الرقم «أربعون» في قصائد الشعراء

له سحر خاص ومعانٍ مختلفة حولته إلى ما يشبه الأسطورة

يوسف عبد العزيز  -  عبد الرزاق عبد الواحد  -  محمود درويش
يوسف عبد العزيز - عبد الرزاق عبد الواحد - محمود درويش
TT

الرقم «أربعون» في قصائد الشعراء

يوسف عبد العزيز  -  عبد الرزاق عبد الواحد  -  محمود درويش
يوسف عبد العزيز - عبد الرزاق عبد الواحد - محمود درويش

يبدو أنَّ للرقم «أربعون» حالة خاصة، وقف عندها الشعراء طويلاً، إذ نجد في هذا العمر تحولاً هائلاً يحدث للإنسان، تحولاً بيولوجياً وعقلياً، لذلك نجد الشكوى والبكاء على أيام الشباب، والخوف من القادم، حيث تبدأ تلك الهواجس ببداية الأربعين، لهذا نجد موروثاً هائلاً لدى الشعراء الذين وقفوا بحزنٍ أمام لحظة الأربعين.
وعلى ما يبدو، فإنَّ لهذا الرقم سحراً خاصاً يختلف عن كل الأرقام، حيث تحول هذا الرقم «الأربعون» من رقمٍ اعتيادي إلى رقمٍ له دلالات ومعانٍ مختلفة حوَّلته إلى ما يُشبه الأسطورة.
وللكشف عن بعض مرجعيات هذا الرقم، نجد تمظهراته في الحاضنة الدينية والأسطورية، فأوَّل الأشياء التي نراها أنَّ «موسى» (ع) بات أربعين ليلة للقاء ربه «وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون»، ومن ثم التيه الكبير لأصحابه أربعين سنة، وهو العقاب الذي سُمي بـ«سنوات التيه».
وفي سفر «التكوين»، نجد حضوراً واضحاً للرقم «أربعون»، حيث نقرأ: «لأني بعد سبعة أيام أيضاً أمطر على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة وأمحو عن وجه الأرض كل قائمٌ عملته»، فيما ارتبط عمر الأربعين بالنبوة، فما إنْ بلغ النبي الأربعين حتَّى نزل عليه الوحي. ويورد القران قصصاً للأنبياء ترتبط بسن الأربعين «حتى إذا بلغ أشدَّه وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك». وحتى في المرويات الرديفة الأخرى، كالحديث الشريف، نجد ما يُسمَّى «الأربعون حديثاً»، ونجد أحاديث كثيرة تؤكد على عمر الأربعين، وإنَّ هذا العمر سينتظره الشيطان، فمن لم يتب بعمر الأربعين سيمسح إبليس على وجهه ويقول أهلاً بوجهٍ لن يُفلح بعد اليوم.
فيما نستذكر - إلى الآن - موتانا بمجالس خاصة بعد أربعين يوماً على غيابهم، حيث تمنعنا العجائز من زيارة موتانا قبل الأربعين... لماذا؟ لا نعلم!
وهكذا، تحول الرقم إلى أسطورة، منبعها الأساس هو الباعث الديني، لهذا أخذ هذا الرقم حالة خاصة متداولة على شفاه الناس، والأربعون عمرُ النضج والاستقرار والهدوء والحكمة، ولكنَّه - للأسف - لدى الشعراء هو لحظة الشكوى والبكاء، والخوف من الدخول في كهف الأربعين، أو خيمة الأربعين، كما يسمي عبد الرزاق عبد الواحد إحدى مجاميعه الشعرية «خيمة على مشارف الأربعين»، وكذلك الشاعر اللبناني «يوسف الخال» الذي عنون إحدى مجاميعه بـ«قصائد في الأربعين». ومن بين عناوين المجاميع الشعرية التي اختارها الشعراء ليعبروا من خلالها عن الأربعين عنوان صادم فيه دلالات كبيرة للشاعر الفلسطيني يوسف عبد العزيز الذي سمى مجموعته «ذئب الأربعين».
إنَّ الشكوى من الأربعين شكوى قديمة، فقديماً صرخ الشاعر العربي:
