«رسوم على الهواء»... فنانة مصرية تسجل بالألوان مهن الحرفيين

تصطحب الفنانة المصرية نشوى عمران، حامل لوحاتها الخشبي وألوانها الزيتية وتتّخذ مقعدها في مواجهة أبطالها الذين تعتبرهم مصدرها الأول لإلهامها التشكيلي، وعلى طريقة البث المباشر «على الهواء»، تلتقط ملامح الحرفيين والباعة في أماكن عملهم، مسجلة بالألوان لحظة بعينها يمكنها أن تلخّص مسيرة حياة بعضهم.
بدأت القصة من رائحة خبز فواحة قادتها لمخبز بسيط صاحبته خبازة بسيطة اسمها «نعمة»، وجدت فيها نشوى عمران ملمحاً فنياً ثرياً وهي تستقبل حرارة الفرن ومعه الخبز الطازج الذي ترصه بجوارها، وأرادت أن تعبّر عنها من خلال بورتريه. وتروي لـ«الشرق الأوسط»: «طلبت منها أن أرسمها، ورحبت جداً، وكانت ودودة ولم تتحفّظ على أن أقوم بالتردد عليها طيلة ثلاثة أسابيع لرسمها بشكل حي أثناء قيامها بالخبز، هي جذبتني لها بروحها المميزة، ولم أكن أعلم وقتها أنني بصدد إعداد مشروع عن التصوير الحي للمهن، فقط كنت أرسمها لأنها جذبتني إليها».
وتتابع عمران: «تكرر الأمر بعد ذلك عندما كنت في زيارة لشارع المعز، وجذبني صوت طرق على معدن، وجدت أنّ مصدر الصّوت عم إسلام أحد العاملين في فنون النّحاس، ووجدت لديه روحاً طيبة، وفناً رفيعاً، وشعرت وقتها بأن ما أفعله هو محاولة لتقديم التحية والاعتراف بالتقدير لأصحاب تلك المهن ذات الظروف الصعبة، التي نمر بها وقد لا نلتفت لها».
تردّدت الفنانة المصرية على عم إسلام وهو يواصل عمله من دون أن تطلب منه تغيير مكانه أو أياً من تفاصيل عمله، وصممت على الاحتفاظ بالتكوين العام لسياقه، والألوان المحيطة به، وظلت ترسم تجاعيد وجهه وقسماتها المثابرة على الطّرق بثبات على النّحاس وتجويد فنونه على سطحه، وانتهت من بورتريه طبق الأصل لصاحب الحرفة ذات الطّابع الشرقي الفريد.
كررت التجربة ذاتها مع سيدة تبيع الخضراوات في سوق ميدان الجامع بالقاهرة، واسمها أم حسين، التي تُفصّص البازيلاء في نهار السّوق، وهي تجاور أقفاص الطماطم والكرنب الأخضر، وتواجه بعينها عين الرّسامة التي وجدتها مصدراً جديداً لإلهام مشروعها عن تصوير المهن، كما فعلت كذلك مع صاحب إحدى الحرف المنقرضة وهو «البوابرغي»، الذي يُصلح مواقد «بوابير» الغاز القديمة، والتقطت تفاصيله الثرية أثناء انهماكه في التصليح ومن ورائه ملامح تتّسق مع عالمه القديم كصورة احتفظ بها لزعيم ثورة 1919 الراحل سعد زغلول على جدار ورشته.
وتعتبر عمران أن المدرسة الواقعية التي تميل لتبنيها في مشروعها هي الأكثر قرباً لها، وتقول: «أميل لتصوير الطبيعة الحية والصّامتة منذ طفولتي، وهي المساحة الفنية التي أجد دائماً إشادة كبيرة من أساتذتي وحثاً على مواصلة العمل بها».
شاركت الفنانة المصرية في عدد من المعارض الجماعية، منها معرض «صالون الشباب» الثاني في أتيليه القاهرة، ومعرض «بيت الفن» الثاني، ومعرض «رؤى»، ومعرض «الأنثى حياة» في متحف محمد محمود خليل وحرمه، ومعرض «تراثنا» في دار الأوبرا المصرية، وغيرها من المعارض، وتقول إنها بصدد الإعداد حالياً لأول معرض فردي لها تجمع فيه لوحات التصوير الحي للمهن التي قامت بها، ولا سيما بعد ردود الأفعال الجيدة التي تلقتها بعد عرض جانب من تلك اللوحات في المعارض الجماعية.