«القوات» يقترح آلية للتعيينات على قاعدة اختيار الأفضل

طالب الرئيس عون بالتدخل لدعم مبادرته

TT

«القوات» يقترح آلية للتعيينات على قاعدة اختيار الأفضل

يستبق حزب «القوات اللبنانية» تعيينات الموظفين في الإدارة اللبنانية، بتحرّك لدى الفاعلين طارحاً مبادرة تقوم على آلية لكل الحصص، بحيث يتم اختيار الأفضل بعد أن يكون قد طرِح أكثر من اسم على الحكومة لاختيار الأكفأ من بينهم، وهو تحرك ترى فيه مصادر سياسية محاولة لتطويق «التغوّل» لدى بعض المسؤولين لتعيين المحسوبين عليهم في مواقع في الإدارات الرسمية.
وتحرك حزب «القوات» على خط رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري، وشخصيات سياسية ودينية أخرى، لحصد أكبر قدر من الدعم للمبادرة. وأوفد رئيس الحزب سمير جعجع الوزير السابق ملحم الرياشي أول من أمس إلى قصر بعبدا لمناشدة الرئيس عون التدخل.
وتقوم المبادرة على أنه «لا توجد حصة شيعية أو سنية أو مسيحية»، بل «يجب أن توضع آلية لكل الحصص، بحيث يتم اختيار الأفضل بعد أن يكون قد طرِح أكثر من اسم، فيؤتى بالأسماء إلى مجلس الوزراء فيبدي كل الوزراء آراءهم في الموقع، سواء أكان سنيا أو شيعيا أو مسيحيا أو درزيا»، بحسب ما قال رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان، مشدداً على أن «هذه هي الطريقة الأنسب، لأننا إذا لجأنا إلى الطريقة التي تختار بها كل طائفة أو مذهب سياسييها أو الأشخاص التابعين لها، نكون في صدد استتباع الدولة، لا في صدد تحصينها بل زعزعتها».
ويُنظر إلى التعيينات المرتقبة، التي يتوقع أن تُقرّها الحكومة دفعة واحدة بعد الاتفاق عليها، على أنها الأكبر منذ التعيينات التي حصلت قبل الانتخابات النيابية الماضية، في ضوء نسبة الشغور المرتفعة في معظم إدارات الدولة. وتتخوف أطراف سياسية أساسية من إقصاء حصصها في التعيينات، من بينها «القوات» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، وهو ما ينذر بسجالات تشبه إلى حد بعيد السجالات التي حصلت خلال مباحثات تأليف الحكومة، وتوزيع الحصص فيها.
ورغم ذلك، يؤكد «التيار الوطني الحر» أن «أحدا لا يمكنه الاستئثار بالتعيينات، وكل الفرقاء لديهم أسماء تتمتع بكفاءات»، بحسب ما قال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب إدغار طرابلسي الذي أجاب حول فقدان «القوات» و«المردة» الثقة بالتيار الوطني الحر، بالقول: «لماذا الاستعجال والكلام السلبي المسبق؟» واعدا بأن تكون التعيينات عادلة ولمصلحة التوازن وأن تكون هناك انطلاقة جديدة في البلد.
لكن «القوات» تنفي أن يكون تحركها استباقياً، بل تنطلق من «قناعة تامة ننادي بها قبل كل جلسة للتعيينات لاختيار الأكفأ»، بحسب ما أكد عضو كتلة «الجمهورية القوية» جوزيف إسحاق لـ«الشرق الأوسط»، مشدداً على أنه «لا حل لبناء الدولة دون تعيينات ضمن آلية شفافة، للقضاء على منطق الزبائنية في الإدارة». وأضاف: «تحويل البلد إلى دولة حقيقية، يحتم علينا تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب».
وعما إذا كان ذلك رداً على ما يقال عن محاولات «التيار الوطني الحر» والوزير باسيل الاستئثار ببعض الحصص، قال إسحاق بأن باسيل «يحاول وضع يده على مفاصل الدولة، لهذا السبب ناشدنا الرئيس عون التدخل، وأرسل الدكتور جعجع الوزير الرياشي موفداً إلى الرئيس لمناشدته التدخل، لأن أي تعيينات على أساس سياسي وليس الكفاءة، تضر بالعهد وقيام الدولة»، مؤكداً في الوقت نفسه أن باسيل ليس وحيداً في هذا التوجه، بل هناك فرقاء لديهم نفس الغاية، وبالتالي فإن المبادرة هي لتعزيز منطق الدولة. وقال: «نريد آلية تحفظ حقوق الجميع الأكفاء، حقوق كل فرد من لبنان وكل مواطن سواء كان ينتمي إلى الأحزاب أم لا».
وأشار إسحاق إلى «أننا نحاول الحصول على أكبر قدر من الدعم»، لافتاً إلى أن الرئيس الحريري تجاوب مع الآلية، وقال بأن القوات تراهن على الرئيس عون لوضع حد للسلوك القائم حول التعيينات وتثبيت منطق الشخص المناسب في المكان المناسب.
وكان النائب عدوان قال بعد زيارته المطران إلياس عودة أمس إن رسالة جعجع إلى عون «هي في الاتجاه نفسه الذي نتكلم عليه ونعقد لقاءاتنا على أساسه»، مضيفاً: «نحن ندعم فخامته كحام للدستور ورئيس للمؤسسات، أيضا تحدثت الرسالة عن وجوب وضع آلية كي تكون الدولة للأكفأ من أبنائها وليس لذوي الوساطات».
وعما إذا كانت رسالة لإعادة توجيه مسار الوزير باسيل السياسي، أجاب: «نحن لا ندخل أبدا في القضايا الشخصية، لكننا نطرح المبادئ دائما، وننطلق منها، ونطبقها. ليست لدينا أي مقاربة تتعلق بشخصنة الأمور».
وعن استبعاد الحزب التقدمي الاشتراكي في إطار المشاورات التي تجرى على صعيد التعيينات، لفت عدوان إلى «أننا نريد مشاركة الكل. الحزب الاشتراكي من الأحزاب الفاعلة وطنيا، كما في الجبل، ويجب أن يكون رأيه مسموعا، ضمن ما نتحدث عنه»، معرباً عن اعتقاده أن «الحزب الاشتراكي يؤيد المجيء بالأكفاء من كل الطوائف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».