ترمب يلغي ضربة عسكرية لإيران في الدقائق الأخيرة

وجّه رسالة تحذير عبر عُمان وقال إنه لا يريد حرباً... و«الحرس الثوري» يعرض حطام الـ«درون»

TT

ترمب يلغي ضربة عسكرية لإيران في الدقائق الأخيرة

أكد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أمس (الجمعة)، أنه ألغى ليلة الخميس ضربات عسكرية ضد مواقع إيرانية، رداً على إسقاط «الحرس الثوري» الإيراني طائرة «درون» أميركية في مضيق هرمز. وفيما برر ترمب وقفه الضربة برغبته في تفادي سقوط قتلى إيرانيين مدنيين، قالت مصادر أميركية إن معلومات الاستخبارات أكدت أن القيادة الإيرانية لم تكن راضية عن تصرف القائد العسكري الذي أمر بإسقاط الطائرة الأميركية، مما يشير إلى تباين داخل النظام الإيراني بين من يريد التصعيد ومن يريد التهدئة.
وأفيد أمس بأن الولايات المتحدة طلبت عقد اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي بعد غد (الاثنين)، لبحث التطورات الأخيرة المتصلة بإيران في الخليج. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية أن واشنطن طلبت إجراء مباحثات بين الدول الـ15 الأعضاء في المجلس حول «آخر التطورات المتصلة بإيران، والحوادث الأخيرة التي تعرضت لها ناقلات نفط». وقال مصدر إن الاجتماع سيعقد بعد ظهر الاثنين.
في المقابل، تضاربت الأنباء حول تلقي طهران رسالة تحذير أميركية عبر الوسيط العماني، وفق ما نقلته «رويترز» عن مسؤولين إيرانيين، وهو أمر نفاه المجلس الأعلى للأمن القومي. وفيما سلّمت وزارة الخارجية الإيرانية مذكرة احتجاج إلى سويسرا، ممثلة المصالح الأميركية، عرض «الحرس الثوري» في إحدى قواعده في طهران قطعاً لما قال إنها «حطام الدرون» الأميركية. وأشار قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس»، أمير علي حاجي زاده، إلى «تجنب» قواته إسقاط طائرة أميركية أخرى مأهولة لحظة استهداف «الدرون».
ولجأ ترمب، أمس، إلى «تويتر» للرد على تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» حول خطته للرد على إيران، التي تضمنت توجيه ضربات لمواقع عسكرية. ومن دون أن يذكر اسم الصحيفة، أكد الرئيس الأميركي ضمناً ما أوردته الصحيفة، إذ قال إنه ألغى ضربات كان من المفترض أن تستهدف 3 مواقع قبل «10 دقائق» من موعد شنها، موضحاً أن القادة العسكريين أبلغوه بأنها ستؤدي إلى مقتل «150 شخصاً»، فقرر أن ذلك سيكون رداً مفرطاً على إسقاط طائرة مسيرة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه ليس في عجلة من أمره لضرب إيران.
وقال ترمب، في تغريداته: «قاموا بإسقاط طائرة مسيرة تطير فوق المياه الإقليمية، لقد كنا مسلحين ومستعدين لضربة انتقامية الليلة الماضية ضد 3 أماكن مختلفة عندما طلبت ذلك، وعندما سألت عن عدد الذين سيموتون، كانت الإجابة من الجنرال: 150 شخصاً. 10 دقائق قبل بدء الضربة قمت بوقفها لأنها ليست متناسبة مع إسقاط الطائرة المسيرة». وأضاف: «أنا لست في عجلة، فالجيش الأميركي تمت إعادة بنائه، وهو جديد ومستعد للمضي قدماً، وهو أفضل جيش في العالم. العقوبات تضر إيران، والمزيد منها تم فرضه الليلة الماضية. إيران لن تحصل مطلقاً على أسلحة نووية ضد أميركا، ولا ضد العالم».
