أماكن العمل المشتركة لم تعد تقتصر على المشاريع الناشئة

لاعبون جدد يسعون للاستفادة من الفرصة والمنافسة في تأجير العقارات المكتبية

بدأت «وي ورك» قبل تسع سنوات في نيويورك بستة طوابق داخل مبنى في «سوهو» ولديها الآن أكثر من 400 ألف عضو  يدفعون للاستفادة من 45 مليون قدم مربعة في أنحاء العالم
بدأت «وي ورك» قبل تسع سنوات في نيويورك بستة طوابق داخل مبنى في «سوهو» ولديها الآن أكثر من 400 ألف عضو يدفعون للاستفادة من 45 مليون قدم مربعة في أنحاء العالم
TT

أماكن العمل المشتركة لم تعد تقتصر على المشاريع الناشئة

بدأت «وي ورك» قبل تسع سنوات في نيويورك بستة طوابق داخل مبنى في «سوهو» ولديها الآن أكثر من 400 ألف عضو  يدفعون للاستفادة من 45 مليون قدم مربعة في أنحاء العالم
بدأت «وي ورك» قبل تسع سنوات في نيويورك بستة طوابق داخل مبنى في «سوهو» ولديها الآن أكثر من 400 ألف عضو يدفعون للاستفادة من 45 مليون قدم مربعة في أنحاء العالم

