خوف ونقمة في صفوف النازحين السوريين بلبنان بسبب حملات التحريض

نازحون سوريون خلال احتفال بافتتاح مدرسة في بلدة سعدنايل بالبقاع اللبناني في ابريل الماضي (أ.ب)
نازحون سوريون خلال احتفال بافتتاح مدرسة في بلدة سعدنايل بالبقاع اللبناني في ابريل الماضي (أ.ب)
TT

خوف ونقمة في صفوف النازحين السوريين بلبنان بسبب حملات التحريض

نازحون سوريون خلال احتفال بافتتاح مدرسة في بلدة سعدنايل بالبقاع اللبناني في ابريل الماضي (أ.ب)
نازحون سوريون خلال احتفال بافتتاح مدرسة في بلدة سعدنايل بالبقاع اللبناني في ابريل الماضي (أ.ب)

تكبر الأزمات المرتبطة بالوجود السوري في لبنان؛ عملاً ولجوءاً، مع إزالة مخيمات بمن فيها في بعض المناطق وإقفال المتاجر التي يملكها أو يديرها سوريون، ومع الإجراءات التي أطلقها وزير العمل المنتمي إلى حزب «القوات اللبنانية» كميل أبو سليمان لتنظيم «العمالة الأجنبية»، بالتزامن مع الحملة المستمرة لوزير الخارجية ورئيس «التيار الوطني الحر» الذي لا يوفر منصة أو تغريدة مطالباً بعودة السوريين إلى بلادهم والدفاع عن «الوجود اللبناني» الذي يعدّه مهدداً بسبب النزوح السوري.
وتقول النائبة بولا يعقوبيان لـ«الشرق الأوسط» إن «كل اللبنانيين يريدون عودة السوريين إلى بلادهم. لكن هناك من يتبع سياسة (فرّق تسد) التحريضية، وذلك لتغطية الفشل الذريع في إدارة الدولة بعد وعد بمهلة 100 يوماً لتحقيق الإنجازات أو تبدأ المحاسبة. وقمة الفاشية في وضع كل الأخطاء على مجموعة، مع التغني بالتفوق والجينات المميزة، والتخوين... في حين يجب العمل بجدية وليس بشعبوية، لأن قضية اللاجئين السوريين أكبر من لبنان وأكبر من الذين يطلقون حملاتهم. ومن لديه علاقات جيدة مع الرئيس السوري بشار الأسد، عليه أن يعمل على هذا الملف وليس على أي أمر آخر. لذا الوعي من السوريين واللبنانيين هو المطلوب، فخطاب الكراهية ينعكس على الشعبين؛ خصوصاً أن المدى الحيوي الوحيد للبنان هو سوريا».
وفي حين تحمل وجهات النظر حيال معالجة أزمة الوجود السوري كثيراً من التناقض، مما دفع ناشطين لبنانيين وسوريين إلى التظاهر «ضد خطاب الكراهية»، يعكس مشهد السوريين في لبنان خوفاً ونقمة لم تعد خافية. ولا تقتصر هذه النقمة على النخب التي تشارك في نشاطات تعدّ أن العنصرية تتحكم في تصريحات بعض المسؤولين اللبنانيين... فأي عامل سوري حاضر ليقدم أطروحة عما يتعرض له السوريون في لبنان من قمع.
أحد هؤلاء النازحين وفي إجابة عن رد فعله تجاه الحملة القاضية بالحد من العمالة الأجنبية، اكتفى بأن عرض من هاتفه الجوال تسجيلاً لتصريح باسيل الأخير عن أن أكثر المناطق السورية آمنة، وآخر للوزير أبو سليمان عن تنظيم العمالة السورية في لبنان، وثالثاً لبلدته في ريف حماة التي دمرت قبل نحو شهر، بأبنيتها المهدمة وأثاث البيوت المحطم على جوانب طرق خالية من البشر. وقال إن «10 عائلات بقيت في القرية من أصل 35 ألف شخص، بفعل القصف الممنهج الذي أدى إلى سقوطها. وبعد دخول الجيش النظامي تم تهجير العائلات العشر».
عامل آخر قال إن «الهجوم على الوجود السوري في لبنان، سببه الوحيد أنهم من الطائفة السنية، التي حولوها إلى شيطان يهدد العالم. والويل لهم إذا صدقنا أننا كذلك، حينها قد نتحول إلى قوة حاضرة للتنسيق مع سنّة لبنان لمواجهتهم إن هم استدرجونا إلى المواجهة».
وما يحصل في بيئة العمال السوريين يتزامن مع تداول ناشطين بمواقع التواصل الاجتماعي بياناً يرفع شعار: «إضراب الكرامة»، موقعاً باسم «سوريون فقدوا الحياة في لبنان»، ويدعون فيه إلى مقاطعة التجار اللبنانيين والقطاعات الاقتصادية الحيوية في لبنان لمدة 3 أيام بدءاً من يوم الخميس المقبل، احتجاجاً على الإجراءات الحكومية بحق السوريين.
لكن مدير الأبحاث في «مركز عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية» في الجامعة الأميركية، الدكتور ناصر ياسين، يوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الحملة مشكوك ف يأمرها، فالسوريون الذين يتحركون في إطار المجتمع المدني لا علم لهم بها. وهي تزيد الحساسية بين النازحين واللبنانيين بشكل عام. والأهم أن حملات الكراهية والعنصرية تشكل خطراً، سواء أتت من السوريين أو من اللبنانيين».
الناشطة السورية عليا منصور تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعوة مشبوهة، ولا أحد يعرف مصدرها، وهي لزيادة التحريض بين السوري واللبناني. ويستفيد منها النظام السوري وأتباعه، كما يستفيد منها من يحرض على السوريين في لبنان، بإظهارهم ناكرين للجميل وكارهين للبنانيين».
وتعدّ منصور أن «الحملات السياسية لا تعالج أزمة الوجود السوري في لبنان، لأن المعالجة بيد بشار الأسد الذي يمنع السوريين من العودة إلى بلدهم. وقد أوضح المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم المسألة بقوله إن العودة الآمنة للنازحين السوريين بحاجة إلى قرار سياسي كبير هو غير موجود اليوم، لذا كان العمل على الإعادة الطوعية لهم».
وتلفت إلى أن «أزمة الوجود السوري إلى تفاقم خلال الأشهر المقبلة مع حلول فصل الشتاء وهدم المخيمات وطرد من يسكنها. أما العمالة السورية فهي سابقة لملف اللجوء. وليس ذنب السوري أو أي كان إذا عُرضت عليه فرصة عمل من دون إجازة أو رواتب زهيدة ومن دون ضمانات. فهو يريد تحصيل رزقه».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.