وألقى ترمب باللوم على الرئيس باراك أوباما، قائلاً إنه قام بصفقة يائسة مروعة مع إيران، وأعطاها 150 مليار دولار، إضافة إلى 1.8 مليار دولار من الأموال السائلة، مضيفاً أن إيران بدل توجيه الشكر، قالت: «الموت لأميركا». وتابع: «أنا أنهيت الاتفاق (النووي) الذي لم يتم تقديمه إلى الكونغرس، وقمت بفرض عقوبات قوية، وهم (أي الإيرانيين) اليوم أكثر ضعفاً مما كانوا في بداية ولايتي، حينما كانوا يتسببون في مشكلات كثيرة في منطقة الشرق الأوسط؛ الآن هم في موقف سيء».
وقال مراسل محطة {إن بي سي} مساء أمس إن ترمب أكد استعداده لإجراء محادثات مع المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي أو الرئيس حسن روحاني، مضيفاً أن الرئيس الأميركي يشدد على أن تكون مسألة الصواريخ الباليستية الإيرانية ضمن أي اتفاق مع طهران.
وكان ترمب قد التقى قادة الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مساء الخميس لأكثر من ساعتين. وشدد عدد كبير من قادة الحزبين على ضرورة الحصول على إذن مسبق من الكونغرس قبل توجيه أي ضربة عسكرية ضد إيران. وفي الوقت نفسه، نشر «البنتاغون» صوراً وإحداثيات تؤكد أن الطائرة الأميركية المسيرة التي أسقطتها إيران كانت في المياه الدولية.
وجاءت تغريدات ترمب بعد ساعات من نشر صحيفة «نيويورك تايمز» أن الرئيس الأميركي وافق على شن ضربات جوية على إيران، رداً على إسقاط «الدرون»، لكنه ألغى الهجمات في اللحظة الأخيرة. ونقلت عن مسؤولين كبار في الإدارة شاركوا في المناقشات أو اطلعوا عليها أن الولايات المتحدة كانت تخطط لضرب «مجموعة من الأهداف الإيرانية، مثل بطاريات الرادار والصواريخ»، مساء الخميس، لكن الخطة توقفت فجأة في مراحلها الأولى. وأضافت أنه كان من المقرر تنفيذ الضربات قبيل فجر الجمعة لتقليل الخطر على العسكريين أو على المدنيين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير بالإدارة قوله إن الطائرات كانت تحلّق، والسفن كانت في مواقعها، لكن لم تنطلق أي صواريخ عندما صدر لها أمر بالمغادرة. وأوضحت أن قرار الرجوع المفاجئ أوقف ما كان سيصبح ثالث عمل عسكري لترمب ضد أهداف في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنه ضرب مرتين أهدافاً في سوريا في 2017 و2018.
ومن غير الواضح ما إذا كان قرار شن هجمات على إيران ما زال قائماً، حسبما ذكرت الصحيفة التي قالت إنه من غير المعروف هل ألغيت الضربات بسبب رجوع ترمب عن رأيه أم نتيجة قلق الإدارة من أمور تتعلق باللوجيستيات أو الاستراتيجية، حسبما أوردت «رويترز». لكن جنرالاً أميركياً متقاعداً قال لقناة «فوكس» إن معلومات الاستخبارات الأميركية أكدت أن القيادة العليا في إيران لم تكن راضية عن تصرف القائد العسكري الميداني الذي أمر بإسقاط الطائرة، مضيفاً أن ذلك يؤكد «حدس» الرئيس ترمب الذي قال إنه يعتقد أن إسقاط الطائرة كان عملاً فردياً.
وحوّلت بعض شركات الطيران الدولية مسارات رحلاتها لتفادي المجال الجوي الذي تسيطر عليه إيران فوق مضيق هرمز وخليج عُمان، بعد أن أصدرت إدارة الطيران الاتحادية الأميركية أمراً طارئاً يحظر على شركات الطيران الأميركية التحليق فوق المنطقة حتى إشعار آخر. وقالت شركات طيران عالمية إنها ستغير مسارات رحلاتها لتفادي المجال الجوي الذي تسيطر عليه إيران. وقالت شركات طيران الإمارات والخطوط الجوية الماليزية وكانتاس الأسترالية وسنغافورة إيرلاينز ولوفتهانزا الألمانية والخطوط الجوية البريطانية و«كيه إل إم» الهولندية، إنها ستعيد تحويل مسار طائراتها لتفادي المنطقة.