عادة ما تكون أماكن العمل المشتركة هذه الأيام أكثر متعة من الجلوس في مكتب تقليدي لثماني ساعات. إذا كنت تفضل مكانا للعمل أشبه بردهة فندق أنيقة بها نوادل لخدمتك، فمن الممكن ترتيب ذلك. هل تتطلع إلى تجربة خبرات وأماكن جديدة؟ هناك أماكن تنتظرك لتتشارك العمل فيها.
وقد ظهرت أماكن ومساحات العمل المشتركة منذ عقد من الزمان باعتبارها أمرا غريبا، ولكنه كان أساسيا لخدمة الشركات الناشئة وأصحاب العمل الخاص الذين لا يملكون أماكن خاصة لمشاريعهم. إلا أن الأمر تنوع ليشمل الشركات التقليدية التي تبحث عن مرونة لإنجاز أعمالها سريعا وفي المكان الذي تتطلبه المواقف. وهناك مستأجرون كبار آخرون يريدون أيضا تجنب المتاعب المرتبطة بتأسيس وصيانة مكاتبهم الخاصة.
ومع تطور أماكن العمل المشتركة وإثبات أن الأمر أكثر من مجرد بدعة، هرعت مجموعة من الشركات الناشئة إلى المنافسة، وبينها شركة قادمة من مجال الخدمات العقارية، نجحت لفترة طويلة فيما يشبه احتكار إيجار المساحات المكتبية.
وبحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية كتبه روجر فينسنت يتحرك اللاعبون الجدد للاستفادة من الفرصة والمنافسة، وتحديدا التوسع المتزايد لشركة وي ورك (نحن نعمل) والعاملة في مجال مساحات العمل المشتركة والتي أنفقت بسخاء من أجل ضمان حصة لها في السوق، ولا تظهر أي علامات على التباطؤ.
وتتأهب «وي ورك» للتعامل مع خسائر فادحة حيث تتبع نموذج الإنترنت المتمثل في التوسع الكبير قبل البدء في التحول للربحية، تماما كما حدث مع شركة «أوبر» المتخصصة في مشاركة وسائل المواصلات والتي جمعت 8.1 مليار دولار في طرحها العام الأولي مؤخرا رغم أن إجمالي خسائرها التشغيلية تجاوز عشرة مليارات دولار على مدار السنوات الثلاث الماضية.
وتتشابه الشركتان في وجود مستثمر رئيسي مشترك، وهو «صندوق رؤية سوفت بنك» الياباني، الذي صار يحظى بتمويل ضخم من صندوق الثروة السيادي السعودي. وكما تكثر الأسئلة حول ما إذا كانت أوبر ستحقق أرباحا، فالحال كذلك بالنسبة لـ«وي ورك». فالشركة تعمل جاهدة للتوسع اقتصاديا، وقد تكون عرضة للتراجع. إلا أن المنافسين لا يستطيعون مجرد افتراض أن السوق قد تخذل «وي ورك»، فشركة أمازون، على سبيل المثال، ظلت تعاني لفترة قبل أن تتحول إلى الربحية المتواصلة.
وبدأت «وي ورك» قبل تسع سنوات في نيويورك بستة طوابق داخل مبنى في «سوهو»، ولديها الآن أكثر من 400 ألف عضو يدفعون للاستفادة من 45 مليون قدم مربعة في أنحاء العالم. وتتجاوز هذه المساحة إجمالي المساحات المماثلة في وسط مدينة لوس أنجليس.
ووفقا لبيتر بلايسل، مدير المنطقة الجنوبية الغربية بشركة الوساطة العقارية «جيه إل إل»، تستحوذ الشركة محليا على نحو نصف المساحة المتاحة للعمل المشترك والمقدرة بـ4.5 مليون قدم مربعة. وإلى جانب الطوابق الثلاثة التي تشغلها في المبنى الأحمر داخل «باسيفيك ديزاين سنتر»، وهو عقار باهظ الثمن في ويست هوليوود، فإن «وي ورك» تؤجر أيضا 450 ألف قدم مربعة إضافية في المبنى الأخضر بالمركز. وهذه المساحات مليئة بغرف التسجيل واستوديوهات الصور وغرف الماكياج والتمثيل وغيرها من المرافق ذات الصلة بصناعة الترفيه.
وفي الوقت نفسه، يقدم المنافسون تصوراتهم الخاصة المميزة بشأن أماكن العمل المشتركة، والتي توقع بلايسل أن تتضاعف في لوس أنجليس خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة. ومن بين أبرز الشركات الجديدة البارزة في هذا المجال شركة وينغ، ومقرها نيويورك وأسستها اثنتان من رائدات الأعمال. وقد افتتحت فرعا لها في ويست هوليوود مؤخرا، وتبنت مقاربة خاصة من خلال ملاءمة مكاتبها وخدماتها مع احتياجات النساء وما يفضلن.
فحجم الأثاث والتجهيزات في مبنى سانتا مونيكا بوليفارد أصغر. ويتم إبقاء درجة الحرارة عند 22 درجة مئوية، وليست درجة الحرارة الأبرد التي يبدو أن الرجال يحبونها. ويمتد الاهتمام بالتفاصيل إلى أقمشة المفروشات، حيث يتم تغطية الكراسي بأقمشة ناعمة لا تعْلق بالفساتين.
وتقول المتحدثة زارا رحيم: «تم مراعاة هذه التفاصيل الصغيرة لأخذ النساء العاملات في الاعتبار». وبالطبع تم مراعاة اعتبارات أهم، مثل توفير رعاية لأطفال السيدات العاملات. وقد أثبت هذا التوجه نجاحا، حيث افتتحت الشركة سبعة مكاتب على مستوى البلاد منذ بدأت عملها قبل ثلاث سنوات في حي فلاتيرون بنيويورك.
كما تقدم «وينغ» لقاءات «دائرة الدعم» للحديث عن قضايا الأمومة، والصحة العقلية، والأمراض البدنية، والتعافي من الإدمان، إلى جانب برامج أخرى. وشركة «وينغ» ليست إلا واحدة من أحدث مجموعة من الشركات العاملة في مجال أماكن العمل المشتركة والتي تسوق لنفسها على أنها متخصصة في توفير الأماكن للفعاليات والاجتماعات والمحاضرات وغيرها من اللقاءات. وتسعى الشركات إلى تمييز بعضها عن بعض، وأيضا عن أصحاب المكاتب التقليدية التي تركز على الحفاظ على الأنوار وعلى نظافة وتأمين البهو.
حتى الأندية الخاصة التي توفر بصورة أساسية أماكن فاخرة لاستضافة اجتماعات وأنشطة ترفيهية فإن اهتمامها يزداد بهذا النشاط. فشركة «سوهو هاوس» في ويست هوليوود تعتزم افتتاح موقع يقدم مساحات للعمل على مدار الأربع وعشرين ساعة.
ويقول مارتين كافرلي خبير العقارات في لوس أنجليس إن مستوى الأعمال المرتبطة بهذا المجال لفت انتباه الملاك، الذين أصبحوا يكثفون عملهم لجذب المستأجرين. فقد يقوم أصحاب المباني بشيء بسيط مثل تحويل مساحة الردهة غير المستغلة إلى مقهى صغير أو الدخول في شراكة مع شركات خدمات الدعم مثل «كونفين» التي توفر أماكن عمل مشتركة وفي نفس الوقت خدمات الضيافة للمبنى بالكامل. وفي مركز «وليز فراغو» وسط لوس أنجليس، تقوم «كونفين» كل صباح بإرسال الإفطار لنحو مائتي عامل في مقر شركة «أواكتري كابيتال مانجمنت» للخدمات المالية. ويعد توفير الطعام مجرد واحدة من الخدمات التي تقدمها الشركة، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها.
وتوفر «كونفين» مساحات عمل مشتركة تستهدف جذب المقاولين الأفراد، وأغلبها مصمم ليناسب الشركات متوسطة الحجم التي تحتاج إلى مقر مؤقت في وسط لوس أنجليس.
ويقول ريان سيمونيتي، الرئيس التنفيذي لـ«كونفين»، التي أحيانا ما تتقاسم الإيرادات مع شركائها من الملاك: «نحن من يوفر درجة رجال الأعمال من بين الشركات العاملة في المجال».
ووفقا لـ«غرين ستريت أدفيزورز» للأبحاث، قد يشمل ظهور فكرة أماكن العمل المشتركة وانتشارها بعض المخاطر المالية لأصحاب العقارات. ولفت تقرير حديث لـ«غرين ستريت» إلى أنه من المتوقع أن يؤدي تكديس الأشخاص في هذه المكاتب بصورة أكبر من المكاتب التقليدية إلى خفض الطلب الإجمالي على المكاتب في أنحاء البلاد بما يصل إلى 3 في المائة بحلول عام 2030، في مجال اعتاد النمو المتواصل.
كما قد يتسبب مشغّلو أماكن العمل المشتركة في إثناء المستأجرين الذين ربما كانوا سيفضلون الاستئجار مباشرة من المالك. وسيشعر الملاك، الذين يفضلون عقود إيجار لعشر سنوات أو أكثر، بالمزيد من الضغط لتقديم عقود إيجار لمدد أقصر لمنافسة الخيارات الأكثر مرونة التي يوفرها مشغلو أماكن العمل المشتركة.
وتقول «غرين ستريت» إن أصحاب العقارات سيشعرون بصورة متزايدة بأنهم مضطرون إلى اتخاذ خطوات للمنافسة مع شركات أماكن العمل المشتركة، من خلال إطلاق عروض مرنة، والشراكة ماليا مع مشغلي أماكن العمل المشتركة أو التنافس المباشر من أجل اجتذاب المستأجرين. وهذا بالضبط هو ما فعلته شركة «تيشمان سبيار»، وهي من شركات العقارات الكبرى حول العالم.
وأعلنت الشركة - التي يقع مقرها في نيويورك - مؤخرا أنها فتحت مكاتب للعمل المشترك في مبنى تملكه في بيفرلي هيلز كما أنها ستتوسع في هذا المفهوم في عقارات أخرى في الأسواق الأميركية الكبرى وكذلك في أوروبا وأميركا الجنوبية.


