موسكو تثمّن موقف أنقرة «المتين» من صفقة «إس 400»

رفع الإقامة الجبرية عن موظف بالقنصلية الأميركية قبل لقاء إردوغان وترمب

منصات منظومة صواريخ «إس 400» التي ستبدأ موسكو بتسليمها لأنقرة خلال فترة قصيرة (أ.ف.ب)
منصات منظومة صواريخ «إس 400» التي ستبدأ موسكو بتسليمها لأنقرة خلال فترة قصيرة (أ.ف.ب)
TT

موسكو تثمّن موقف أنقرة «المتين» من صفقة «إس 400»

منصات منظومة صواريخ «إس 400» التي ستبدأ موسكو بتسليمها لأنقرة خلال فترة قصيرة (أ.ف.ب)
منصات منظومة صواريخ «إس 400» التي ستبدأ موسكو بتسليمها لأنقرة خلال فترة قصيرة (أ.ف.ب)

قال وزير الصناعة والتجارة الروسي دنيس مانتوروف، إن تركيا تظهر «موقفاً متيناً»، ولا تهاون فيه بخصوص شراء منظومة «إس 400» الصاروخية، وإن تسليمها سيبدأ خلال فترة قصيرة. وأشار في تصريح لوكالة «إنترفاكس» الروسية، أمس، بأن التعاون في المجالين العسكري والفني بين تركيا وروسيا يتحرك باتجاه إيجابي، وأن الكثير من الدول أبدت اهتمامها بالمنظومة الدفاعية الروسية، وقبل فترة قصيرة بدأت الصين تسلم المنظومة التي اشترتها من هذا النوع، وأن جميع القرارات المتعلقة بتسليم المنظومة لتركيا اتخذت وسيبدأ خلال فترة قصيرة تسليم أولها لتركيا.
أكد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن بلاده ستتسلم منظومة صواريخ «إس 400» الدفاعية الروسية في موعدها المحدد في شهر يوليو (تموز) المقبل، معتبراً أن القرار في هذا الشأن هو مسألة سيادة وطنية تعود إلى تركيا وحدها. وتثير هذه الصفقة توتراً كبيراً مع الولايات المتحدة التي هددت بفرض عقوبات على تركيا وإخراجها من مشروع لتصنيع وتطوير المقاتلة الأميركية «إف - 35» ومنعها من الحصول عليها، وكذلك من الحصول مستقبلاً على منظومة صواريخ باتريوت الأميركية. وقال إردوغان، الذي من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مدينة أوساكا اليابانية على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين التي تعقد يومي الجمعة والسبت المقبلين: «مسألة منظومة إس 400 مرتبطة مباشرة بسيادتنا ولن نتراجع عنها... سيبدأ تسليمها لنا الشهر المقبل». وأضاف، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه في البرلمان أمس (الثلاثاء)، بأن تركيا «لا تحتاج إلى الحصول على إذن من أجل سد احتياجاتها الأمنية، ناهيك عن الرضوخ للضغوط».
وفي الوقت ذاته، قال إردوغان إنه سيسعى لاستخدام علاقاته الجيدة مع نظيره الأميركي للتخفيف من التوترات عندما يجتمعان على هامش قمة العشرين في أوساكا. وسبق أن أمهلت الولايات المتحدة تركيا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، حتى 31 يوليو المقبل للتراجع عن شراء المنظومة الروسية، وبعدها سيتم وقف تدريب طياريها على 4 مقاتلات «إف - 35» مما تسلمتها من بين 100 مقاتلة من هذا النوع، لكنها بقيت في أميركا للتدريب عليها. وانتقدت أنقرة التحذير الأميركي الذي ورد في رسالة لوزير الدفاع بالوكالة، المستقيل، باتريك شاناهان، إلى نظيره التركي خلوصي أكار، معتبرة أن لهجته لا تتناسب مع علاقات التحالف بين البلدين. وأكدت أيضاً أن إبعادها من مشروع المقاتلة الأميركية غير ممكن، وأن الإجراءات الأميركية في هذا الصدد غير قانونية، وأنها مستعدة لأي عقوبات تفرضها واشنطن وسترد عليها بالمثل.
