ولد الغزواني يعلن الفوز بالانتخابات الرئاسية في موريتانيا

مرشحو المعارضة لوحوا برفض النتائج وأكدوا «حتمية» الشوط الثاني

لوحة انتخابية في نواكشوط للمرشح محمد ولد الغزواني الذي أعلن فوزه في انتخابات الرئاسة الموريتانية (إ.ب.أ)
لوحة انتخابية في نواكشوط للمرشح محمد ولد الغزواني الذي أعلن فوزه في انتخابات الرئاسة الموريتانية (إ.ب.أ)
TT

ولد الغزواني يعلن الفوز بالانتخابات الرئاسية في موريتانيا

لوحة انتخابية في نواكشوط للمرشح محمد ولد الغزواني الذي أعلن فوزه في انتخابات الرئاسة الموريتانية (إ.ب.أ)
لوحة انتخابية في نواكشوط للمرشح محمد ولد الغزواني الذي أعلن فوزه في انتخابات الرئاسة الموريتانية (إ.ب.أ)

أعلن المرشح للانتخابات الرئاسية في موريتانيا محمد ولد الغزواني، أمس (الأحد)، فوزه من الشوط الأول، وذلك بعد ساعات من إغلاق مكاتب التصويت وفرز نسبة 80 في المائة من المكاتب، ولكن أربعة مرشحين للانتخابات من المعارضة وصفوا إعلانه بأنه محاولة للالتفاف على نتائج الانتخابات، مؤكدين أن المؤشرات التي بحوزتهم تفرض اللجوء إلى شوط ثانٍ.
ولد الغزواني أعلن انتصاره قبيل الفجر أمام حشد من أنصاره في باحة قصر المؤتمرات بنواكشوط، خلال سهرة انتخابية حضرها الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز. وقال ولد الغزواني في نهاية السهرة إنه يهنئ الموريتانيين على «النصر». وأضاف: «لم يبق سوى 20 في المائة من مكاتب التصويت، لكن ذلك لن يغير النتيجة النهائية».
في غضون ذلك تشير النتائج الجزئية الصادرة عن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، الهيئة المشرفة على تنظيم الانتخابات، إلى أنه بعد فرز نسبة 98 في المائة من مكاتب التصويت، حصل الفريق المتقاعد ووزير الدفاع السابق محمد ولد الغزواني على نسبة 51 في المائة من الأصوات، وهو ما يمكنه من المرور في الدور الأول.
وتشير النتائج نفسها إلى أن المرتبة الثانية كانت من نصيب الناشط الحقوقي بيرام ولد الداه اعبيد، الذي حصل على نسبة 18.7 في المائة، ما شكّل مفاجأة، إذ تمكن هذا الناشط الحقوقي من التفوق على الوزير الأول الأسبق سيدي محمد ولد ببكر، المدعوم من طرف التيار الإسلامي، الذي حصل بدوره على نسبة 18.2 في المائة.
وبمجرد أن أعلن ولد الغزواني فوزه بالانتخابات، واقتراب اكتمال فرز الأصوات، عقد أربعة من مرشحي المعارضة اجتماعاً مغلقاً استمر ساعات في مقر حملة المرشح محمد ولد مولود، خرجوا منه ليعقدوا مؤتمراً صحافياً لوحوا فيه برفض نتائج الانتخابات إذا لم تكن خاضعة لمعايير الشفافية وتعكس إرادة الموريتانيين، وطلبوا من اللجنة أن تنشر نتائج جميع مكاتب التصويت على عموم التراب الموريتاني.
ولكن المعارضة علقت بلهجة شديدة على إعلان ولد الغزواني لفوزه، وقالت إنه «ينم عن عقلية انقلابية»، وقال ولد اعبيد «إن النظام يحاول الالتفاف على انتصار الشعب الموريتاني، فالانتخابات كانت تتجه نحو التغيير والقطيعة مع النظام الحالي»، قبل أن يضيف أنهم في المعارضة سجلوا وقوع «تطورات خطيرة تم تسجيلها خلال يوم الاقتراع وما زالت متواصلة». وأشار ولد اعبيد إلى أنهم في المعارضة قرروا خوض الانتخابات رغم ما سماه «الخروقات والتجاوزات في المسلسل الانتخابي الأحادي، بما في ذلك اللجنة الانتخابية غير الحيادية والمنحازة لصالح مرشح النظام». واعتبر أنه رغم ذلك تمكنوا من إحراج مرشح النظام. لكنه أضاف أن «النظام أحس بالهزيمة، وبدأ في الاستفزاز والمناورة، وأنزل الجيش وقوات الأمن بصفة مكثفة للشارع، من أجل الضغط على المواطنين والاعتداء عليهم».
في غضون ذلك، تظاهرت مجموعة شبابية من أنصار المعارضة، في عدد من أحياء العاصمة نواكشوط، وأحرق المشاركون فيها إطارات السيارات ورددوا هتافات مؤيدة للمرشح بيرام الداه اعبيد، وطالبوا بضرورة أن يتجاوز مرشحهم إلى الشوط الثاني لمواجهة ولد الغزواني، ولكن الشرطة تدخلت وفرقت المحتجين.
وكانت الانتخابات الرئاسية التي جرى شوطها الأول يوم السبت الماضي، قد جرت دون مشاكل أمنية أو مواجهات بين أنصار المرشحين، ولكن حالة الاستقطاب الحاد التي أعقبت ظهور النتائج الجزئية رفعت من مستوى التوتر في البلاد، فيما انتشرت وحدات من الأمن والشرطة في مختلف الشوارع الرئيسية للعاصمة نواكشوط، ومدينة نواذيبو، العاصمة الاقتصادية للبلاد.
وكان نحو مليون ونصف المليون ناخب موريتاني، قد تمت دعوتهم إلى التصويت يوم السبت في الانتخابات الرئاسية، إذ ستمكن من انتخاب رئيس جديد للبلاد سيخلف الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز، الذي أكمل ولايتين رئاسيتين ويمنعه الدستور الحالي للبلاد من الترشح لولاية رئاسية ثالثة. ولم يسبق أن عرفت موريتانيا أي انتقال سلمي للسلطة بين رئيسين منتخبين، وهي البلد الذي اشتهر بالانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسي، ولكنه خلال السنوات الأخيرة شهد حالة من الاستقرار، ونجحت سياساته الأمنية في مواجهة الحركات الإرهابية المنتشرة في منطقة الساحل الأفريقي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.