وماذا يبتغي الشعراء منَّي وقد جاوزتُ حدَّ الأربعينِ
حتى أصبح هذا البيت شاهداً نحوياً يدور على الألسنة والأفواه، وبقي الشعراء ينوحون بباب الأربعين ندباً لأيام الشباب، أيام الفتوة والقوة والرغبة العارمة.
فهذا «الجواهري» يعبد أيام النزق، فيما يتبرأ من أيام الكهولة وحلمها وأدبها:
نزق الشباب عبدتُه وبرأتُ من حلم المشيب
فالأربعون تشكل قلقاً كبيراً لدى «الجواهري»، حيث يقول:
تولت الأربعون السود تاركة جفناً قريحاً وقلباً شفَّه الورمُ
ولا يخلو ديوان من دواوين الجواهري المتأخرة، أي بعد الأربعينات، إلَّا ولعمر الأربعين ذكرٌ في أبياته الشعرية، شكوى وتذمراً وندباً لأيام الشباب، فيما اختلف «نزار قباني» في مسألة عمر الأربعين، حيث رمى كرة هذه السنوات من الرجل إلى المرأة، وكتب «10 رسائل إلى سيدة في الأربعين»، حيث يقول في بعض منها:
(إذا ما وصلتِ إلى عامكِ الأربعين - ستفتقدين جنوني - وتفتقدين الرحيل معي في قطار الجنون - وتفتقدين الجلوس معي في مقاهي الجنون - وتفتقدين تراث النبيذ الفرنسي - وتفتقدين فنادقنا في بلاد الحنين - وتسترجعين ملامح وجهي - ولكن من الصعب أنْ تستعيدي جنوني). وهنا ينتقل نزار قباني بعمر الأربعين من الرجل إلى المرأة، وربما في هذه الانتقالة نظرة فحولية بوصف الرجل الأسطورة التي لا تشيخ، ولا تكبر، وإنَّ هذه المرأة ستذبل بهذا العمر، وإنَّه سيغادرها حين تبلغ الأربعين، فيما نجد «محمود درويش» ينحو منحى مختلفاً، حيث ينظر إلى المرأة في الأربعين نظرة مختلفة، قائلاً:
(على هذه الأرض ما يستحق الحياة، نهاية أيلول - سيدة تترك الأربعين بكامل مشمشها...) إلا أن الشكوى الحسية والروحية الأكثر إيلاماً هي قصيدة الشاعر «شوقي بزيع»، في قصيدته المشهورة «الأربعون»، حيث تسرد هذه القصيدة قصة العمر الذي يكون في القمة، حيث القوة والنشاط وتجمع النساء حوله، حيث الفتوة والقوة والشباب بأعلى مناسيبه، فيما يدخل عمر الأربعين يبدأ ذلك الانحدار، فيقول:
(أنْ تكون على قمة العمر - من دون ثقلٍ - لكي تتوازن في راحتيك الخسارة والربح - أو - تتساوى على جانبيك الرياح الحرون - أنْ يتقاسم تركة روحك ضدان - طفلٌ وكهلُ - وصعودٌ وسهلُ - ووقارٌ وجهلُ - وأنْ يتعاقب في لحظة فوق سطحك - صيف النبي - وسيف الجنون - أنْ تعود إلى أول النبع كي ترتوي - ثم لا تبلغ الماء - أو تبلغ الماء بعد فوات الأوان - وتدرك أنْ قد خسرتَ الرهان - وأنَّك تخلي المكان لمن هم أقلُّ ذبولاً - وأنَّك تخبط في الأرض عرضاً وطولاً - لتبحث عن جنة نارُها الآخرون).
ولو غصتُ طويلاً في هذا الموضوع لوجدتُ المئات، بل الآلاف من الأبيات الشعرية والقصائد التي تقف عند عمر الأربعين شاكية باكية، وهو محطة تحول مهمة للإنسان من الشباب إلى ما بعده، وهو العمر الذي يقول عنه - مازحاً - الشاعر حمد الدوخي: «إنَّ أعمارنا هذه - نحن أبناء الأربعينات - تُشبه الساعة الثالثة بعد الظهر، فلا هي في الصباح لكي نستثمر الوقت، ولا هي في المغرب أو الليل لكي نسلم ونستريح، ولكن يجب علينا نحن أبناء هذا العمر أنْ نطيع أعمارنا ونصاحبها، ونستثمر شعريتها».



رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
TT

رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)

استخلص باحثون في جامعة ماريلاند الأميركية بمقاطعة بالتيمور (UMBC) العناصر الأساسية لإيماءات اليد الدقيقة التي يستخدمها الراقصون في رقصة «بهاراتاناتيام» الهندية الكلاسيكية، ووجدوا «أبجدية» للحركة أغنى وأكثر ثراء مقارنةً بمسكات اليد الطبيعية.

ووفق دراستهم المنشورة في مجلة «ساينتفيك ريبورتس» (Scientific Reports)، يمكن لهذا العمل أن يُحسّن كيفية تعليم الروبوتات حركات اليد المعقدة، وأن يُوفر للبشر أدوات أفضل للعلاج الطبيعي.

ركّز رامانا فينجاموري، الأستاذ في جامعة ماريلاند بمقاطعة بالتيمور والباحث الرئيسي في هذا العمل، مختبره على فهم كيفية تحكم الدماغ في حركات اليد المعقدة.

ابتكر فينجاموري نهجاً جديداً لاستخلاص العناصر الأساسية من مجموعة واسعة من إيماءات اليد الدقيقة، المسماة «مودرا»، المستخدمة في الرقص الكلاسيكي الهندي لتعزيز عنصر سرد القصص في هذا الإطار الفني.

ويُطور الفريق البحثي حالياً تقنيات «لتعليم» الأيدي الروبوتية أبجديات الحركات وكيفية دمجها لإنشاء إيماءات يد جديدة، وهو ما يُمثل انحرافاً عن الأساليب التقليدية لتعليم الروبوتات تقليد إيماءات اليد، ويتجه نحو أسلوب جديد لكيفية عمل جسم الإنسان ودماغه معاً.

ويختبر الباحثون هذه التقنيات على يد روبوتية مستقلة وروبوت بشري، يعمل كل منهما بطريقة مختلفة ويتطلَّب نهجاً فريداً لترجمة التمثيلات الرياضية للتآزر إلى حركات جسدية.

يقول فينجاموري: «الأبجدية المُشتقة من مودرا أفضل بالتأكيد من أبجدية الفهم الطبيعي لأنها تُظهر قدراً أعلى من البراعة والمرونة».

وأضاف في بيان نُشر الخميس: «عندما بدأنا هذا النوع من الأبحاث قبل أكثر من 15 عاماً، تساءلنا: هل يُمكننا إيجاد أبجدية ذهبية يُمكن استخدامها لإعادة بناء أي شيء؟».

ووفق نتائج الدراسة يمكن استخدام هذا المفهوم لتفكيك تنوع مذهل من الحركات إلى عدد محدود من الوحدات الأساسية.

بحث الفريق عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها (ساينتفيك ريبورتس)

وقبل أكثر من عقد من الزمان، بحث فينجاموري وشركاؤه عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها، بالاعتماد على مفهوم يُسمى التآزر الحركي، إذ يُنسّق الدماغ حركات مفاصل متعددة باليد في آنٍ واحد لتبسيط الحركات المعقدة.

بدأ فينجاموري وطلابه بتحليل مجموعة بيانات تضم 30 مسكة يد طبيعية، تُستخدم لالتقاط أشياء تتراوح أحجامها بين زجاجات المياه الكبيرة وحبات الخرز الصغير.

اختبر الفريق بعد ذلك مدى قدرة التآزرات المستمدة من الإمساك الطبيعي على الجمع لإنشاء حركات يد غير مرتبطة مقارنةً بالتآزرات المستمدة من المودرا. وقد تفوقت التآزرات المستمدة من المودرا بشكل ملحوظ على تآزرات الإمساك الطبيعي باليد، وفق نتائج الدراسة.

يقول بارثان أوليكال، العضو المخضرم في مختبر فينجاموري الذي يسعى حالياً للحصول على درجة الدكتوراه في علوم الحاسوب: «عندما تعرَّفت على مفهوم التآزر، أصبح لدي فضول كبير لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا استخدامه لجعل اليد الروبوتية تستجيب وتعمل بطريقة اليد البشرية نفسها».

ويضيف: «لقد كان من دواعي سروري أن أُضيف عملي الخاص إلى جهود البحث، وأن أرى النتائج».

يستخدم الفريق كاميرا بسيطة ونظاماً برمجياً للتعرُّف على الحركات وتسجيلها وتحليلها، وهو ما يُسهم بشكل كبير في تطوير تقنيات فعالة من حيث التكلفة يمكن للناس استخدامها في منازلهم.

في نهاية المطاف، يتصوَّر فينجاموري ابتكار مكتبات من الأبجديات المُخصصة لمهام روبوتية مُحددة، يُمكن استخدامها حسب الاحتياجات، سواءَ كان ذلك إنجاز الأعمال المنزلية اليومية من بينها الطهي أو طيّ الملابس، أو أي شيء أكثر تعقيداً ودقة، مثل العزف على آلة موسيقية.


