تونس: مجلس النواب يقر تعديلات تُقصي مرشحين للرئاسة

TT

تونس: مجلس النواب يقر تعديلات تُقصي مرشحين للرئاسة

أقر مجلس النواب التونسي أمس تعديلات مثيرة للجدل للقانون الانتخابي، يمكن أن تقصي مرشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية المرتقبة في نهاية 2019.
وصوت مجلس نواب الشعب على تعديلات مختلفة تطرح شروطا جديدة على المرشح، بينها عدم قيامه بتوزيع مساعدة مباشرة لمواطنين، أو استفادته من دعاية سياسية. وهذا النص الجديد يمكن أن يحول دون ترشيح قطب الإعلام نبيل القروي، وسيدة الأعمال ألفة التراس رامبورغ.
في غضون ذلك، رجحت مصادر سياسية إجراء مشاورات حاسمة بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ويوسف الشاهد رئيس الحكومة الحالية، وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (حزب إسلامي مشارك في الحكم)، لمحاولة الخروج من حالة التأزم السياسي، وذلك قبل أشهر قليلة من موعد إجراء الانتخابات التونسية.
وأكدت المصادر ذاتها أن الهدف الرئيسي من وراء هذه المشاورات «استعادة التوافق بين الأطراف السياسية الفاعلة، والاتفاق على خريطة طريق تعيد القاطرة الوطنية إلى سكتها، وتجنب البلاد المزيد من الهزات، وتأمين الطريق لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة في أفضل الظروف».
وكان الرئيس قائد السبسي وراشد الغنوشي قد عقدا اجتماعا تاريخيا في العاصمة الفرنسية باريس صيف 2013، تمخض عنه توافق سياسي بينهما إثر انتخابات 2014. وخلال الأسابيع الأخيرة، ذكرت مصادر سياسية محلية أن الرئيس السبسي بصدد إعداد مبادرة سياسية لتجاوز الوضع السياسي المتأزم، وللتذكير بثوابت العمل السياسي بعد تكرر الجدل داخل البرلمان، وتعمق الخلافات بين الكتل البرلمانية بسبب حسابات سياسية وانتخابية. ولم تستبعد المصادر نفسها مشاركة نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل، في هذه المشاورات، خاصة بعد أن ذكرت الصفحة الرسمية لاتحاد الشغل أن الطبوبي أجرى لقاء مهما قبل أيام قليلة مع يوسف الشاهد، لكن دون أن تقدم تفاصيل إضافية حول هذا اللقاء.
ووفق مراقبين للشأن التونسي، فإن هذه المشاورات ستكون، إن كتب لها النجاح، مهمة للغاية اعتبارا للخلافات السياسية الحادة بين الائتلاف الحاكم، الذي يضم حركة النهضة وحركة تحيا تونس، وحركة مشروع تونس، وبين أحزاب المعارضة خاصة على مستوى المقترح الحكومي فيما يتعلق بتعديل القانون الانتخابي، ورفع العتبة الانتخابية من 3 في المائة إلى 5 في المائة كشرط للحصول على التمويل العمومي، ودخول البرلمان. علاوة على مقترح منع رؤساء المؤسسات الإعلامية والجمعيات الأهلية من الترشح للانتخابات المقبلة بذريعة حصولهم على تمويلات خارجية موجهة إلى جمعياتهم ومؤسساتهم الإعلامية، وإمكانية استغلال تلك التمويلات للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية السنة الحالية، هذا بالإضافة للحسم في الدعوات المتكررة إلى تأجيل الانتخابات في تونس نتيجة عدم توفر الظروف الانتخابية الملائمة.
وفي هذا السياق، وجه نبيل القروي، المرشح للانتخابات الرئاسية وصاحب قناة «نسمة» الفضائية الخاصة رسالة إلى نواب البرلمان، دعاهم فيها إلى الاحتكام لضمائرهم والشهادة بالحق فيما يخص منعه من الترشح للرئاسيات.
وأكد القروي أن المتضرر الوحيد من تعديل القانون الانتخابي هو العملية الانتخابية، والمسار الديمقراطي برمته في تونس، معتبرا أن الموافقة على تنقيح القانون الانتخابي تمثل «إهانة للشعب، وتفتح الباب للتلاعب بالانتخابات»، على حد تعبيره.
يذكر أن البرلمان التونسي يعقد جلستين عامتين يومي 18 و19 يونيو (حزيران) الحالي للنظر في عدة مشاريع قوانين، وانتخاب أعضاء هيئة الحوكمة الرشيدة، ومكافحة الفساد (هيئة دستورية).



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.