يفتح النار» على حكومة الوفاق الليبية

رئيس حكومة الوفاق الليبية مع رئيس جمهورية الكونغو في برازافيل
رئيس حكومة الوفاق الليبية مع رئيس جمهورية الكونغو في برازافيل

أحدث كشف صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن هوية الطيار الأجنبي، الذي أسقط «الجيش الوطني» الليبي الطائرة الحربية، التي كان يقودها بمحور الهيرة (بين مدينتي العزيزي وغريان جنوب طرابلس) في السابع من مايو (أيار) الماضي، ردود فعل متباينة في الأوساط الليبية، وسط تزايد اتهامات «الوفاق» بـ«استخدام المرتزقة» في معركة طرابلس.
وكانت الصحيفة قد نقلت عن مسؤولين أميركيين أنه جرى إطلاق سراح الطيار المعتقل لدى قوات «الجيش الوطني» منذ ستة أسابيع، وهو أحد المحاربين القدامى في سلاح الجو الأميركي، مشيرة إلى أنه متهم بالتصرف «كمرتزق في الحرب الأهلية في ليبيا».
وانتقد سياسي ليبي، محاولة حكومة «الوفاق» الاستعانة بمقاتلين أجانب لخوض معركة طرابلس، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب أن يكف كلا المتنازعين عن اللجوء للخارج في المعارك الداخلية».
ويدعى الطيار، الذي أعلن حينها أنه برتغالي الجنسية، ويعمل لصالح الكلية الجوية بمصراتة، جيمي سبونغول، وهو من فلوريدا ويبلغ من العمر (31 عاماً)، وكان يقود طائرة من طراز «ميراج F1» الفرنسية الصنع بالقرب من العاصمة الليبية طرابلس في السابع من مايو عندما سقطت طائرته.
وكان الجيش «الوطني الليبي» قد نشر بعد فترة وجيزة من الحادث صورا للطيار المعتقل وهو ملطخ بالدماء، ويتلقى العلاج من قبل قواته، التي بثت على منصات التواصل الاجتماعي شريط فيديو، ظهر من خلاله سبونغول وهو يعرف نفسه بأنه مواطن برتغالي يدعى جيمي ريس، وقال إنه كان في ليبيا بموجب عقد مدني تركز على تدمير الجسور والطرق.
لكن حكومة «الوفاق» الليبية التزمت من جانبها الصمت حيال الكشف عن هوية الطيار الأجنبي، وسط استمرار حالة من الغضب بين أطراف ليبية، بسبب اتهامات باستخدام «الوفاق» طيارين أجانب في معركة طرابلس.
في غضون ذلك، دخلت الصين على خط الأزمة في ليبيا، بعدما بحث محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة «الوفاق»، مع نظيره الصيني وانغ يي، أمس في بكين الأوضاع في العاصمة.
وشدد يي خلال اللقاء، بحسب البيان الذي نقلته خارجية «الوفاق»، على ضرورة «العودة إلى الحوار كخيار لحل الأزمة في ليبيا». مؤكدا أن بلاده «تدعم وحدة ليبيا واستقرارها، وترفض أي تدخل خارجي في شؤونها، كما ترغب في عودة سفارتها إلى طرابلس، ومشاركة شركاتها في إعادة إعمار ليبيا».
ميدانيا، سادت حالة من الهدوء النسبي محاور الاقتتال في الضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس أمس، بين «الجيش الوطني» وقوات حكومة «الوفاق»، وهو ما دفع وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أمس، إلى المطالبة «بوقف فوري لإطلاق النار»، فيما أعلنت روما أن وزير الخارجية الإيطالي إينزو موافيرو ميلانيزي سيلتقي غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا، بعد غد داخل مقر الوزارة (قصر فارنيزينا).
من جهته، أجرى فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، محادثات أمس في الكونغو برازفيل، مع رئيس الجمهورية دنيس ساسو نغيسو، في زيارة مفاجئة لم يعلن عنها.
وتناولت المحادثات التي جرت في القصر الجمهوري بالعاصمة الكونغولية برازفيل مستجدات الوضع في ليبيا، وجهود لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى، التي يرأسها الرئيس نغيسو والمعنية بإيجاد حل للأزمة في البلاد. وجدد نغيسو في بداية المحادثات التأكيد على أنه «لا حل عسكريا للأزمة الليبية، وعلى ضرورة العودة لمسار الحل السياسي». بينما قال السراج إنه «يدرك جيداً بأن أزمة بلاده ليس لها إلا حل سياسي»، ومن هنا جاءت المبادرة التي أطلقها للوصول إلى وضع سياسي مستقر، يبدأ بعقد ملتقى يشارك فيه الليبيون المؤمنون بالحل السلمي والدولة المدنية، والرافضون لعسكرة الدولة.
إلى ذلك، اتهم إعلام القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» أمس، قوات «الوفاق» بما سماه «استهداف عائلة في منطقة الحمرونية داخل العاصمة بصواريخ الغراد والهاون»، عارضاً مقطع فيديو نشره عبر صفحته على «فيسبوك»، وقال: «هذه لحظات استشهاد عائلة في منطقة الحمرونية... والفيديو يتحدث، والصورة أبلغ من الكلام»، متهماً «الإرهابيين والميليشيات والدواعش الفارين من بنغازي». كما لفت إلى أنه تم تنفيذ ثلاث ضربات جوية، استهدفت مواقع لمسلحي حكومة «الوفاق» في «مشروع الموز» شرق العاصمة، كما أعلن عن مقتل أشرف ساسي، أحد المقاتلين التابعين لحكومة «الوفاق» في منطقة أبو شيبة.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن اللواء عبد السلام الحاسي، رئيس مجموعة عمليات المنطقة الغربية، التابعة لـ«الجيش الوطني»، أن خطتهم تستهدف استنزاف قوة الميليشيات، وتجفيف منابع قوتها من أسلحة وذخيرة، مشيرا إلى أن المعركة اقتربت من نهايتها.
وكانت منظمة الصحة العالمية في ليبيا قد أعلنت عن مقتل 739 شخصاً، وإصابة 4407 آخرين، منذ اندلاع الاشتباكات بالقرب من العاصمة طرابلس في 4 أبريل (نيسان) الماضي، بالإضافة لنزوح أكثر من 22 ألف عائلة، من النساء والأطفال وكبار السن.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.