أزمة تمويل المؤسسات الصحية تواجه الحكومة

1.35 مليار دولار استحقاقات للمستشفيات الخاصة

وزير الصحة يخاطب أصحاب المستشفيات الخاصة خلال اعتصامهم أمس (الوكالة الوطنية)
وزير الصحة يخاطب أصحاب المستشفيات الخاصة خلال اعتصامهم أمس (الوكالة الوطنية)
TT

أزمة تمويل المؤسسات الصحية تواجه الحكومة

وزير الصحة يخاطب أصحاب المستشفيات الخاصة خلال اعتصامهم أمس (الوكالة الوطنية)
وزير الصحة يخاطب أصحاب المستشفيات الخاصة خلال اعتصامهم أمس (الوكالة الوطنية)

خرجت الأزمات التي يعاني منها قطاعا الرعاية الصحية والاجتماعية إلى الواجهة، في ظل التقشف في الموازنة، وتزايد الحاجة للرعاية وكفايتها، وهو ما أشار إليه وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان الذي قال: «إننا في أزمة اجتماعية والحلول لا تزال متواضعة».
وقال قيومجيان خلال زيارته مجمع نبيه بري لتأهيل المعوقين في الصرفند في الجنوب: «إننا بحاجة إلى حل وطني شامل لمشاكلنا الاجتماعية ولدعم المؤسسات التي تقوم بهذه الرعاية وتقدم الخدمات لهذه الشريحة من اللبنانيين». وقال: «الدولة تدعم هذه المؤسسات من خلال المشاركة ودعم مالي محدود ونحن بحاجة إلى دعم أكبر كي تتمكن هذه المؤسسات من الاستمرار في الوفاء بالخدمات الملقاة على عاتقها وهي خدمات لا تقدمها الدولة. نحن بحاجة إلى دعم أكبر لهذه المؤسسات وبحاجة لموازنة أكبر كي نستطيع تجيير المساعدات المخصصة لهذه المؤسسات لأنها هي التي تقوم بهذه الخدمات وتعتني بإنساننا وتهتم بحل جميع أزماتنا الإنسانية القائمة».
وأمل قيوميجان من المجلس النيابي والحكومة «تفهم هذا الأمر والعمل من أجل ترتيب الأولويات الوطنية ومنها الاهتمام بالإنسان وبالشأن الاجتماعي وتلبية احتياجات الناس من كل النواحي خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة والمدمنين والمسنين والأيتام»، مضيفاً: «لقد آن الأوان لصياغة أولوية وطنية لمعالجة الأوضاع الاجتماعية، وما أتمناه أن يأخذ مجلس النواب والحكومة هذا الأمر بشكل فعال والأهم ترجمة هذا الالتزام بزيادة موازنة وزارة الشؤون بما يمكنها من مساعدة المؤسسات للقيام بدورها ولكي نتجنب الوقوع كل شهرين بمشكلة». وأكد «أننا بحاجة إلى حل نهائي والحل يتوفر بمزيد من الاعتمادات المالية لهذه المؤسسات كي تستمر».
وتتزامن هذه المطالب مع تفاقم مشكلة عائدات القطاع الصحي، والإعلان أمس عن أن مستحقات المستشفيات المتراكمة منذ عام 2012 وحتى مارس (آذار) 2019، تبلغ نحو ألفي مليار ليرة لبنانية (1.35 مليار دولار) في وقت يبلغ العجز السنوي لوزارة الصحة 80 مليار ليرة (53 مليون دولار)، علما بأن المستشفيات الخاصة، واستناداً إلى الأرقام التي أعلنتها النقابة، تؤمن فرص عمل لـ25 ألف موظف وأكثر من 5 آلاف طبيب وتتعامل مع شركات تؤمن أكثر من 50 ألف فرصة عمل والرساميل الموظفة في المستشفيات تتجاوز أربعة مليارات دولار كما تشكل بعملها ما نسبته ثلاثة في المائة من الناتج المحلي، بحسب ما قال نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون في اعتصام أمام وزارة الصحة، للمطالبة بدفع الدولة لمستحقات المستشفيات منذ 2012.
وقال وزير الصحة جميل جبق الذي حضر الاعتصام إن «لبنان يعاني من واقع تقشفي في موازنته المالية ما يستدعي أن يتحمل بعضنا بعضا لأننا كلنا في مركب واحد فإما نخلص جميعا ونحافظ على بلدنا أو ندخل في مشكلات جزئية وفئوية فندمر البلد». وقال: «نحن في صدد إعداد الموازنة وأنا أسعى بكل ما أوتيت من جهد من خلال الحكومة لتأمين الأموال المستحقة للمستشفيات». وإذ دعا أصحاب المستشفيات الخاصة للصبر، أشار إلى أنه «تمت إحالة الدفعة الأولى من الأموال، وسنسعى إلى تأمين الدفعات المتبقية بالاتفاق مع الحكومة ووزارة المالية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».