حميدتي: السودان لا يحتمل تأخير الحل... وسنشكل حكومة تكنوقراط

الإمارات ومصر تؤكدان دعمهما لخيار السودانيين دون انحياز لطرف

نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلال لقائه مع زعماء العشائر السودانية أمس (أ.ف.ب)
نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلال لقائه مع زعماء العشائر السودانية أمس (أ.ف.ب)
TT

حميدتي: السودان لا يحتمل تأخير الحل... وسنشكل حكومة تكنوقراط

نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلال لقائه مع زعماء العشائر السودانية أمس (أ.ف.ب)
نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلال لقائه مع زعماء العشائر السودانية أمس (أ.ف.ب)

أعلن نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان محمد حمدان دقلو «حميدتي» أن مجلسه قَبِلَ مبدأ تكوين حكومة تكنوقراط مستقلة تدير البلاد خلال الفترة المقبلة، لأن البلاد لا تتحمل «تأخير حل الأزمة»، وأثناء ذلك أبلغ سفير دولة الإمارات العربية المتحدة بالخرطوم «تجمع المهنيين السودانيين» بأن بلاده ستدعم أي اتفاق يتوصل إليه السودانيون دون انحياز لأي جهة، وأنها ستواصل دعم السودان لمواجهة الصعوبات الاقتصادية التي يعانيها.
وقال حميدتي في مخاطبة جماهيرية من قادة الإدارات الأهلية بالخرطوم أمس، إن على الإدارات الأهلية في كل ولاية أن تلعب دورها في حل أزمة البلاد، وإن الجيش التقى ألوان الطيف السياسي كافة، وأبلغهم قبوله بتشكيل حكومة تكنوقراط تدير البلاد في المرحلة الانتقالية. ووجه حميدتي الدعوة لمن وصفها بـ«الأحزاب العريقة» لتحمل المسؤولية، وتفضيل المصلحة الوطنية، على المصالح الضيقة، وأضاف: «نريد حكومة سريعة، ونريد حلاً سودانياً - سودانياً، لأن البلاد لا تتحمل تأخيراً للحل بعد الآن».
وأعلن المئات من قادة الإدارات الأهلية تأييدهم للمجلس العسكري الانتقالي، وفوضوه لتشكيل حكومة «تكنوقراط» من المستقلين لتجاوز الأزمة السياسية بالبلاد، بحسب قولهم.
وقال حميدتي في خطابه إن مجلسه بصدد تشكيل حكومة تكنوقراط، «في أسرع وقت ممكن»، إلى حين إجراء انتخابات في البلاد، مطالباً القوى السياسية الرئيسية بـ«تحمل مسؤولياتها» وتجاوز «مصالحها الشخصية». ولوح حميدتي بإعادة السلطة للإدارات الأهلية، لكن اشترط تنظيمها، وتعهد بإدارة حوار معها في كل ولايات البلاد، للنقاش حول رؤيتها لحل أزمات البلاد، ودعاها لمحاربة ما أطلق عليه «الفتنة والشائعات»، بقوله: «نريد محاربة الفتنة والشائعات التي تحاول منع السودان من الوصول إلى بر الأمان».
وقطع حميدتي بأن مهمة قوات الأمن والجيش هي «حماية البلاد، في هذه المرحلة الحساسة»، وأضاف: «نحن كمجلس عسكري بعيدون عن السياسة ومهمتنا الوصول إلى الانتخابات». من جهته، كشف «تجمع المهنيين السودانيين» أبرز مكونات قيادة الحراك السوداني، عن تلقيه تأكيدات من سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الخرطوم بدعم أي اتفاق يصل إليه السودانيون.
وقال التجمع في بيان نشره على صفحته الرسمية على «فيسبوك» أمس، إن السفير الإماراتي حمد محمد حميد الجنيبي، أكد في اجتماعه مع وفد لجنة العلاقات الخارجية الذي التقاه، أن موقف بلاده «داعم لأي اتفاق يصل إليه السودانيون»، وأضاف السفير بحسب البيان: «الدعم الذي تقدمه الإمارات هو للشعب السوداني، ومن أجل تجاوز الصعوبات الاقتصادية الحالية وليس انحيازها لجهة ضد الأخرى». وقدم وفد التجمع للسفير الإماراتي شرحاً للتطورات في الساحة السودانية، ومجريات العملية السياسية منذ الإطاحة بالبشير، وأوضح له «خطورة التراجع عن الاتفاقات السابقة التي تم التوصل إليها بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي».
