تونس: حكومة الشاهد تنحاز إلى جناح نجل الرئيس

أحدثت حكومة يوسف الشاهد مفاجأة كبرى داخل المشهد السياسي في تونس، بعد أن منحت وثيقة رسمية لنجل رئيس الجمهورية حافظ قائد السبسي المثير للجدل، وأنصاره في حزب «نداء تونس»، صفة الممثل القانوني والشرعي للحزب، والمؤهل لتمثيله في الانتخابات والمحافل الرسمية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة السياسية، التي سوف تضعف المنشقين عن حزب الرئيس الباجي قائد السبسي وجناح نجله حافظ، ستخلط الأوراق السياسية في البلاد، وذلك قبل 3 أشهر من الانتخابات البرلمانية والرئاسية، المقررة في شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين.
ونوه الوزير رضا بالحاج، كبير مستشاري الرئيس التونسي سابقاً، بالقرار الحكومي، وقال إنه دعم قراراً قضائياً، رفض الاعتراف بالمنشقين عن الحزب، بزعامة الوزيرة السابقة سلمى اللومي، وسفيان طوبال، رئيس كتلة الحزب في البرلمان منذ 2014، معتبراً أن قياديين في حزب «نداء تونس»، ممن لا يزالون مناصرين للشرعية «يحاولون توحيد صف الحداثيين والوطنيين، وغالبية مناضلي الحزب وكوادره، حتى يلعبوا دوراً ناجعاً خلال الانتخابات البرلمانية القادمة».
وتوقع مراقبون للشأن المحلي أن تلعب المستشارة السابقة سلمى اللومي، وقياديون منشقون من «النداء» دوراً في توحيد الأجنحة المتصارعة منذ عامين، مما دفع بعضهم إلى تأسيس حزب جديد يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وقد نجح هذا الحزب في استقطاب مئات من كبار أطر الدولة والحزب الحاكم. لكن استطلاعات الرأي تحدثت عن تراجع سريع لشعبيته.
إلا أن الوزير ناجي جلول، مستشار الرئيس والأمين العام لحزب «نداء تونس»، قلل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من فرص إحداث توازن معقول داخل المشهد السياسي والحزبي الوطني اليوم. وقال بهذا الخصوص: «إن خلط الأوراق لا ينبغي أن يحدث قبل 3 أشهر من الانتخابات، وقد أكدت استطلاعات الرأي أن غالبية الناخبين انحازوا إلى التيارات الشعبوية، وأصبحوا لا يثقون في الأحزاب التقليدية، سواء كانت ترمز إلى النظام القديم، أو إلى الأحزاب التي برزت بعد ثورة 2011».
ومن هذا المنطلق توقع جلول أن ينحاز جل الناخبين ضد مرشحي الأحزاب التقليدية، خصوصاً في ظل تراكم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، واستفحال البطالة وانسداد الآفاق أمام الشباب، وتبخر «حلم التغيير وشعارات الثورة والإصلاح الشامل».
في سياق ذلك، تحدث عدد من المراقبين عن حدوث خلط كبير في الأوراق داخل المشهد السياسي الحالي؛ حيث اعتبر الإعلامي والناشط السياسي إبراهيم الوسلاتي أن هذا الخلط «مرتبط بالتنسيق السياسي الذي تكثف مؤخراً في الكواليس، بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وعدد من الشخصيات السياسية الوطنية والزعامات الحزبية، بينها يوسف الشاهد رئيس الحكومة وزعيم حزب (تحيا تونس)، وراشد الغنوشي زعيم حركة (النهضة)، ونبيل بافون رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات». وفي هذا الصدد نفت مصادر رسمية في قصر قرطاج أن يكون الرئيس التونسي قرر خلال اليومين الماضيين التوجه بكلمة إلى الشعب لإعلان معارضته تعديل القانون الانتخابي، الذي يقصي رئيس مؤسسة تلفزية خاصة، وزعماء من يوصفون بـ«الشعبويين» من الترشح للانتخابات القادمة.
لكن مصادر سياسية وإعلامية مسؤولة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الجمهورية أصبح اليوم يملك أوراق ضغط كثيرة، من بينها احتمال عدم إصدار أمر رئاسي قبل السادس من يوليو (تموز) المقبل، يدعو فيه رسمياً إلى تنظيم الانتخابات البرلمانية في السادس من أكتوبر القادم. ويمكن للرئيس أن يبرر موقفه باستفحال الخلافات السياسية والصراعات بين كبار الفاعلين السياسيين، بعضهم تقدم فعلاً بطعن رسمي في التعديل الجديد للقانون الانتخابي لدى الهيئة العليا لدستورية القوانين.
في المقابل، حذر رئيس تحرير صحيفة «الرأي العام» محمد الحمروني، القريبة من حركة «النهضة»، من أن خلط الأوراق السياسية «سيصب في صالح الشعبويين وأنصار الديكتاتورية والنظام السابق، والمتهمين بالفساد»، مشككاً في استطلاعات الرأي التي توقعت فوز مرشحي حركة «النهضة» في الانتخابات القادمة بنحو في المائة فقط من أصوات الناخبين.
في سياق متصل، حذر عصام الشابي، زعيم الحزب الجمهوري، من مخاطر تأجيل الانتخابات المقررة في أكتوبر المقبل، وذلك بسبب الاضطرابات الأمنية والسياسية في ليبيا والجزائر، وعدد من المحافظات التونسية التي شهدت أكثر من 400 حريق في وقت وجيز. معتبراً أن «التأجيل» سيعني التمديد للرئيس والبرلمان الحاليين، وهو ما «سيفجر أزمة شرعية وفراغ سياسي، بما سيعمق أزمة الثقة المتبادلة بين الفاعلين السياسيين وبين النخب والرأي العام».