تقرير رسمي: 41 % من سكان فلسطين... لاجئون

في وقت تسعى فيه واشنطن لشطب الصفة عنهم

طفلان في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين بقطاع غزة (رويترز)
طفلان في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين بقطاع غزة (رويترز)
TT

تقرير رسمي: 41 % من سكان فلسطين... لاجئون

طفلان في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين بقطاع غزة (رويترز)
طفلان في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين بقطاع غزة (رويترز)

أظهر تقرير فلسطيني رسمي أن نسبة السكان اللاجئين وصل نحو 41 في المائة من مجمل السكان المقيمين في دولة فلسطين.
وقال الجهاز المركزي للإحصاء، في تقرير له، صدر أمس الخميس، بمناسبة اليوم العالمي للاجئين الذي يصادف العشرين من يونيو (حزيران) من كل عام، بأنه لا توجد فروق جوهرية ما بين الخصائص الديموغرافية والاجتماعية بين اللاجئين وغير اللاجئين بشكل عام، باستثناء مؤشرات الفقر والبطالة والتي تعود لأسباب مناطقية، حيث إن نحو ثلثي سكان قطاع غزة هم لاجئون.
وبلغت نسبة الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة 39 في المائة من إجمالي السكان في فلسطين نهاية العام 2018، وهي ذات النسبة للأفراد اللاجئين ولغير اللاجئين. فيما بلغت نسبة كبار السن 60 سنة فأكثر للاجئين، وغير اللاجئين نحو 5 في المائة، ما يؤكد عدم وجود فروقات ديموغرافية.
وأشار الإحصاء في تقريره، إلى أن أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير شكلت مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، لما مثلته وما زالت هذه النكبة من عملية تطهير عرقي، حيث تم تدمير وطرد لشعب بكامله وإحلال جماعات وأفراد من شتى بقاع العالم مكانه، وتشريد ما يربو عن 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948، في 1.300 قرية ومدينة فلسطينية.
وجاء التقرير في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة نزع صفة اللاجئين عنهم من خلال إغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» والاعتراف بنحو 40 ألف لاجئ، فقط، من بين أكثر من 6 ملايين مسجلين لدى أونروا.
وتبنت الولايات المتحدة الموقف الإسرائيلي، بأن صفة اللاجئ لا تورث، لكن الفلسطينيين وأونروا رفضوا التدخل الأميركي وقالوا بأن التفويض الممنوح لأونروا لا يستطيع أحد إلغاءه وأن حق العودة لا يسقط بالتقادم.
وصدرت عدة تقديرات رسمية حول أعداد اللاجئين الفلسطينيين نتيجة لحرب عام 1948 من مصادر مختلفة، ووفق تقديرات الأمم المتحدة لعام 1950 فقد بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين 957 ألف لاجئ في حينه.
أما اليوم فتشير سجلات وكالة الغوث (الأونروا) إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في عام 2018 نحو 6 ملايين لاجئ، وهذه الأرقام تمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، وهم بذلك يشكلون ما يقرب من نصف الفلسطينيين في العالم، والبالغ عددهم نحو 13 مليون نسمة. كما بلغت نسبة اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث في الضفة الغربية في العام 2018 ما نسبته 17 في المائة من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث مقابل 25 في المائة في قطاع غزة. أما على مستوى الدول العربية، فقد بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأردن نحو 39 في المائة من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين، في حين بلغت هذه النسبة في لبنان وسوريا نحو 9 في المائة، و11 في المائة على التوالي. وبالاستناد إلى بيانات التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2017. فقد بلغت نسبة الفقر بين اللاجئين 39 في المائة خلال عام 2017 وفقا لأنماط الاستهلاك الشهري، أي أن استهلاك الأسرة الشهري كان دون خط الفقر البالغ 2470 شيقلا للأسرة الفلسطينية المكونة من 5 أفراد (2 بالغين و3 أطفال)، بينما بلغت هذه النسبة للأفراد غير اللاجئين نحو 22 في المائة.
ويعود ارتفاع نسبة الفقر بالدرجة الأولى بين اللاجئين مقارنة بغير اللاجئين، إلى ارتفاع معدل البطالة في قطاع غزة، حيث يشكل اللاجئون نحو ثلثي السكان فيه، إذ بلغت نسبة الفقر بين اللاجئين في الضفة الغربية 15.7 في المائة، بينما وصلت نسبة الفقر بين اللاجئين في قطاع غزة 54.1 في المائة.
أما الفقراء، حسب خط الفقر المدقع، فقد بلغت نسبة الأفراد اللاجئين الذين عانوا من الفقر المدقع 23 في المائة، أي أن استهلاك الأسرة الشهري كان دون خط الفقر المدقع البالغ 1974 شيقلا للأسرة الفلسطينية المكونة من 5 أفراد (2 بالغين و3 أطفال)، في حين بلغت هذه النسبة لغير اللاجئين الذين عانوا الفقر المدقع 12 في المائة، كما بلغت نسبة الفقر المدقع بين اللاجئين في الضفة الغربية 7.6 في المائة، ووصلت إلى 33.5 في المائة بين اللاجئين في قطاع غزة.
ومقارنة مع المعدل العام، نجد أن نسب الفقر بين اللاجئين كانت أعلى من المعدل العام، حيث بلغت نسبة الأفراد الفقراء في فلسطين نحو 29 في المائة، وكانت نسبة الأفراد الذين عانوا من الفقر المدقع في فلسطين نحو 17 في المائة خلال عام 2017. كما أظهرت نتائج مسح القوى العاملة لعام 2018. أن نسبة المشاركة في القوى العاملة للأفراد (15 سنة فأكثر) بلغت نحو 47 في المائة للاجئين المقيمين في دولة فلسطين، مقابل نحو 46 في المائة لغير اللاجئين.
وتظهر البيانات فروقات ملحوظة في معدلات البطالة بين اللاجئين وغير اللاجئين، إذ وصل معدل البطالة بين اللاجئين إلى نحو 40 في المائة مقابل نحو 24 في المائة بين غير اللاجئين، ويعزى هذا الفرق إلى ارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة. وبلغ معدل البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية نحو 19 في المائة، مقابل نحو 54 في المائة للاجئين قطاع غزة.
أما معدل الأمية بين اللاجئين الفلسطينيين (15 سنة فأكثر) فبلغ 2.5 في المائة، في حين بلغت لغير اللاجئين 3.0 في المائة، كما بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين (15 سنة فأكثر) الحاصلين على درجة البكالوريوس فأعلى نحو 16 في المائة من مجمل اللاجئين 15 سنة فأكثر، في حين بلغت لغير اللاجئين 14 في المائة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.