وجاء إسقاط الطائرة بعد أسبوع من تفاقم التوترات، إثر هجوم بالألغام على ناقلات نفط، مما أدى إلى تبادل اتهامات بين طهران وواشنطن حول المسؤولية عن الهجوم. وقالت كل من ألمانيا وبريطانيا، الموقعتين على الاتفاق النووي، إن أدلة «شبه مؤكدة» تشير إلى دور إيراني في مهاجمة الناقلات.
وفي طهران، عرض التلفزيون الرسمي الإيراني أمس أجزاء عثرت عليها زوارق «الحرس الثوري» في المياه الإيرانية، مما قال إنها من طائرة درون استطلاعية من طراز «غلوبال هوك»، قالت طهران إنها كانت في «مهمة تجسس فوق أراضيها». وقال قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، أمير علي حاجي زادة، أمس، إن «الحطام كان يطوف، وجمعناه من على سطح مياهنا الإقليمية»، مضيفاً أن قواته كان بإمكانها إسقاط طائرة أميركية على متنها 35 شخصاً رافقت الطائرة المسيرة التي تم إسقاطها أول من أمس.
وادعى القيادي في «الحرس الثوري» أن «هذه الطائرة انتهكت حدودنا الجوية أيضاً، وكان بإمكاننا استهدافها، لكن لم نفعل هذا الأمر لأن هدفنا من إسقاط الطائرة المسيرة الأميركية كان توجيه تحذير للقوات الإرهابية الأميركية». وأضاف أن مقر الدفاع الجوي وجه 4 تحذيرات للطائرة المسيرة التي دخلت أجواء إيران.
وفي غضون ذلك، كشف مسؤولان إيرانيان، لوكالة «رويترز»، أن طهران تلقت رسالة من ترمب عبر سلطنة عمان للتحذير من هجوم أميركي وشيك على إيران، وللقول للإيرانيين في الوقت ذاته إنه يعارض الحرب، ويريد إجراء محادثات بشأن عدد من القضايا. لكن طهران نفت صحة تقرير الوكالة، على لسان المتحدث باسم «المجلس الأعلى للأمن القومي»، كيوان خسروي الذي قال إن «الولايات المتحدة لم تبعث بأي رسالة لإيران عبر عمان»، بحسب ما نقله عنه التلفزيون الحكومي.
وسبق أن تولت سلطنة عمان، التي لديها علاقات جيدة مع طهران كما مع واشنطن، وساطات بين الطرفين العدوين. وكانت مسقط على قائمة عواصم مرشحة للوساطة بين الجانبين منذ بداية الشهر الماضي.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول إيراني لم تذكر اسمه أن «ترمب قال في رسالته إنه ضد أي حرب مع إيران، ويريد إجراء محادثات مع طهران بشأن عدد من القضايا»، لافتاً إلى أن ترمب «حدد فترة زمنية قصيرة للحصول على ردنا، لكن رد إيران الفوري هو أن القرار بيد المرشد علي خامنئي في هذه المسألة». وقال مسؤول إيراني آخر للوكالة إن الإيرانيين أوضحوا أن «المرشد يعارض أي محادثات، لكن الرسالة ستنقل إليه ليتخذ القرار... ومع ذلك، أبلغنا المسؤول العماني بأن أي هجوم على إيران ستكون له عواقب إقليمية ودولية».
وفي الأثناء، ذكرت وكالة «فارس»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، أمس، أن إيران أبلغت الولايات المتحدة، عبر السفير السويسري، بأن واشنطن ستكون مسؤولة عن عواقب أي عمل عسكري ضد إيران. أما وكالة «إرنا»، التي تخضع للحكومة، فقالت في تقرير إن وزارة الخارجية، التي استدعت السفير، أبلغته أن إيران لا تريد حرباً مع الولايات المتحدة. وقال مدير إدارة الأميركتين في الخارجية الإيرانية، محسن بهاروند، إنه «إذا اتخذ الطرف الذي يواجهنا خطوات استفزازية بلا تفكير، فإنه سيتلقى رداً بالمثل لا يمكن التنبؤ بعواقبه، وستتكبد جميع الأطراف الخسائر والأضرار المترتبة عليه».
وتمثل سويسرا المصالح الأميركية في إيران بسبب قطع العلاقات الدبلوماسية عقب سيطرة متشددين على مقر السفارة الأميركية في 1979.



ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
TT

ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، خيارات لمنع إيران من إنتاج سلاح نووي، بما في ذلك إمكانية شن غارات جوية استباقية، مما يشكل خرقاً للسياسة الأميركية القائمة على احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن فريق ترمب الانتقالي يناقش تداعيات ضعف موقف إيران الإقليمي وسقوط نظام الأسد في سوريا، بالإضافة إلى تدمير إسرائيل لميليشيات مثل «حزب الله» و«حماس».

وقال مسؤولون انتقاليون إن ضعف موقف إيران الإقليمي، والكشف عن تقدم الجهود النووية لطهران، قد أديا إلى تفاقم المناقشات الداخلية الحساسة. ومع ذلك، لا تزال جميع المداولات حول هذه القضية في المراحل المبكرة.

تساؤلات حول نوع الضغوط التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وقال شخصان مطلعان على محادثاتهما، إن ترمب أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمات هاتفية حديثة، بأنه قلق بشأن اندلاع حرب نووية إيرانية في عهده، مما يشير إلى أنه يبحث عن مقترحات لمنع هذه النتيجة.

ويريد ترمب خططاً تتوقف عن إشعال حرب جديدة، خصوصاً تلك التي يمكن أن تجرَّ الجيش الأميركي، حيث إن الضربات على المنشآت النووية في طهران لديها القدرة على وضع الولايات المتحدة وإيران على مسار تصادم.

وتمتلك إيران ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب وحده لبناء 4 قنابل نووية، مما يجعلها الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج 60 في المائة من المواد الانشطارية التي تقترب من درجة الأسلحة، ولن يستغرق الأمر سوى بضعة أيام لتحويل هذا المخزون إلى وقود نووي صالح للأسلحة.

وقال مسؤولون أميركيون، في وقت سابق، إن الأمر قد يستغرق من إيران أشهراً عدة لنشر سلاح نووي.

وقال أشخاص مطلعون على التخطيط إن الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب يبتكر ما يطلق عليها استراتيجية «الضغط الأقصى 2» ضد النظام الإيراني، وهي استكمال لنهجه في فترة ولايته الأولى، الذي ركز على العقوبات الاقتصادية الصارمة.

وهذه المرة، يقوم الرئيس المنتخب ومساعدوه بوضع خطوات عسكرية يمكن أن تكون محوريةً لحملته المناهضة لطهران، وإن كانت لا تزال مقترنةً بعقوبات مالية أكثر صرامة.

قال 4 أشخاص مطلعون على التخطيط إن خيارين ظهرا في المناقشات، بما في ذلك في بعض المحادثات التي جرت مع ترمب.

وأحد المسارات، الذي وصفه شخصان مطلعان على الخطة، يتضمَّن زيادة الضغط العسكري من خلال إرسال مزيد من القوات الأميركية والطائرات الحربية والسفن إلى الشرق الأوسط، ويمكن للولايات المتحدة أيضاً بيع أسلحة متقدمة لإسرائيل، مثل القنابل الخارقة للتحصينات، مما يعزز قوتها الهجومية لإخراج المنشآت النووية الإيرانية عن الخدمة.

والتهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والتي تنجح في شلِّ الاقتصاد الإيراني، قد يقنع طهران بأنه لا يوجد خيار سوى حل الأزمة دبلوماسياً.

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

والمسار البديل هو السعي إلى استخدام التهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة؛ لدفع طهران إلى قبول حل دبلوماسي، وهذه هي الاستراتيجية التي استخدمها ترمب مع كوريا الشمالية في ولايته الأولى، على الرغم من تعثر الدبلوماسية في نهاية المطاف.

وليس من الواضح أي خيار سيختاره ترمب، الذي تحدَّث عن تجنب حرب عالمية ثالثة، والتوسط في صفقات مع طهران.

في حين أصرَّ ترمب على أنه يسعى إلى تجنب التصعيد الهائل في الشرق الأوسط، فإنه قال لمجلة «تايم»، في مقابلة نُشرت يوم الخميس، إن هناك فرصةً لأن تخوض الولايات المتحدة حرباً مع إيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن طهران خطَّطت لاغتياله، وقال: «أي شيء يمكن أن يحدث. إنه وضع متقلب للغاية».

ولم يقم بعض المسؤولين الجدد في الإدارة بعد بإبداء رأيهم الكامل في هذه القضية، وقد تتغير المقترحات المتعلقة بإيران مع تولي المسؤولين الحكوميين مناصبهم، وتوافر المعلومات السرية، وعقد المناقشات مع الحلفاء الإقليميين مثل إسرائيل.

والأمر الحاسم هو أن ترمب نادراً ما يخوض بعمق في التفاصيل المتعلقة بمسائل السياسة الخارجية حتى يتم تقديم خيارات نهائية له ويجب اتخاذ قرار، كما يقول مسؤولون سابقون في إدارة ترمب.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد إجراء 3 مكالمات مع ترمب، قال نتنياهو إنهما «يتفقان على التهديد الإيراني في جميع مكوناته، والخطر الذي يشكِّله».

وقال مسؤولون سابقون إن ترمب درس فكرة توجيه ضربات استباقية للبرنامج النووي الإيراني نحو نهاية ولايته الأولى، بعد وقت قصير من كشف المفتشين الدوليين عن نمو مخزون إيران من المواد النووية لكن ترمب، الذي كان من بين القادة الذين عارضوا بشدة، لم يعلق على هذا الأمر.

وبعد أن ترك منصبه، نفى منذ ذلك الحين أنه فكَّر في العمل العسكري بجدية، مدعياً أن كبار مساعديه وضعوا خطط حرب ودفعوه إلى تفويض ضربة.

