الكويت والعراق يدعوان إلى التحلي بالحكمة لتجنب التوتر

الشيخ صباح الأحمد أكد حرص بلاده على أهمية أمن العراقيين

الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح  في قصر السلام ببغداد أمس (رويترز)
الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في قصر السلام ببغداد أمس (رويترز)
TT

الكويت والعراق يدعوان إلى التحلي بالحكمة لتجنب التوتر

الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح  في قصر السلام ببغداد أمس (رويترز)
الرئيس العراقي برهم صالح لدى استقباله أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في قصر السلام ببغداد أمس (رويترز)

حثّ أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، والرئيس العراقي برهم صالح، على التحلي بالحكمة والعقل في التعامل مع التطورات الأخيرة في منطقة الخليج، من أجل تجنب التوتر والصدام.
وأفادت وكالة الأنباء الكويتية «كونا» أن «الجانبين أكدا على أهمية تضافر الجهود لمواجهة التطورات الأخيرة، بالدعوة إلى الحكمة والعقل، والتعامل معها بما يحقق للمنطقة النأي بها عن الصدام والتوتر».
وزار أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح العراق، أمس، لبحث العلاقات الثنائية والتوترات الإقليمية الأخيرة، في أعقاب هجمات على ناقلات نفط في الخليج. وكان في استقباله الرئيس العراقي برهم صالح، ونائب رئيس الوزراء العراقي وزير النفط ثامر الغضبان، ووزير الخارجية محمد علي الحكيم.
أمير دولة الكويت أعرب عن سعادته بزيارة بغداد، وتطور العلاقات بين البلدين، مؤكداً دعم بلاده للعراق في مختلف المجالات، داعياً إلى زيادة التواصل وتبادل الزيارات على المستوى البرلماني بين بغداد والكويت، بما يسهم بتحقيق أعلى مستوى من التنسيق والتعاون.
وأجرى أمير الكويت في ثاني زيارة بعد 2003 مباحثات مع كل من الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي، تناولت الأزمة بين إيران والولايات المتحدة، والعلاقات الثنائية، بحسب ما نقل بيان رسمي للرئاسة العراقية.
ونقلت مصادر حكومية عراقية عن الأمير صباح الأحمد قوله إن «الكويت تؤمن بشكل راسخ بأهمية أن ينعم العراق بالأمن والاستقرار». وأكد «حرص بلاده على دعم وتمكين العراق من تجاوز تداعيات ما تعرض له من أعمال إرهابية وإعادة إعماره». وقال إن الزيارة «تمثل فرصة لبحث سبل تعزيز وتطوير التعاون بين البلدين وحسم الملفات العالقة بينهما، وإنها تأتي تتويجاً للعلاقات الوطيدة». وتابع أن «الكويت تؤمن بشكل راسخ بأهمية أن ينعم العراق بالأمن والاستقرار».
وأفادت وكالات الصحافة الفرنسية، نقلاً عن بيان رسمي عراقي، بأن الرئيس برهم صالح قال خلال مباحثاته مع أمير الكويت إن «العراق ينظر إلى طبيعة الأزمة الحالية في المنطقة بمنظار واسع، ويسعى إلى تحقيق توافق إقليمي شامل، على قاعدة الحوار والجيرة الحسنة بين الدول».
وتأتي هذه الزيارة وسط قلق من أن يؤثر التوتر بين الولايات المتحدة وخصمها إيران، على الإنتاج النفطي والوضع الإقليمي، بعد عام من انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق النووي مع طهران، على إثر التدخلات الإيرانية وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية.
وأعلن العراق، الذي يشكّل ملتقى استثنائياً للولايات المتحدة وإيران المتعاديتين، استعداده للتوسط لوقف التصعيد. وتخشى بغداد أن يتسع التوتر بين طهران وواشنطن ليشمل مناطق في العراق.
وسبق أن زار أمير الكويت العراق في مارس (آذار) 2012، خلال مشاركته في اجتماعات القمة العربية آنذاك. واستؤنفت العلاقات العراقية الكويتية لدى تعيين الكويت أول سفير لها في بغداد في يوليو (تموز) 2008، عقب قطيعة استمرت سنوات إثر اجتياحها من جانب نظام صدام حسين العام 1990.
وأكد صالح أن العلاقات بين العراق والكويت قطعت أشواطاً كبيرة إلى الأمام بفضل حكمة ورغبة القيادتين في البلدين لتجاوز مخلفات الماضي.
وقال الرئيس العراقي، في جلسة المباحثات الرسمية التي عقدت في قصر السلام ببغداد مع أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إن «العراق لديه الرغبة الجادة لبناء علاقات متطورة مع جيرانه، خاصة مع الكويت، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين»، حسب بيان رسمي عراقي.
وعبّر صالح عن الرغبة في أن «تكون هذه الزيارة فرصة طيبة لطيّ الماضي، وبدء صفحة علاقات بناءة بين الجارين الشقيقين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.