محاكمة المشتبه بهم في كارثة الطائرة الماليزية تنطلق العام المقبل بهولندا

أعلن الفريق الدولي الذي يحقق في ملابسات تحطّم الطائرة الماليزية في أجواء شرق أوكرانيا بصاروخ روسي، أمس، أن 3 روسٍ وأوكرانياً سيحاكمون في 9 مارس (آذار) 2020 في هولندا بتهمة التورط بهذه الحادثة.
والمشتبه بهم في الحادث هم الروس: سيرغي دوبينسكي، وإيغور غيركين، وأوليغ بولاتوف، والأوكراني ليونيد خارتشنكو. وقال قائد الشرطة الهولندية فيلبرت بوليسن في مؤتمر صحافي: «سنصدر اليوم مذكرات التوقيف الدولية بحق المشتبه بهم الذين نلاحقهم. كما سيوضعون على اللوائح الوطنية والدولية للأشخاص الملاحقين. لذلك نعلن أسماءهم وننشر صورهم».
وبحسب النائب العام الهولندي، فريد فيستربيكي، فإن «الأربعة متهمون بأنهم رافقوا نقل نظام الصواريخ المضادة للطائرات من نوع (بي يو كي) إلى شرق أوكرانيا»، وهو النظام، بحسب المحققين، الذي أُطلق منه صاروخ أسقط، في 17 يوليو (تموز) 2014، طائرة الـ«بوينغ» التابعة لـ«الخطوط الجوية الماليزية» فوق منطقة النزاع المسلح في شرق أوكرانيا الانفصالي. ولقي الركاب الـ283، الذين كان منهم 196 هولندياً، وأفراد الطاقم الـ15، مصرعهم.
وتابع النائب العام الهولندي في المؤتمر الصحافي: «يلاحق المشتبه بهم الأربعة بشكل أساسي لأنّهم تسببوا بتحطم الطائرة، كما يلاحقون للتسبب في قتل ركاب الطائرة الـ298»؛ كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. إلا إن ايغور غيركين أحد المشتبه بهم سارع أمس إلى نفي أي تورط للانفصاليين الأوكرانيين الموالين لروسيا في هذه المأساة.
وقال هذا الروسي الذي كان أحد زعماء الحرب إلى جانب الانفصاليين الأوكرانيين خلال وقوع الحادثة، إن «كل ما يمكنني قوله إن (المتمردين) لم يسقطوا طائرة الـ(بوينغ)». كما أكد أنه لا ينوي الإدلاء بشهادته في إطار هذا التحقيق.
وفي تصريح أدلت به قبل المؤتمر الصحافي لفريق التحقيق، قالت سيلين فريدريكس التي قُتل ابنها وزوجته في الحادث: «ستجري محاكمة 4 أشخاص بتهمة القتل في 9 مارس 2020». وأضافت: «يسعدني أن تبدأ المحاكمة أخيراً، وأن أسماء المشتبه بهم قد كشفت. إنها بداية. أنا راضية». وعندما سُئلت عن المسؤول عن الحادث في نظرها، أجابت: «(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، لأنه جعل ذلك ممكناً. هو المسؤول الرئيسي».
وكان فريق التحقيق المؤلف من محققين من هولندا وأستراليا وبلجيكا وماليزيا وأوكرانيا، أعلن في مايو (أيار) 2018 أنه خلص إلى أن «اللواء 53» المضاد للطيران في كورسيك (غرب روسيا) هو الذي أطلق الصاروخ الذي أسقط الطائرة المنكوبة.
ووجّهت هولندا وأستراليا التي فقدت 38 من مواطنيها في الحادث، اتهاماً صريحاً لروسيا بأنها مسؤولة عن مقتل رعاياهما بعد ما كشفه الفريق الدولي للتحقيق المشترك. وللمرة الأولى؛ تُعزى المسؤولية المباشرة عن هذه الكارثة إلى موسكو التي أنكرت بشدة أي تورط، وألقت باللوم على كييف.
وما زالت المأساة موضوعاً بالغ الحساسية في هولندا، التي لم يخف رئيس وزرائها مارك روته أن القبض على الجناة وإحالتهم إلى القضاء، من أهم أهدافه في الحكومة. في المقابل، ذكرت «مجموعة بلينكات للتحقيقات الصحافية»، أنها ستكشف أسماء «الأفراد المرتبطين بتدمير الطائرة»، موضحة أن تحقيقاتها «مستقلة تماماً ومنفصلة عن التحقيق» الرسمي.
وقال بيت بلوغ، رئيس «تجمع عائلات المنكوبين» والذي فقد 3 من أقربائه في الحادث: «أتوقع تقديم معلومات جديدة مهمة. وهذا يعني أن التحقيق يحرز تقدماً». وأضاف في تصريح لتلفزيون «إن أو إس» الهولندي العام: «هذا تمهيد لمحاكمة مقبلة».
وكان النواب الهولنديون صادقوا عام 2018 على اتفاق موقّع مع أوكرانيا لبدء أي إجراءات قانونية محتملة ضد المسؤولين عن الكارثة في هولندا. ويمكن مع ذلك، أن يحاكم المشتبه بهم غيابياً، لأن روسيا لا تسلم مواطنيها الذين يحاكمون في الخارج.
وأدى تحطم الرحلة «إم إتش17» إلى زيادة تدهور العلاقات بين روسيا والدول الغربية، التي كانت في أدنى مستوياتها بعد ضم موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية في 2014 واندلاع النزاع في الشرق مع الانفصاليين الذين توجه إلى روسيا تهمة دعمهم، لكنها تنفي ذلك.
وبعد ما كشفه المحققون عن الأصل الروسي للصاروخ، حضّ الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي موسكو على الإقرار بـ«مسؤوليتها»، ثم دعا وزراء «مجموعة السبع» روسيا في يوليو (تموز) إلى «الاعتراف بدورها» في القضية، قائلين إن التحقيق أدى إلى استنتاجات «مقنعة» و«مقلقة للغاية» حول تورطها.
وتعهد المحققون بأن يدرسوا «بعناية» تأكيدات روسيا بشأن الكارثة، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن معلومات قدمتها في وقت سابق، مثل ظهور طائرة مقاتلة أوكرانية على الرادار بالقرب من طائرة «الخطوط الجوية الماليزية»، ثبت أنها «غير صحيحة».