الحكيم يتخلى عن رئاسة تحالف «الإصلاح والإعمار»

TT

الحكيم يتخلى عن رئاسة تحالف «الإصلاح والإعمار»

أعلن رئيس تيار «الحكمة الوطني»، عمار الحكيم، أمس، تخليه رسمياً عن رئاسة تحالف «الإصلاح والإعمار» بعد أيام قليلة من قرار تياره الذهاب إلى جبهة المعارضة في البرلمان.
وكتب الحكيم في تغريدة على «تويتر»: «نثمن الثقة الكبيرة التي منحها لنا الإخوة في الهيئة القيادية لتحالف الإصلاح والإعمار، حيث قلدونا رئاسته طيلة المدة المنصرمة، ونتمنى أن نكون قد أدينا الأمانة وتحملنا المسؤولية على أحسن وجه».
وأضاف الحكيم: «نطالب الهيئة القيادية باختيار رئيس بديل لتحالف الإصلاح والإعمار وفق آليات نظامه الداخلي، وتمنياتنا للتحالف وقواه الكريمة ورئيسه الجديد بالتوفيق والسداد».
وكان تحالف «الإصلاح والإعمار» اختار الحكيم لرئاسته في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، وضم طيفاً واسعاً من القوى السياسية الفائزة والممثلة في البرلمان ولها نحو 130 مقعداً، وفي مقدمتها ائتلاف «سائرون» المدعوم من مقتدى الصدر وائتلاف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إلى جانب تيار «الحكمة» وائتلافي «الوطنية» بزعامة إياد علاوي و«القرار» برئاسة أسامة النجيفي، وقائمة «الجبهة التركمانية»، وممثلين عن المكونات المسيحية والصابئية والإيزدية.
وفيما ينظر بعض المراقبين إلى خطوة الحكيم بوصفها جزءا من الديناميكية السياسية التي يتمتع بها الرجل، إذ سبق وأن خرج من «المجلس الإسلامي الأعلى» الذي أسسه عمه ووالده في إيران عام 1982، يقول القيادي في تيار «الحكمة الوطني»، فادي الشمري، إن «تيار الحكمة قرر البدء بتأسيس مشروع المعارضة ومحاولة فرز المساحات بشكل واضح وصريح بين القوى التي هي جزء من الحكومة، وتلك التي اختارت عدم المشاركة فيها».
ويرفض الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط» ربط انسحاب الحكيم بمسألة إكمال الكابينة الوزارية وتكريس حالة التشظي في التحالفات السياسية القائمة منذ سنوات، لأن «قرار الانسحاب سابق لموضوع إكمال الوزارة، وليس له علاقة بها، إنما يرد التيار إنضاج العملية السياسية والمسار الديمقراطي المتعثر الذي تمر به البلاد، وكان اشتراك الحكمة في تحالف الإصلاح ارتبط بالظروف المعقدة التي تلت الانتخابات العامة في السنة الماضية وما تلاه من مناكفات بين تحالفي الإصلاح والبناء».
وحول ما إذا كانت كتلة «تيار الحكمة» المؤلفة من 17 نائباً ستضعف جبهة المعارضة لقلة عدد نوابها، يرى الشمري أن «قوة المعارضة لا تأتي من ناحية العدد فقط، إذ سبق وأن عارضنا حكومة (نوري) المالكي في كتلة (المواطن) ونجحنا في ذلك وتمكنا من إبعاد المالكي بمشاركة كتل أخرى من رئاسة الوزراء، واليوم لدينا 20 وليس 17 نائباً، ونتوقع انضمام 13 نائباً من بقية الكتل إلى جبهتنا».
وحول ما يتردد عن رغبة تيار الحكمة في الحصول على المناصب الحكومية دون درجة الوزير وتعارض ذلك مع مبدأ المعارضة، يشير الشمري إلى أن «المبنى العام في الأنظمة الديمقراطية هو تغيير الكابينة الوزارية وليس الوظائف العليا في الدولة، لذلك وبغض النظر عن أننا سنقوم بتقديم مرشحين لمناصب المديرين العامين أو الهيئات المستقلة، نرى أن هذه المواقع جزءا من جسد الدولة وليس الحكومة، وقد شهدنا في بعض الديمقراطيات الرصينة حصول جبهات المعارضة على مناصب مهمة، ومنها عمدة لندن وعمدة إسطنبول الفائز في الانتخابات المعادة».
من جانبه، يرى رئيس «المجموعة العراقية للدراسات» واثق الهاشمي أن «لا وجود لمشهد ديمقراطي حقيقي في العراق، إنما هناك تخبط وإرباك واضحين، لأن جميع القوى السياسية تشترك في المعارضة والبرلمان وعينها على المناصب الحكومية، وفي الديمقراطيات الحقيقية يجب وجود معارضة في البرلمان».
وحول قرار «تيار الحكمة» وزعيمه عمار الحكيم بالذهاب إلى جبهة المعارضة، يقول الهاشمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنها «خطوة بالاتجاه الصحيح، ويبدو أن مقتدى الصدر سيلتحق بها بعد تحذيره الأخير لكتلة (سائرون) من الانخراط في لعبة المناصب الحكومية». ويضيف: «علينا عدم المبالغة كثيرا، لكن يبدو أننا في صدد تأسيس أول نواة لمعارضة برلمانية، وإن نجح تيار الحكمة في ذلك، فلن نستغرب إن وجدناه يتقدم صفوف القوى السياسية في الانتخابات المقبلة، لأن الناس تتعاطف كثيراً من المعارضة».
ويشير الهاشمي إلى أن «الذهاب إلى المعارضة يأتي أحيانا كردة فعل على عدم الحصول على مناصب في الحكومة، وحتى لو كان ذلك السبب وراء قرار عمار الحكيم وتياره، أعتقد أنها خطوة مهمة وتصب في الاتجاه الصحيح».
ونصح الهاشمي تيار الحكمة بـ«عدم التفكير بالاشتراك في الحكومة أو بأية حال، وسحب مرشحيهم لمناصب الوكلاء والمديرين العامين وغير ذلك، لأنه سيعزز مصداقيتهم الجماهيرية باعتبارها جبهة معارضة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.