تركيا: بدء محاكمة 16 شخصاً شاركوا في «احتجاجات جيزي»

تبدأ، اليوم (الاثنين)، محاكمة شخصيات عديدة من المجتمع المدني التركي، من بينهم رجل الأعمال عثمان كافالا، لاتهامهم بـ«محاولة الإطاحة بحكومة» رجب طيب إردوغان خلال ما يعرف باحتجاجات حديقة جيزي التي اندلعت في عام 2013.
وبدأت الاحتجاجات باعتصام لنشطاء بيئيين للمطالبة بحماية الحديقة، التي تعد إحدى المساحات الخضراء القليلة في قلب إسطنبول، وبعد قمع الأجهزة الأمنية، تحوّل الاعتصام إلى حراك أكثر شمولية ضد إردوغان الذي كان حينها رئيساً للوزراء.
وبعد خمس سنوات من الحراك، عاد الاهتمام بمسألة قمع مؤيديه إلى الواجهة من جديد في خريف عام 2018، مع توقيف العديد من شخصيات المجتمع المدني التركي وأكاديميين مقربين من كافالا.
ويواجه المتهمون الستة عشر السجن مدى الحياة في هذه القضية، التي تثير تخوف المدافعين عن حقوق الإنسان، ويندد هؤلاء بـ«مطاردة شعواء»، ويؤكدون أن لا وجود «لذرة دليل» تدعم التهم.
وتعقد أول جلسة استماع في هذه المحاكمة في سجن سيليفري، الذي يقع في منطقة قريبة من إسطنبول.
ويحاكم 6 متهمين غيابياً لأنهم فروا إلى الخارج، مثل الممثل محمد علي ألابورا والصحافي المعارض جان دوندار، ويتهم الادعاء ألابورا بأنه شارك في مسرحية تجسد قيام ثورة ضدّ زعيم بلد وهمي.
ويقدّم المدعي العام في قرار الاتهام المكون من 657 صفحة، الاحتجاجات، على أنها عملية موجهة من الخارج لإلحاق الضرر بتركيا، ويرد في الوثيقة التي صيغت بلهجة تنم عن وجود مؤامرة: «لم يجر أي من ذلك بالصدفة، كان هناك دعم خارجي في إطار عملية هادفة إلى إركاع الجمهورية التركية».
وترد، في عريضة الاتهامات، خريطة توزيع النحل على الأراضي التركية، عثر عليها في هاتف كافلا، يقدمها الادعاء على أنها دليل على أن رجل الأعمال كان يعتزم إعادة رسم حدود البلاد.
وكافالا شخصية معروفة وتحظى بالاحترام في الأوساط الثقافية في أوروبا، وهو متهم بتمويل تلك الاحتجاجات. ويتهمه إردوغان بـ«تمويل الإرهابيين»، مشبهاً إياه أكثر من مرة برجل الأعمال والملياردير الأميركي المجري الأصل جورج سوروس، الذي يثير تنديداً واسعاً بين قادة الدول السلطويين.
ووصف إردوغان، العام الماضي، كافالا، بأنه «الممثل اليهودي المجري الشهير سوروس» في تركيا.
ورأت مؤسسة سوروس «أوبن سوساييتي»، التي أوقفت كل أنشطتها في تركيا، العام الماضي، أن المحاكمة «مهزلة سياسية» هدفها «إسكات كل الأصوات المعارضة في تركيا».
وأعلن رئيس المؤسسة باتريك غاسبار، في بيان، أن «مجرد إخضاعهم للمحاكمة، حيث يواجهون حكماً بالسجن مدى الحياة، هو بحدّ ذاته مأساة».
وتنتقد منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان مراراً تركيا في هذا الإطار، لقلقها من تدهور سيادة القانون في البلاد خلال السنوات الأخيرة.
ويرى أندرو غارنر، الباحث من منظمة العفو الدولية في تركيا، أن الاتهامات «لا تتضمن ذرة دليل تثبت أن المتهمين كانوا متورطين في أي نشاط إجرامي، ناهيك عن تآمرهم للإطاحة بالحكومة».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن غارنر قوله: «بدلاً من ذلك، تصور عريضة الاتهامات بطريقة سخيفة أنشطة اجتماعية عادية على أنها جرائم».