تكريم عمر خيرت في الدورة الأولى لـ«مهرجان الأوبرا» بقطر

الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
TT

تكريم عمر خيرت في الدورة الأولى لـ«مهرجان الأوبرا» بقطر

الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)

يستهل «مهرجان الأوبرا العربية» فعاليات دورته الأولى في قطر بتكريم الموسيقار المصري عمر خيرت، وذلك برعاية وتنظيم «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» (الألكسو)، حيث اختيرت مصر ضيف شرف المهرجان بوصفها صاحبة أقدم دار أوبرا في العالم العربي.

وتنطلق الدورة الأولى للمهرجان بالتعاون مع المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) خلال الفترة من 8 حتى 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقد تقرَّر تكريم عمر خيرت «تقديراً لعطائه وعرفاناً بدوره الرائد في إثراء ساحة الإبداع العربي»، وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية. ويقدِّم «أوركسترا القاهرة السيمفوني» بقيادة المايسترو أحمد عاطف حفلاً يتضمن مجموعة من المؤلفات المصرية لكل من علي إسماعيل، وفؤاد الظاهري، ويوسف شوقي، وعمار الشريعي، وحسن أبو السعود، وعمر خيرت، وأندريا رايدر.

وعدَّ الدكتور علاء عبد السلام، رئيس «دار الأوبرا المصرية»، اختيار الأوبرا المصرية ضيف شرف الدورة الأولى «تأكيداً لأعرقيَّتها عربياً»، مشيراً إلى أن ذلك «يُبرز عمق العلاقات بين الأشقاء ويعكس التطلعات إلى مستقبل أكثر إشراقاً للفنون في المنطقة». وأضاف أن «احتضان دولة قطر للمهرجان خطوة ثقافية رائدة تعكس تقديرها للمسار الفني العربي، وتُبرز أهمية تلاقي التجارب والمؤسسات الفنية في فضاء واحد تُصاغ فيه مشروعات جديدة وتُفتح آفاق رحبة للتعاون والإبداع».

«دار الأوبرا المصرية» ضيف شرف «مهرجان الأوبرا» بقطر (وزارة الثقافة المصرية)

وقال الناقد الفني المصري أحمد السماحي إن «عمر خيرت يستحق هذا التكريم عن جدارة؛ فهو منذ بداياته يقدِّم نغمة مختلفة ومتجددة، وعمل على تطوير الموسيقى المصرية من خلال توزيعاته أولاً ثم من خلال مؤلفاته». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «خيرت من أوائل من ساهموا في تطوير التوزيع الموسيقي في الوطن العربي، ونجح في جذب أجيال واسعة، خصوصاً من الشباب، إلى الموسيقى، وقدّم ألبومات موسيقية خالصة بأسلوب متفرد حظيت بنجاح وانتشار كبيرين».

وقدّم عمر خيرت عدداً كبيراً من الألبومات والمقطوعات التي ارتبطت بالدراما والسينما، وغنَّى من أعماله نجوم الطرب في مصر والعالم العربي، مثل علي الحجار، ومحمد الحلو، ومدحت صالح، وحنان ماضي، ولطيفة. ومن أشهر مقطوعاته السينمائية «قضية عم أحمد»، و«إعدام ميت»، و«ليلة القبض على فاطمة»، و«عفواً أيها القانون»، ومن موسيقاه في الدراما «ضمير أبلة حكمت»، و«البخيل وأنا»، و«غوايش».

وكان مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية، الذي عقد دورته الـ24 في الرباط (المغرب)، قد أقر إقامة «مهرجان الأوبرا العربية» في قطر، واختيرت «دار الأوبرا المصرية» ضيف شرف دورته الأولى بالنظر إلى أسبقيتها التاريخية، إذ أسَّست مصر أول دار أوبرا في الوطن العربي، وفق بيان وزارة الثقافة.

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «تكريم عمر خيرت في (مهرجان الأوبرا العربية) الأول يعكس القيمة الكبيرة التي يُمثِّلها في الموسيقى العربية، وليس المصرية فقط»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الاختيار موفَّق جداً، سواء في تكريم خيرت أو في اختيار (دار الأوبرا المصرية) ضيفَ شرفٍ بوصفها الأقدم عربياً».

أُنشئت «دار الأوبرا المصرية» عام 1869 على يد الخديو إسماعيل ضمن احتفالات افتتاح قناة السويس. وبعد أكثر من قرن كانت فيه الأوبرا الخديوية المنارة الثقافية الأبرز في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ احترق مبناها في أكتوبر (تشرين الأول) 1971. ومن ثَمَّ اختيرت أرض الجزيرة مقراً للمبنى الجديد بالتنسيق مع هيئة التعاون الدولية اليابانية (JICA) والاتفاق على تصميم معماري إسلامي حديث، ليُفتتح المبنى الجديد في 10 أكتوبر 1988.


