التوتر في الخليج يهيمن على مباحثات أمير الكويت في بغداد اليوم

وزيرا خارجية البلدين ناقشا هاتفياً محاولة التهدئة في المنطقة

TT

التوتر في الخليج يهيمن على مباحثات أمير الكويت في بغداد اليوم

يبدأ أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، اليوم، زيارة رسمية إلى العراق يبحث خلالها العلاقات الثنائية بين البلدين وأبرز القضايا والمستجدات على الساحة الإقليمية. ويتوقع أن تكون الأزمة الراهنة بين واشنطن وطهران حاضرة في مناقشات الشيخ صباح الأحمد مع المسؤولين العراقيين.
ويدعو كل من العراق والكويت لاحتواء التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران عبر الجهود الدبلوماسية.
وتأتي هذه الزيارة في ظل التوترات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الخليج واستهدفت سلامة الإمدادات النفطية عبر تخريب وضرب السفن النفطية والتجارية المدنية في المياه الإقليمية للإمارات وخليج عمان.
وكان وزير الخارجية العراقية محمد علي الحكيم أجرى أول من أمس اتصالاً هاتفيّاً مع نظيره الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح. وقالت الخارجية العراقية إن الجانبين بحثا «العلاقات الثنائية بين البلدين، وسُبُل الارتقاء بها إلى ما يُلبِي طموح الشعبين الشقيقين». وأضافت أن الوزيرين «تباحثا حول مُجمَل مُستجدّات الأوضاع في المنطقة، ومحاولة تهدئتها بما يصبُ في صالح استقرار الجميع». وقالت إن الوزيرين اتفقا على استمرار التشاور في المرحلة القادمة، والتنسيق بشأن مُختلِف الموضوعات التي تهمُ البلدين، ولا سيما القضايا الإقليميّة.
وقال السفير العراقي لدى الكويت علاء الهاشمي أمس إن زيارة الشيخ صباح الأحمد الرسمية للعراق «تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين»، مؤكدا أن الزيارة تأتي استجابة لدعوة من الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي. وأشار إلى أن الزيارة «تعد استكمالا للزيارات عالية المستوى بين البلدين الشقيقين، وتأكيدا لروح التعاون والتفاهم عالي المستوى بين القيادتين العراقية الكويتية، مشيدا بمستوى تطور العلاقات الثنائية».
وخطت الكويت والعراق لتوثيق العلاقات الاقتصادية والسياسية بينهما، ووقع البلدان حزمة اتفاقيات للتعاون المشترك خلال الاجتماع الوزاري للجنة الكويتية العراقية المشتركة، الذي عقد في مايو (أيار) الماضي في الكويت بحضور وزير الخارجية العراقي.
وقال نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله، إن هناك توافقا كويتياً عراقيا على حل الكثير من القضايا العالقة، في إطار العلاقات المتميزة بين البلدين.
وتوقع مصدر مقرب من الحكومة العراقية أن تشهد الزيارة «توقيع اتفاقيات تعاون جمركي مهم بين البلدين وقضايا لها صلة بمرور السفن عبر المياه الإقليمية الكويتية إلى العراق». وكشف المصدر وجود «رغبة كويتية في مراجعة ملف التعويضات المستحقة على العراق شرط أن يحصل الكويت على عقود استثمار مجزية ومحمية في العراق».
وهناك أيضا، والكلام للمصدر «حديث عن وجود اتفاق لتجهيز العراق بالطاقة الكهربائية من فائض الطاقة الموجود لدى الكويت، لكن هذا الاتفاق لن يكتمل في موسم الصيف الحالي».
بدوره، يرى عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان مثنى أمين أن «زيارة أمير الكويت على قدر كبير من الأهمية، لجهة ما شاب العلاقة بين البلدين من محطات خلاف تاريخية وكبيرة سابقا، ونقاط اقتراب وتفاهمات مشتركة حاليا». ويلمح أمين إلى «وجود قضايا كثيرة ستكون مثار نقاش واهتمام الجانبين، منها المتعلقة بمسألة ترسيم الحدود المعقدة برغم وجود قرارات دولية، كذلك هناك مشاكل في منطقة خور عبد الله وميناء مبارك، ولا ننسى مسألة المفقودين الكويتيين والقتلى الذين ما زالت مشكلتهم قائمة».
وحول التعويضات المستحقة للكويت بذمة العراق، ذكر أمين أن «هناك إشارات إيجابية من الجانب الكويتي لحل هذه المسألة، لكن قرارا لم يتخذ حتى الآن وأتوقع أن يحرز هذا الملف تطورا جيدا خلال هذه الزيارة». ويضيف: «إجمالا ستكون الزيارة مفيدة، والكويت لها مواقف إيجابية كثيرة مع العراق خلال السنوات الأخيرة، ولها تمثيل دبلوماسي جيد في العراق، كما أن المسؤولين الكويتيين سبق وأن زاروا العراق في مناسبات كثيرة قبل هذه الزيارة».
وطوى البلدان سنوات من القطيعة بعد احتلال العراق للكويت في أغسطس (آب) 1990، واستأنفت بغداد والكويت علاقاتهما في 2003 في أعقاب إسقاط النظام العراقي السابق على يد قوات دولية قادتها الولايات المتحدة.
يذكر أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قام في 29 مارس (آذار) 2012 بزيارة تاريخية للعراق هي الأولى منذ الاحتلال العراقي لبلاده للمشاركة في فعاليات القمة العربية في دورتها العادية الـ23، وكانت الكويت نظمت في فبراير (شباط) 2018 مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار المناطق المحررة في العراق، واستطاع المؤتمر أن يحصل على تعهدات من الدول والجهات المشاركة بإجمالي إسهامات قدرها 30 مليار دولار كانت مساهمة الكويت ملياري دولار على هيئة قروض وتسهيلات ائتمانية وتبرعات.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.