مسؤولون أميركيون: تدمير داعش قد يستغرق سنوات.. ويشمل ضرب التنظيم في سوريا

المرحلة الأولى بدأت مع ما يقرب من 145 غارة جوية.. والرئيس أوباما يكشف تفاصيل الحملة الهجومية غدا

الرئيس باراك أوباما يكشف تفاصيل الخطة الهجومية ضد داعش غدا (نيويورك تايمز)
الرئيس باراك أوباما يكشف تفاصيل الخطة الهجومية ضد داعش غدا (نيويورك تايمز)
TT

مسؤولون أميركيون: تدمير داعش قد يستغرق سنوات.. ويشمل ضرب التنظيم في سوريا

الرئيس باراك أوباما يكشف تفاصيل الخطة الهجومية ضد داعش غدا (نيويورك تايمز)
الرئيس باراك أوباما يكشف تفاصيل الخطة الهجومية ضد داعش غدا (نيويورك تايمز)

تستعد إدارة الرئيس أوباما لتنفيذ حملة ضد تنظيم داعش والتي قد تستغرق ثلاث سنوات حتى تنتهي مراحلها، مما يتطلب دعما مستمرا وبذل جهود مستديمة قد تتصل إلى ما بعد مغادرة الرئيس أوباما لمنصبه، طبقا لمسؤولين كبار في الحكومة الأميركية.
المرحلة الأولى، وهي الحملة الجوية مع ما يقرب من 145 غارة جوية خلال الشهر الماضي، قد بدأت بالفعل من أجل حماية الأقليات العرقية والدينية والدبلوماسيين الأميركيين، وأفراد الاستخبارات والعسكريين، وعائلاتهم، فضلا عن البدء في حرمان داعش من مكاسبها في شمالي وغربي العراق.
والمرحلة الثانية، والتي من المرجح أن تبدأ في وقت ما بعد قيام العراق بتشكيل حكومة أكثر شمولا، مقرر لها ذلك هذا الأسبوع، يتوقع لتلك المرحلة أن تنطوي على جهود مكثفة لتدريب، وتقديم المشورة، أو تجهيز الجيش العراقي، والمقاتلين الأكراد، وربما أعضاء من العشائر السنية.
أما المرحلة الأخيرة، وهي أعنف المراحل وأكثرها إثارة للجدال السياسي من العملية برمتها - تدمير الجيش الإرهابي في معقله داخل سوريا - والتي قد لا تنتهي قبل حلول الإدارة الأميركية الجديدة. وفي واقع الأمر، يضع بعض من مخططي وزارة الدفاع الأميركية تصورهم لحملة عسكرية تستمر قرابة 36 شهرا على أدنى تقدير.
يوجه الرئيس أوباما كلمة إلى الأمة غدا الأربعاء يوضح فيها القضية حيال شن الولايات المتحدة الأميركية حملة هجومية على متشددي «داعش» الذي يكتسب المزيد من الأراضي في منطقة الشرق الأوسط، ساعيا إلى حشد التأييد إزاء الحملة العسكرية الواسعة في الوقت الذي يؤكد فيه للمواطنين الأميركيين أنه لن يغرق القوات العسكرية الأميركية في حرب أخرى بالعراق.
وصرح أوباما في مقابلة أجريت معه في برنامج «واجه الصحافة» على قناة «إن بي سي» الأميركية جرى بثه يوم الأحد «ما أريد أن يفهمه الناس هو أنه عبر شهور مقبلة، لن نكون قادرين فقط على القضاء على الزخم الذي حققه التنظيم الإرهابي، بل سوف نقوض قدراتهم العسكرية بشكل تدريجي، سوف نعمل على تقليص مساحة الأراضي التي يسيطرون عليها، وفي نهاية الأمر، سوف نهزمهم».
والحملة العسكرية التي يجهز لها أوباما ليست لها سوابق مماثلة. فعلى العكس من العمليات الأميركية لمكافحة الإرهاب في اليمن وباكستان، ليس من المتوقع أن تقتصر الحملة الجديدة على الطائرات من دون طيار «الدرون» ضد قادة المتشددين. وعلى العكس كذلك من الحرب في أفغانستان، لن تتضمن الحملة الجديدة نشر القوات البرية، وهو الخيار الذي استبعده الرئيس أوباما من حملته.
وخلافا لحرب كوسوفو والتي شنها الرئيس الأميركي بيل كلينتون وحلف شمال الأطلسي في عام 1999، لن تقتصر الحملة الجديدة على حملة جوية تكتيكية واستراتيجية مكثفة تمتد لثمانية وسبعين يوما. وعلى الخلاف من الحملة الجوية التي أدت إلى إسقاط الزعيم الليبي، العقيد معمر القذافي في عام 2011، فإن إدارة أوباما لم تعد «تقود من الخلف» كما كانت، بل تخطط لاتخاذ دور مركزي في بناء التحالف لمواجهة تنظيم داعش.
وقال جون كيري وزير الخارجية الأميركي خلال الأسبوع الماضي في قمة حلف شمال الأطلسي في مدينة ويلز «لدينا المقدرة على تدمير داعش»، مستخدما الاسم المختصر للتنظيم الإرهابي. وأضاف «قد يستغرق الأمر عامين، وقد يستغرق ثلاثة أعوام. ولكننا عاقدو العزم على تنفيذ ذلك».
وأشار أنتوني جيه بلينكن، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس أوباما، إلى أن الولايات المتحدة في طريقها للاضطلاع بمهمة طويلة. وقال خلال الأسبوع الماضي على شبكة «سي إن إن» الإخبارية «سوف يستغرق الأمر وقتا، وربما يستمر الأمر لما بعد الإدارة الحالية حتى نصل إلى نقطة الهزيمة».
ومن المقرر توجه السيد كيري إلى منطقة الشرق الأوسط قريبا لترسيخ التحالف ضد داعش. ويغادر وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل إلى العاصمة التركية أنقرة يوم الاثنين من أجل استمالة حليف آخر محتمل في الحرب ضد الجماعة السنية الإرهابية.
وعلى الرغم من عدم توافر التفاصيل حول الكيفية التي سوف يواجه بها التحالف الجديد داعش، فإن الكثير من المسؤولين الأميركيين صرحوا بأنهم يعتقدون أن قائمة الحلفاء الحالية تضم الأردن، الذي يوفر المساعدات الاستخبارية، والمملكة العربية السعودية، التي تملك نفوذا جيدا مع العشائر السنية العراقية والسورية والتي كانت تمول المتمردين السوريين المعتدلين.
وصرح المسؤولون عن إشارة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى استعدادها للنظر في الغارات الجوية في العراق. وصرحت ألمانيا بأنها سوف ترسل أسلحة إلى قوات البيشمركة الكردية في إقليم كردستان. ويمكن للقلق المتزايد من المقاتلين الأجانب العائدين إلى بلادهم أن يحفز دولا مثل أستراليا، وبريطانيا، والدانمرك، وفرنسا على الانضمام إلى التحالف.
* خدمة «نيويورك تايمز»



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.