البرلمان اللبناني ينتخب اليوم 5 أعضاء للمجلس الدستوري

صراع على المراكز المسيحية وتحذير من استئثار «التيار الحرّ» بها

TT

البرلمان اللبناني ينتخب اليوم 5 أعضاء للمجلس الدستوري

ينتخب البرلمان اللبناني اليوم 5 أعضاء للمجلس الدستوري الجديد، على أن يعيّن مجلس الوزراء في الأيام القليلة المقبلة 5 أعضاء آخرين، ليكتمل عقد المجلس ويتسلّم مهامه مكان المجلس الحالي المنتهية ولايته، بعد أن يؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية ميشال عون.
ويفترض أن تتوفر بالمرشحين لعضوية «الدستوري» شروط عدّة، أهمها أن يكون المرشّح قاضياً أو محامياً أمضى ما يزيد على 20 عاماً في القضاء أو في مزاولة مهنة المحاماة، أو أستاذاً جامعياً أمضى 25 عاماً في تدريس مادة القانون، كما يفترض ألا يكون عمره قد تجاوز الـ74 عاماً عند تقديم طلب الترشّح لهذا المنصب.
ويبدو أن انتخاب الأعضاء الخمسة سيسبقه اتفاق بين الكتل النيابية الكبرى، إذ توقّع عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «يسبق عملية الانتخاب تفاهم بين الكتل الرئيسية على انتخاب الأعضاء الخمسة، من أصل مجمل المرشحين». وعن مدى تأثير القوى السياسية على حيادية المجلس الدستوري وقراراته، ما دام أن اختيار الأعضاء يخضع للمحاصصة، أوضح الجسر أن «أعضاء المجلس هم بشر، وقد يكون هناك تأثير عليهم»، لكنه لفت إلى أن «القضية المركزية تتعلّق باستقلالية الشخص بذاته، وحماية نفسه من عوامل الضغط السياسية وغير السياسية»، مؤكداً أن «تجارب المجلس الدستوري، منذ إنشائه في عام 1994 حتى اليوم، كانت بالمجمل إيجابية، رغم مآخذ اعترت بعض قراراته».
ويخضع اختيار أعضاء المجلس الدستوري إلى معايير أساسية لا يمكن تخطيها. وأوضح مرجع قانوني متابع لملف المجلس لـ«الشرق الأوسط» أن عملية الانتخاب في المجلس النيابي، أو التعيين في مجلس الوزراء، تخضع لمعايير لا يمكن تخطيها، وأهمها ثلاثة: الأول معيار الطائفية والمذهبية لأن المجلس الدستوري مؤلف من 5 أعضاء مسلمين و5 مسيحيين، مقسمين على المذاهب؛ والثاني معيار الكفاءة والنزاهة والخبرة والاختصاص في علم القانون الدستوري؛ أما المعيار الثالث فيكمن في اتفاق جميع الأحزاب بلا استثناء.
ويشكل الصراع السياسي على أعضاء المجلس الدستوري علامة فارقة، إذ إنها المرّة الأولى التي يبرز فيها هذا الصراع بشكل واضح. وتتحدث معلومات عن رغبة رئيس «التيار الوطني الحرّ»، الوزير جبران باسيل، بالحصول على كامل الحصّة المسيحية، من دون أن يكون لحزب «القوات اللبنانية»، ثاني أكبر كتلة مسيحية (15 نائباً)، أي عضو في المجلس الدستوري. وحذّر المرجع القانوني من «استئثار أي فريق أو حزب معين بنصف المجلس الدستوري، حتى لا يصبح المجلس تحت سلطته المباشرة، أو يصبح هذا الفريق متحكماً بالمجلس، على صعيد انعقاد جلساته أو القرارات التي سيصدرها، ويتحوّل إلى سلاح بيده».
وتفيد المعلومات بأن الأوفر حظاً لانتخابهم اليوم في المجلس النيابي هم: القاضيان المتقاعدان طنّوس مشلب (ماروني) وأنطوان بريدي (أرثوذكسي)، وهما مرشحا «التيار الوطني الحر»، والقاضي المتقاعد أكرم بعاصيري (سنّي)، من حصّة تيار «المستقبل»، والقاضي المتقاعد عوني رمضان (شيعي)، من حصّة حركة «أمل» ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، والقاضي المتقاعد رياض أبو غيدا (درزي)، المحسوب على الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب السابق وليد جنبلاط. أما الأعضاء المرجّح أن تعينهم الحكومة، فهم القاضي المتقاعد مروان كركبي (كاثوليك)، ونقيب المحامين السابق في شمال لبنان عبد الله الشامي (أرثوذكس)، وهما من حصّة «التيار الوطني الحرّ»، والأستاذ الجامعي الدكتور زهير شكر (شيعي)، المقرّب من «أمل» و«حزب الله»، والمحامي ناظم العمر (سنّي)، المحسوب على تيار «المستقبل»، فيما تبقى المعركة على العضو الماروني الثاني، وما إذا سيكون للتيار أو تتمكن «القوات اللبنانية» من انتزاعه.
وعد مصدر سياسي في قوى «14 آذار» أن «الكرة الآن في ملعب رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الحكومة سعد الحريري، لجهة منع هيمنة فريق واحد على نصف المجلس»، وتوقّع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يتمسّك الرئيس نبيه برّي بتنوع من سيتم انتخابهم، ولن يسمح لفريق معيّن أن تكون له الكلمة الفصل داخل المجلس النيابي»، معتبراً أيضاً أن الرئيس الحريري «مسؤول عن حماية التنوع في اختيار الأعضاء الخمسة الذين سيعينهم مجلس الوزراء، وضرورة تمثيل جميع القوى السياسية».
ودعا الحريري إلى «تحمّل مسؤولياته، لأن استئثار باسيل بالأعضاء الخمسة المسيحيين سيولّد غضباً في الشارع المسيحي، ونقمة عارمة في الشارع السنّي، الذي يرفض الاستسلام لمشيئة باسيل، والاستغناء عن حلفائه المسيحيين، خصوصاً (القوات اللبنانية) التي وقفت دائماً إلى جانب الحريري».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.