وقال مساعدو ترمب والمقربون منه، الذين يدعمون الخيارات العسكرية لولايته الثانية، إن الفكرة الرئيسية ستكون دعم الضربات الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية؛ مثل «فوردو» و«أصفهان»، وربما حتى مشاركة الولايات المتحدة في عملية مشتركة.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

يقول كثير من المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين إن هناك شكوكاً كبيرة حول مدى نجاح إسرائيل في شن هجوم منفرد على المنشآت النووية الإيرانية، وبعضها مدفون عميقاً تحت الأرض.

ومع ذلك، يصرُّ بعض حلفاء ترمب على أن الأشهر الأولى من عودته إلى منصبه تُقدِّم له فرصةً نادرةً لمواجهة البرنامج النووي الإيراني، بينما النظام في وضع ضعيف.

وفكرت إسرائيل لسنوات في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكنها لم تفعل ذلك، جزئياً؛ بسبب الحذر الأميركي ضدها.

وفي عام 2012، حذَّرت إدارة أوباما نتنياهو من شن هجمات، بينما كانت إيران تبني برنامجها النووي قبل الاتفاق النووي لعام 2015. وقالت إدارة بايدن باستمرار إنها تسعى إلى حل دبلوماسي للتقدم النووي الإيراني.

ستكون المناقشات حول ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية مختلفًة هذه المرة.

وقال غابرييل نورونها، الذي عمل على ملف إيران في وزارة الخارجية خلال إدارة ترمب الأولى: «هناك دعم قوي لإسرائيل لاتخاذ إجراء عسكري كما تراه في مصلحتها، ولا تملك إيران مساحةً كبيرةً قبل أن تصل إلى الخطوط الحمراء لإسرائيل، ولا تزال تبدو عازمة على التصعيد أكثر».

ويقول المسؤولون في فريق ترمب إنهم ينوون فرض العقوبات الحالية وفرض عقوبات جديدة، بما في ذلك إعادة تصنيف الحوثيين المدعومين من طهران في اليمن «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً»، ومنع الدول التي تشتري النفط الإيراني من شراء الطاقة الأميركية.

لكن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود أكثر من زيادة الضغوط الاقتصادية والمالية؛ لأن إيران «تحاول بنشاط قتل الرئيس ترمب، وهذا يؤثر بالتأكيد في تفكير الجميع عندما يتعلق الأمر بما ستكون عليه العلاقة في المستقبل».

وقدمت إيران للولايات المتحدة تأكيدات بأنها لن تغتال ترمب رداً على أمره الصادر في عام 2020 بقتل الجنرال قاسم سليماني، وهو العمل العسكري الأكثر عدوانية من قبل الولايات المتحدة ضد إيران منذ سنوات.

وأشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أنه منفتح على المحادثات الدبلوماسية مع إدارة ترمب المقبلة، التي تصرُّ على أنه لا يمكن مواجهة شبكة وكلاء طهران بالكامل ما لم يتم حرمان إيران من الموارد الاقتصادية والعسكرية. وقال مسؤول: «إنها رأس الأخطبوط. لن نحلَّ كل هذه القضايا حيث هي. سنحلها في كيفية تعاملنا مع طهران».

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

ويبدو أن الرئيس الإيراني الجديد يستجيب لرغبة ترمب في إبرام اتفاقات رفيعة المستوى، فقد كتب جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، في مجلة «فورين أفيرز»، الأسبوع الماضي: «بزشكيان يأمل في إجراء مفاوضات بشأن الاتفاق النووي... وربما أكثر».

ولكن النهج الدبلوماسي له عيوبه. يقول المسؤولون الإيرانيون إنهم لن يتفاوضوا مع الولايات المتحدة تحت الضغط، وأخبروا المسؤولين الأوروبيين في جنيف، الشهر الماضي، بأنهم لن يتخذوا أي خطوات أحادية الجانب لتقليص برنامجهم النووي.

وفقاً لتقديرات استخباراتية أميركية، صدرت الأسبوع الماضي، تمتلك طهران بالفعل ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج أكثر من 12 قنبلة نووية، وعلى الرغم من أن إيران لا تبني قنبلة حالياً، فإن التقرير قال إنها مستعدة بشكل أفضل للقيام بذلك بفضل الأبحاث التي أجرتها في الأشهر الأخيرة.

لقد أوضح المسؤولون الإيرانيون، منذ فترة طويلة، أن رد فعلهم على أي ضربة سوف يكون طرد مفتشي الأمم المتحدة، والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تلزم إيران بوقف برنامجها النووي.

والدولة الوحيدة التي فعلت ذلك هي كوريا الشمالية، التي بدأت في إنتاج الأسلحة النووية سراً، وهو المسار الذي لمَّحت طهران إلى أنها قد تسلكه.