وشدد التجمع في حديثه للسفير على «ضرورة الانتقال للسلطة المدنية والديمقراطية، لضمان الاستقرار وتمثل النسيج الاجتماعي الواسع والمتنوع في السودان»، وأشار إلى خطورة التدخل الأجنبي بدعم أطراف العملية السياسية في البلاد، وهو الأمر الذي أكد عليه السفير، وفقاً للبيان. وأوضح أن الحالة السياسية بعد «فض الاعتصام» تختلف تماما عما سبقها، وأن «المجزرة» التي حدثت تتطلب تكوين «لجنة تحقيق مستقلة» تكشف الحقائق وتحاسب مرتكبيها، وهو الطلب الذي يدعمه الجانب الإماراتي بحسب البيان.
إلى ذلك، قال التجمع إنه التقى أول من أمس، سفراء بدول الاتحاد الأوروبي، وأبلغهم بإشادته ببيان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي أدان بوضوح مجزرة فض اعتصام القيادة العامة، ودعمه لتحقيق مستقل بشأنه، وتسريع تكوين حكومة مدنية في البلاد. وبحسب البيان قدم التجمع شرحا للسفراء الغربيين بما سماه «محاولات المجلس العسكري الانتقالي» للتلاعب بالوساطة الإثيوبية، والتراجع عن الاتفاقات السابقة المتعلقة بالسلطات التنفيذية والتشريعية والسياسية، وشدد على أهمية فك الحصار الإعلامي على السودان، قبل الشروع في أي ترتيبات أو عملية سياسية.
وقال التجمع إن وفدا مشتركا مع قوى إعلان الحرية والتغيير تلقى طلبا من السفارة المصرية بالخرطوم، لمعرفة «مطلوبات قوى الحرية والتغيير للعودة للعملية التفاوضية، لطرحها على اجتماع وزراء الخارجية الأفارقة الذي سينعقد الأسبوع المقبل في أديس أبابا لمتابعة قمة القاهرة». وأوضح أنهم شددوا على ضرورة التحقيق المحايد والمستقل في مجزرة 29 رمضان، وتحمل المجلس العسكري للمسؤولية عنها، وفك الحصار العسكري على الخرطوم وبقية المدن، وعودة القوات العسكرية إلى ثكناتها والسماح بحرية الإعلام، وإنهاء حالة التعتيم الإعلامي المضروب بمنع الإنترنت، وإطلاق الحريات العامة وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والتوقف عن إجراءات التضييق الأمني على المواطنين. من جانبه، أكد السفير المصري بالخرطوم حسام عيسى، حرص بلاده على أمن واستقرار السودان، قاطعاً بوقوف مصر على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية في السودان، حسب بيان صادر عن السفارة المصرية بالخرطوم. وشدد عيسى على احترام مصر الكامل لاستقلالية القرار السوداني، ودعمها له والمساندة في تنفيذه بما يحقق تطلعات الشعب السوداني وثورته العظيمة. وقال البيان: عيسى التقى بعضو وفد تفاوض الحرية والتغيير والقيادي بتحالف الإجماع الوطني والحزب الاتحادي المعارض عصام أبو حسبو، في إطار لقاءات السفارة المصرية المستمرة مع القوى السودانية وقيادات قوى الحرية والتغيير، مشيرا إلى أن السفير استمع لوجهة نظر أبو حسبو فيما يتعلق بتطورات الأوضاع في السودان.
وفي غضون ذلك، تصاعدت وتيرة الاحتجاجات التي دعت لها «قوى إعلان الحرية والتغيير»، وبحسب صفحة تجمع المهنيين السودانيين، فإن عددا من أحياء الخرطوم وبعض مدن البلاد ومؤسسات عامة دونت اسمها فيما يطلق عليه «دفتر الحضور الثوري». وقال إن بعض أحياء الخرطوم نظمت مواكب احتجاجية أمس، فيما العاملون في شركة (MTN) ثالث شركات الاتصالات بالبلاد، نظموا وقفة احتجاجية حاشدة أمام مباني الشركة بالخرطوم، طالبوا خلالها بتسليم السلطة لحكومة مدنية، ورفعوا لافتات منددة بقتل المعتصمين السلميين أمام القيادة العامة.
من جهة أخرى، نظم معلمو مدينة ود مدني وسط البلاد وقفة احتجاجية، قدموا خلالها مذكرة طالبوا فيها بإقالة طاقم الإدارة بوزارة التربية، وأعلنوا خلالها رفضهم لإعادة فتح المدارس في ظل الظروف الحالية التي تشهدها البلاد. وأعادت مشاهد المواكب والاحتجاجات التي شهدتها بعض مناطق الخرطوم ومدن البلاد إلى الذاكرة الشعبية، مشاهد الاحتجاجات التي استمرت قرابة أربعة أشهر، وأدت في النهاية إلى إسقاط حكومة البشير وعزله.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.