مصر تعتبر تصريحات إردوغان حول وفاة مرسي «تدخلاً سافراً»

TT

مصر تعتبر تصريحات إردوغان حول وفاة مرسي «تدخلاً سافراً»

فتحت وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، أثناء محاكمته، سجالاً جديداً بين مصر وتركيا، حين استنكرت القاهرة تصريحات للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تعهد فيها بالسعي من أجل محاكمة الحكومة المصرية دولياً، بسبب وفاة مرسي. واعتبرها وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس «تدخلاً سافراً» وتتضمن «ادعاءات واهية»، بهدف «التغطية على تجاوزاته الداخلية».
وتوفي مرسي (68 عاماً)، يوم الاثنين الماضي، أثناء جلسة محاكمته في القضية المعروفة إعلامياً بـ«اقتحام السجون». وقالت النيابة العامة المصرية إنه «أثناء وجوده وبقية المتهمين داخل القفص، سقط أرضاً مغشياً عليه؛ حيث تم نقله فوراً للمستشفى، وتبينت وفاته».
واتهم إردوغان السلطات المصرية خلال تجمع انتخابي أول من أمس «باغتيال» مرسي، مؤكداً عزمه إثارة المسألة في قمة مجموعة العشرين في اليابان نهاية الشهر. كما قال خلال مؤتمر صحافي أمس، إنه «يعتقد أن الأمم المتحدة ستبحث في ملابسات وفاة مرسي، وستحاسب المسؤولين عنها».
الموقف التركي قوبل بانتقادات برلمانية وشعبية مصرية واسعة، قبل أن يدخل وزير الخارجية المصري على الخط، معبراً عن «بالغ استنكاره للتصريحات المتكررة غير المسؤولة للرئيس التركي حول مصر»، قائلاً في بيان له أمس، إنها «لا ترقى لمستوى التعليق الجاد عليها»، غير أنه أكد استعداد بلاده لـ«التصدي لأي تهديدات، وإن كانت جوفاء ولا تقيم لها وزناً».
ووصف شكري تصريحات الرئيس التركي، بأنها «ادعاءات واهية تتضمّن التشكيك في وفاته الطبيعية؛ بل والاتهام بقتله، والتلويح بإثارة الأمر دولياً، وغير ذلك مما تفوه به من تجاوزات فجّة في حق مصر».
واتهم شكري الرئيس التركي بالسعي إلى «التغطية على تجاوزاته الداخلية، والدخول في مهاترات عبثية لخدمة وضعه الانتخابي»، وذلك في إشارة إلى الانتخابات البلدية التي خسرها مرشح الحزب الحاكم في إسطنبول في مارس (آذار) والمقرر إعادتها يوم 23 يونيو (حزيران) الجاري بعد طعون.
وأضاف الوزير المصري أن تصريحات إردوغان تعكس «ارتباطه العضوي» بجماعة «الإخوان المسلمين» التي كان ينتمي لها مرسي، وتصنفها مصر على أنها جماعة «إرهابية». مؤكداً أن هذه التصريحات تأتي «في إطار أجندة ضيقة من أجل النفوذ واحتضان ونشر الفكر المتطرف، الذي صاغته جماعة (الإخوان) واعتنقته (القاعدة) و(داعش) وغيرها من المنظمات الإرهابية، والذي وظف ليؤدي إلى استشراء النزاعات وإزهاق أرواح الأبرياء؛ فضلاً عما يمثله هذا النهج وهذه التصريحات المرفوضة من تدخل سلبي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة».
وشدد وزير الخارجية على أن «هذا السلوك من جانب إردوغان ينم عن حقد دفين، تجاه ما يحققه الشعب المصري وقيادته من مُكتسبات ونجاحات متنامية على كافة الأصعدة»، مشدداً على أن «تلك التصريحات تنطوي على افتراء واضح لا يعدو كونه مصدراً للتندر والسخرية؛ فالأمر برمته يُضاف إلى قائمة التجاوزات الكثيرة التي لا تليق بمكانة الشعب التركي الشقيق».
ومرسي (67 عاماً)، هو أول رئيس مدني في العصر الحديث، انتخب عام 2012، وظل مسجوناً منذ عزله في يوليو (تموز) عام 2013، بعد احتجاجات حاشدة على حكمه الذي دام عاماً واحداً.
وتدهورت العلاقات بين مصر وتركيا منذ عزل مرسي؛ حيث وصفته تركيا بأنه «انقلاب على الشرعية»، كما قامت باستضافة المئات من قيادات الجماعة المطلوبين في قضايا جنائية بمصر.
وتدار علاقات البلدين على مستوى قائم بالأعمال، منذ أن استدعت مصر سفيرها من تركيا في أغسطس (آب) 2013، احتجاجاً على التصريحات التركية المعادية للنظام الحالي، كما أبلغت تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته أن سفيرها في القاهرة «شخص غير مرغوب فيه».
بدورها، أجلت محكمة جنايات القاهرة أمس، نظر إعادة محاكمة قيادات وعناصر «الإخوان»، في قضية «اقتحام السجون»، والتي كان يحاكم فيها مرسي قبل وفاته، إلى جلسة 26 يونيو الحالي، لتعذر حضور المتهمين.
وسبق أن ألغت محكمة النقض في نوفمبر 2016، الأحكام الصادرة بالإدانة التي تراوحت ما بين الإعدام والسجن المشدد بحق 25 من قيادات وعناصر «الإخوان»، وأمرت بإعادة محاكمتهم من جديد في القضية.
ونسبت التحقيقات للمتهمين الوقوف وراء ارتكاب جرائم قتل لقوات تأمين والمسجونين، إبان مظاهرات 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وتهريبهم لنحو 20 ألف مسجون، فضلاً عن اختطاف 3 من الضباط وأمين شرطة، من المكلفين بحماية الحدود، واقتيادهم عنوة إلى قطاع غزة، بمعاونة عناصر من حركة «حماس» و«حزب الله».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».