«حجر رشيد»... رحلة الأثر الذي فك طلاسم الحضارة المصرية

«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
TT

«حجر رشيد»... رحلة الأثر الذي فك طلاسم الحضارة المصرية

«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)

تحت عنوان «حجر رشيد: مفتاح الحضارة المصرية»، أنتجت مكتبة الإسكندرية فيلماً وثائقياً جديداً هو الخمسون ضمن مشروع «عارف... أصلك مستقبلك» الذي يتناول موضوعات تاريخية وبيئية، ورموزاً في مجالات شتى، ويقدم رحلة بصرية شيقة تمزج بين دقة المعلومة التاريخية وسحر الحكاية.

الفيلم الأحدث بسلسلة الأفلام الوثائقية يتناول حجر رشيد؛ ليس كمجرد قطعة أثرية؛ بل كقصة حضارة خالدة ألهمت العالم أجمع، من خلال استعراض أن الحضارة المصرية قد بدأت قبل عملية التدوين.

يستعرض الفيلم تطور أنظمة الكتابة المصرية القديمة، عبر الخطوط الثلاثة المنقوشة على الحجر، وهي: الهيروغليفية (الرسم المقدس)، والهيراطيقية (خط الكهنة)، والديموطيقية (الخط الشعبي)، وصولاً إلى القبطية التي مثلت الجسر الصوتي للغة المصرية القديمة.

ويتتبع الفيلم رحلة الحجر الأثري، بدءاً من معبد «سايس» بمحافظة الغربية، ومروراً باستخدامه كحجر بناء في قلعة «قايتباي» ببرج رشيد خلال العصور الوسطى، حتى اكتشافه عام 1799 على يد الملازم الفرنسي بيار بوشار.

ويسرد الفيلم قصة الصراع اللاحق عليه بين القوات الفرنسية والإنجليزية، الذي انتهى بوجود الحجر في المتحف البريطاني حالياً.

ويُبرز الفيلم المعركة العلمية الطويلة التي دارت لفك طلاسم الحجر، مسلطاً الضوء على جهود العلماء الأوائل، مثل السويدي يوهان أكربلاد، والإنجليزي توماس يانغ. ويُظهر الوثائقي كيف نجح العبقري الفرنسي جان فرنسوا شامبليون في تحقيق الانتصار العلمي. ويكشف أن تفوق شامبليون جاء نتيجة إجادته للغة القبطية التي استخدمها لربط الصوت بالصورة في النصوص القديمة. ففي سبتمبر (أيلول) 1822، أعلن شامبليون نجاحه في فك أول رموز الكتابة المصرية القديمة. وبهذا الإنجاز، تحول حجر رشيد رسمياً من مجرد وثيقة ملكية قديمة للإعفاء من الضرائب إلى أيقونة عالمية، ومفتاح جوهري لفهم التراث الإنساني.

الكتابة المصرية القديمة ظلت لغزاً لزمن طويل (مكتبة الإسكندرية)

ووفق مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي، بقطاع التواصل الثقافي في مكتبة الإسكندرية، الدكتور أيمن سليمان، فإن الاهتمام بإنتاج فيلم عن حجر رشيد يعود لأهمية هذا الحجر، ودوره في الكشف عن أسرار الحضارة المصرية القديمة، بعد فك طلاسم لغتها ومعرفة أبجديتها، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «فمن خلال لوحة تعود للعصر اليوناني– البطلمي عبارة عن مرسوم ملكي للإعفاء من الضرائب، وُضعت في كل المعابد تقريباً، نقل جزء منها لإعادة بناء قلعة قايتباي على نهر النيل بمدينة رشيد، استطاع العلماء فك رموز الكتابة المصرية»؛ لافتاً إلى أن عالم الآثار الفرنسي جان فرنسوا شامبليون (1790– 1832) استطاع أن يترجم ويكشف عن اللغة المصرية القديمة، نظراً لمعرفته اليونانية والقبطية، وبالمقارنة استطاع أن يترجم منطوق اللفظ والكلمة من الخط المصري القديم؛ سواء المقدس (الهيروغليفي) أو الخط الشعبي (الديموطيقي).

وقدمت سلسلة «عارف... أصلك مستقبلك» 49 فيلماً وثائقياً من قبل، من بينها أفلام: «وادي حيتان»، و«بورتريهات الفيوم»، و«أبو العباس المرسي»، و«الألعاب في مصر القديمة»، و«حديقة الزهرية»، و«توت عنخ آمون الملك الذهبي»، و«أمير الخرائط».