مقالات ذات صلة

عضو في «بنك كوريا»: تأجيل خفض الفائدة ضروري لمنع ارتفاع أسعار العقارات

الاقتصاد مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)

عضو في «بنك كوريا»: تأجيل خفض الفائدة ضروري لمنع ارتفاع أسعار العقارات

أكد عضو مجلس إدارة «بنك كوريا»، تشانغ يونغ سونغ، أنه يجب تأجيل أي تخفيض في أسعار الفائدة؛ لمنع مزيد من الارتفاع في أسعار العقارات.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد جناح «رتال» في معرض «سيتي سكيب ‬⁩العالمي 2023» في الرياض (موقع الشركة الإلكتروني)

«رتال» العقارية توقع اتفاقيتين مع «الوطنية للإسكان» بـ252 مليون دولار

وقعت شركة «رتال للتطوير العمراني» السعودية، اتفاقيات مشروطة ﻣﻊ «الشركة الوطنية للإسكان»، التي تعد الذراع الاستثماري لمبادرات وبرامج وزارة الشؤون البلدية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد المشاريع السكنية التابعة لوزارة البلديات والإسكان (الشرق الأوسط)

النمو السكاني يدفع أسعار العقارات السعودية إلى الارتفاع الربعي الخامس عشر منذ 2021

واصلت أسعار العقارات في السعودية سلسلة ارتفاعاتها للربع الخامس عشر على التوالي، منذ مطلع 2021.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد أحد المشاريع السكنية التابعة لوزارة البلديات والإسكان (الشرق الأوسط)

النمو السكاني يدفع أسعار العقارات السعودية إلى الارتفاع الربعي الخامس عشر منذ 2021

واصلت أسعار العقارات في السعودية سلسلة ارتفاعاتها للربع الخامس عشر على التوالي، منذ مطلع 2021.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد جانب من «القمة العالمية للبروبتك» في الرياض (الهيئة العامة للعقار)

الهيئة العامة للعقار تطلق «مركز بروبتك السعودية» لتعزيز التحول الرقمي

يُتوقع أن يكون «مركز بروبتك السعودية» الذي أطلقته الهيئة العامة للعقار، قناة أساسية للابتكار في التقنيات العقارية ومحركاً رئيسياً يدفع عجلة الابتكار.

زينب علي (الرياض)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»