وتقول الولايات المتحدة، إن المنظومة الروسية، ستشكل خطراً على أنظمة الناتو باعتبار أن تركيا عضو فيه، وأنه لا يمكنها امتلاك صواريخ «إس 400» ومقاتلات «إف - 35» في وقت معاً، وهو ما تنفيه أنقرة، وتؤكد أن التحكم سيكون بيدها. وسيسعى إردوغان خلال لقائه ترمب إلى إقناعه بقبول مقترح تركي بتشكيل لجنة متخصصة لدراسة الأمر.
وقبل أيام من اللقاء المرتقب بين إردوغان وترمب، رفعت السلطات التركية الإقامة الجبرية عن المواطن التركي نظمي جان تورك، الموظف في القنصلية الأميركية، في إطار إحكام الرقابة القضائية عليه بعد قرار بهذا الشأن أصدرته محكمة في إسطنبول. وخلال جلسة محاكمة حضرها المتهم نظمي جان تورك، والقنصل الأميركي العام في إسطنبول داريا دارنيل وبعض مسؤولي القنصلية، رفض المتهم التهم الموجهة إليه بالارتباط بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، التي تتهمها السلطات بتدبير محاولة الانقلاب التي وقعت في 15 يوليو 2016، وطالب بإلغاء أحكام الرقابة القضائية، ودفع محامو المدعى عليهم بأن موكليهم أبرياء من التهم الموجهة إليهم وطالبوا أيضاً بإلغاء أحكام الرقابة القضائية.
وبدوره، طالب المدعي العام بمثول متين طوبوز، الموظف في القنصلية الأميركية العامة بإسطنبول، أمام المحكمة، وهو متهم بتهم بينها «التجسس»، وصلته بالمدعي العام لمدينة إسطنبول السابق، زكريا أوز، الموجود خارج تركيا، ومديري شرطة سابقين، متهمين بالانتماء لحركة غولن. وعقب تقييم المطالب، قررت المحكمة رفع الإقامة الجبرية عن جان تورك، مع استمرار الحظر المفروض على سفره إلى الخارج.
في شأن آخر، وفيما يتعلق بالتوتر القائم في منطقة شرق المتوسط بسبب تنقيب تركيا عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، أكد إردوغان أن بلاده ستواصل خطواتها بالمنطقة إلى حين ضمان «تقاسم عادل» للموارد الموجودة والتي سيتم اكتشافها من النفط والغاز هناك، قائلاً إن تركيا لن تسمح بأي مبادرات أحادية الجانب تتجاهل حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك في ثروات المنطقة. كما جدد انتقاده فرنسا وتدخلها في المسألة رغم أنها ليست من الدول الضامنة أو المعنية بالقضية أو التي لها شواطئ على البحر المتوسط.
وعن نتائج انتخابات الإعادة على رئاسة بلدية إسطنبول، هنأ إردوغان، مجدداً مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو بفوزه ببلدية مدينة إسطنبول، قائلاً إن المهم بالنسبة لهم هو تجلي الإرادة الوطنية بأفضل شكل آمن ودون أي تجاوزات. وأضاف: «مفهومنا السياسي خالٍ من إلقاء اللوم على الشعب، ولدينا القدرة على محاسبة أنفسنا وتصحيح أخطائنا».
ورداً على أسئلة للصحافيين في البرلمان، قال إردوغان: «سنقوم بإجراء تعديلات في الحكومة إن استدعى الأمر ذلك، فهذا لا يجري عبر التوصيات أو الطلب». وجاء ذلك تعليقاً على تصاعد المطالبات بتغيير عدد من الوزراء، في مقدمتهم صهره برات البيراق، وزير الخزانة والمالية؛ لفشله في الملف الاقتصادي وعجزه عن وقف انهيار الليرة التركية وكبح التضخم، ووزير الداخلية سليمان صويلو الذي أثارت تدخلاته وتعليقاته خلال فترة الانتخابات المحلية استياءً واسعاً. ووعد إردوغان بمفاجأة سارة على الصعيد الاقتصادي عقب عودته من اليابان بعد المشاركة في اجتماعات مجموعة العشرين.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».