الجيش الليبي يؤكد إفشال هجوم جديد على مطار طرابلس

TT

الجيش الليبي يؤكد إفشال هجوم جديد على مطار طرابلس

هدأت حدة المعارك في العاصمة الليبية، أمس، مقارنة بالأيام الماضية، وسط اشتباكات محدودة بين قوات الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، والميليشيات الموالية لحكومة الوفاق، التي يترأسها فائز السراج جنوب طرابلس، فيما حذرت مؤسسة النفط التابعة للسراج من خطر وقف الإنتاج، بعد تلميح من رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح إلى إمكان ذلك.
وأعلن الجيش الوطني أن وحداته العسكرية نصبت ما وصفه بكمين مُحكم بمحور المطار الدولي المهجور، سقط خلاله عدد من القتلى التابعين لـ«مجموعات الحشد الميليشياوي»، في إشارة إلى القوات الموالية لحكومة السراج، لافتاً إلى «هروب من بقي منهم حياً، تاركين آلياتهم وذخائرهم».
وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابع للجيش، إنه للمرة الـ31 قامت من وصفها بـ«الميليشيات الإجرامية» بـ«محاولة يائسة للوصول إلى مطار طرابلس»، مضيفاً: «كان جنودنا البواسل لهم بالمرصاد، وكبدوهم خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات».
بدورها، قالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش الوطني، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إن «قوات الجيش قامت بأسر 4 أشخاص تابعين لهذه المجموعات» خلال الهجوم الجديد على محور المطار.
وبثّت الشعبة فيديو يظهر اعترافات لمن وصفتها بـ«مجموعة مأجورة تم اعتقالها بمنطقة قصر بن غشير، تقوم بالتجسس لصالح الميليشيات المسلحة على مواقع وتمركزات قوات الجيش بمحاور القتال جنوب العاصمة».
في المقابل، قالت عملية بركان الغضب، التي تشنها قوات تابعة لحكومة السراج، إن قواتها طاردت مساء أول من أمس «فلولاً» تابعة لقوات الجيش الوطني في مطار طرابلس، ودمرت دبابتين وآليتين مسلحتين، بدعم من سلاح الجو.
من جهة أخرى، ورغم أن مكتب المشير خليفة حفتر تجاهل أمس أي إشارة إلى اللقاء الذي عقده أول من أمس مع غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، فإنه أعلن أمس في المقابل أنه اطمأن على أوضاع بلدية طبرق بشرق ليبيا، لدى استقباله عميدها السيد فرج الخطابية بمكتبه في مقر القيادة العامة في الرجمة.
من جانبه، عقد غسان سلامة اجتماعاً بمقر البعثة الأممية في بنغازي بشرق البلاد، مع مجموعة مشايخ من المنطقة الشرقية، يمثلون مختلف القبائل. وقالت البعثة الأممية، في بيان لها، إن الاجتماع الذي تطرق إلى البحث عن إيجاد مخارج للأزمة الليبية والعبور نحو مرحلة الاستقرار والأمن والازدهار، ناقش أهمية جهود البعثة ووكالات الأمم المتحدة في تنمية المنطقة الشرقية، مشيرة إلى أن سلامة أعلن عزم الأمم المتحدة بجميع وكالتها تعزيز وجودها في المنطقة الشرقية، انطلاقاً من بنغازي.
وبحسب البيان، طالب المشايخ الأمم المتحدة بضرورة العمل على تحقيق توزيع عادل للثروات الليبية.
وكان سلامة التقى مساء أول من أمس في مقر الأمم المتحدة في بنغازي بممثلين عن التكتل الفيدرالي والتكتل المدني الديمقراطي في مجلس النواب؛ حيث عبّر عن عزم الأمم المتحدة ووكالاتها تعزيز وتكثيف وجودها وعملها من بنغازي، لتقديم الدعم الإنساني والتنموي للمدينة وجوارها.
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة في شرق ليبيا، أنها بصدد مقاضاة تركيا عقب تصريح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن بيع السلاح إلى ما وصفته بحكومة السراج غير الدستورية. واعتبرت الوزارة، في بيان لها مساء أول من أمس، أن هذا دليل قاطع على انتهاك حكومة تركيا لقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن حظر توريد السلاح إلى ليبيا، ودليل لا يقبل الشك على تورط حكومة السراج في دعم وإيواء الإرهابيين.
في غضون ذلك، أعربت مؤسسة النفط الموالية لحكومة السراج عن قلقها من الدعوات لوقف إنتاج النفط في البلاد، داعية إلى ضرورة بقائه بمنأى عن التجاذبات السياسية كافة.
وانتقدت في بيان لها «الدعوات الأخيرة لوقف إنتاج النفط»، في إشارة ضمنية إلى إعلان عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي، أنه قد يضطر إلى اتخاذ قرار بشأن إيقاف تصدير النفط، كون إيراداته تمول بها حكومة السراج الميليشيات المسلحة في حربها ضد قوات الجيش الوطني، لافتاً إلى محاولات قامت بها الحكومة المنبثقة عن البرلمان شرق البلاد لبيع النفط، لكنه أكد تعذر ذلك لمعارضة المجتمع الدولي.
وردّت المؤسسة، في بيانها على هذه التصريحات قائلة: «يجب أن يستمر الإنتاج كونه المصدر الرئيسي للدخل الوطني (...) وأن يبقى بمنأى عن كل التجاذبات السياسية». وحذرت من أن «عرقلة عمليات القطاع بشكل متعمد سيؤثر بشكل كبير على تدفقات الإيرادات الوطنية، ما من شأنه أن يحول دون قدرة مؤسسة النفط على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية، ويتسبب في خلق مزيد من الانقسامات داخل البلاد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.