أميركا تلوح بعقوبات إضافية على إيران غداة استهداف خامنئي ومسؤولين كبار

في حين ردت طهران بشدة أمس على العقوبات التي أعلنت واشنطن أول من أمس فرضها على قادتها، وعلى رأسهم المرشد علي خامنئي، واتهمت الإدارة الأميركية بـ«الكذب» في دعوتها إلى الحوار، حذر الرئيس الأميركي دونالد ترمب القادة الإيرانيين من «رد ساحق» إذا هاجموا أي هدف أميركي.
وكتب الرئيس ترمب بتغريدة في خضم التوتر المتصاعد بين واشنطن وطهران: «أي هجوم من جانب إيران على أي شيء أميركي سيقابل بقوة كبيرة ساحقة. في بعض النواحي، يعني الرد الساحق الإزالة» من الوجود. وأضاف: «قادة إيران يفهمون فقط القوة، والولايات المتحدة أقوى قوة عسكرية في العالم إلى حد بعيد». كما وصف ترمب تصريحاتهم بأنها «تنم عن جهل ومهينة للغاية»، مضيفاً أن «القيادة الإيرانية لا تفهم معنى كلمات مثل (لطيف) أو (تعاطف). لم يفهموها مطلقاً». وقال إن «الشعب الإيراني الرائع يعاني ومن دون أي سبب على الإطلاق. قيادته تنفق كل أموالها على الإرهاب، والقليل على أي شيء آخر».
وقد ردت طهران بحدة أمس على العقوبات الأميركية بحق قادتها، مشيرة إلى أنها تكشف «كذب» واشنطن بشأن عرض المحادثات، وتغلق مسار الدبلوماسية مع إدارة ترمب، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وفرضت واشنطن عقوبات على خامنئي وكبار المسؤولين العسكريين، وأشارت إلى أنها ستدرج وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على قائمتها السوداء في وقت لاحق هذا الأسبوع. وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني مخاطباً الإدارة الأميركية خلال اجتماع مع الوزراء أمس تم بثه على الهواء مباشرة: «في الوقت ذاته الذي تدعون فيه إلى التفاوض، تَسْعَوْن لفرض عقوبات على وزير الخارجية. من الواضح أنكم تكذبون».
وجاءت تصريحات روحاني بينما أكّد مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون من القدس أن ترمب «ترك الباب مفتوحاً لإجراء مفاوضات حقيقية»، مضيفاً: «في المقابل، كان صمت إيران مطبقاً».
إلى ذلك، أكد روبرت وود، السفير الأميركي لشؤون نزع السلاح، أمس، أن الولايات المتحدة ستواصل حملة الضغط لأقصى حد على إيران حتى تغير سلوكها، مضيفاً أن بلاده ستبحث عن سبل لفرض مزيد من العقوبات. وأضاف وود لوكالة «رويترز» أثناء مغادرته مؤتمراً لنزع السلاح تستضيفه جنيف: «سنرى إن كان هناك ما يمكننا فعله بشأن العقوبات». وتبادل وود الاتهامات الحادة مع دبلوماسي إيراني أثناء المؤتمر.
وقطعت طهران وواشنطن العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1980 على خلفية أزمة احتجاز رهائن بالسفارة الأميركية في طهران في أعقاب «الثورة الإسلامية».
وارتفع منسوب التوتر بين الطرفين منذ انسحاب ترمب الأحادي الجانب العام الماضي من الاتفاق النووي مع إيران الذي وقعت عليه دول كبرى عام 2015، وإعادته فرض العقوبات على طهران. وتحرّك ترمب مذّاك لخنق اقتصاد إيران، وأدرج «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة «المنظمات الإرهابية»، وكاد أخيراً يأمر بتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران رداً على إسقاطها طائرة أميركية تجسسية مسيّرة، قبل أن يتراجع في اللحظة الأخيرة.
وقال ظريف إن الطائرة المسيّرة انتهكت الأجواء الإيرانية، وهو ما نفته واشنطن. لكن روسيا التي تعد بين أبرز حلفاء طهران، أيّدت الرواية الإيرانية أمس. ونقلت وكالات أنباء روسية عن أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف قوله للصحافيين في القدس: «لدي معلومات من وزارة الدفاع الروسية تفيد بأن هذه الطائرة المسيّرة كانت ضمن المجال الجوّي الإيراني».
واتهمت واشنطن كذلك طهران بتنفيذ هجوم مزدوج استهدف ناقلتي نفط في خليج عُمان في منتصف يونيو (حزيران) الحالي، وهو ما تنفيه إيران بشدة. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أول من أمس، إنه يعمل على تأسيس ما وصفه بـ«تحالف عالمي» ضد إيران.
ووسط هذا التصعيد الأميركي - الإيراني المتبادل، أعلن ترمب أنه على استعداد للتفاوض مع طهران «من دون شروط مسبقة»، مشدداً على أن «لدى إيران في النهاية مستقبلاً استثنائياً». وأكد: «لا نسعى إلى النزاع»، مضيفاً أن رد فعل إيران سيحدد إن كانت العقوبات سترفع عنها غداً أم «بعد سنوات».
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي قال أمس إن فرض العقوبات الجديدة «يغلق مسار الدبلوماسية بشكل نهائي مع حكومة ترمب اليائسة». بدوره، سخر روحاني من المنطق خلف إدراج خامنئي على قائمة العقوبات قائلاً إن ممتلكات المرشد الأعلى «هي حسينية ومنزل بسيط». وأضاف: «فرض عقوبات على ماذا؟ منعه من السفر إلى أميركا؟ هذا لطيف».
وأشار روحاني إلى أنه كانت هناك فرص لإجراء محادثات بين الطرفين. والتقى ظريف بوزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون مرّات عدة قبل أن تنسحب واشنطن بشكل أحادي من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018 وتعيد فرض العقوبات على إيران. وقال روحاني: «أنتم لا تسعون للتفاوض. لو أنكم قمتم بذلك لكنا وافقنا».
ويعد ظريف، الذي تتجه واشنطن لشموله بالعقوبات، أحد أهم مهندسي الاتفاق النووي الذي وافقت طهران بموجبه على وضع قيود على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها. لكنه وروحاني اتهما واشنطن بشن «حرب اقتصادية» على إيران منذ انسحابها من الاتفاق.
وفي ظل الحراك الدبلوماسي الدولي، دعا مجلس الأمن إلى الحوار للتخفيف من حدة التوتر.
من جهتها، نددت روسيا بالعقوبات الأميركية الجديدة على إيران، عادّة أنها «متهورة» و«مزعزعة للاستقرار»، واتهمت واشنطن بالسعي إلى «قطع» سبل التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن «السلطات الأميركية يجب أن تتساءل إلى أين تقود سياستها المتهورة حيال إيران. إنها ليست فقط مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط وإنما تقوض أيضاً كل النظام الأمني العالمي».
أما الصين، فسارعت إلى دعوة الأطراف المعنية إلى «التهدئة» و«ضبط النفس». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غينغ شوانغ خلال إيجاز صحافي في بكين: «نعتقد أن فرض أقصى درجات الضغط بشكل أعمى لن يساعد على حل المشكلة». وأضاف: «تثبت الوقائع أنه كانت لهذه الإجراءات تداعيات عكسية فاقمت التوتر الإقليمي».
من جهته، أفاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه سيستغل اجتماعه المرتقب مع ترمب خلال قمة مجموعة العشرين المقررة في اليابان هذا الأسبوع للحضّ على «حل بنّاء بهدف ضمان أمن إقليمي جماعي».